مؤيدون كثر لروسيا داخل أمريكا والعديد من الدول الأوروبية، ويتركز التأييد لروسيا في أمريكا في أوساط أنصار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، الذي وصف قبل يومٍ من الهجوم الروسي على أوكرانيا، استراتيجية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأنها "ذكيةٌ جداً".
ونُشِرَت تصريحات ترامب على منصات يوتيوب وتويتر وتطبيق المراسلة تليغرام، حيث شوهِدَت هذه التصريحات أكثر من 1.3 مليون مرة، حسبما ورد في تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية.
في برنامجه مساء الثلاثاء، حث مضيف قناة فوكس نيوز، تاكر كارلسون، الأمريكيين على التساؤل "لماذا أكره بوتين؟"، وتساءل عن سبب "عدم ولاء" الأمريكيين لروسيا إذا اندلعت الحرب.
معلقون وسياسيون يمنيون يقفون إلى جانب روسيا
وشارك المُعلِّقون اليمينيون، بمن فيهم كانديس أوينز وستيو بيترز وجو أولتمان، في المعركة عبر الإنترنت، بمنشورات كانت في صالح بوتين، ووصفت أفعاله ضد أوكرانيا بالعقلانية. قال أولتمان، صانع البودكاست المحافظ، في برنامجه هذا الأسبوع: "سأقف إلى جانب روسيا الآن".
وانتقد المعلق اليميني كانديس أوينز رد الولايات المتحدة في سلسلة من التغريدات، يوم الثلاثاء، قائلاً إن على الأمريكيين قراءة نص خطاب بوتين أمام مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة "لمعرفة ما يحدث في الواقع"، وأدعى أن عضوية الناتو المحتملة لأوكرانيا بمثابة تهديد لروسيا ويعني "نحن مخطئون".
وقال تولسي غابارد، الذي تحرك نحو اليمين منذ ترشح الحزب الديمقراطي للرئاسة في عام 2020، في برنامج فوكس نيوز شون هانيتي، يوم الإثنين، إن رد فعل بوتين هو رد فعل طبيعي على تهديد ناتو محتمل على طول حدود روسيا، وقال لهانيتي: "لقد أوضح بوتين طوال الوقت أن أمن روسيا، في رأيه، هو على المحك هنا".
كما انتقد السيناتور اليميني المثير للجدل، جوش هاولي (جمهوري من ولاية ميسوري)، بشكل متكرر، رد الولايات المتحدة، بما في ذلك في خطاب أرسل إلى وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين، في وقت سابق من هذا الشهر، ينتقد فيه دعم الولايات المتحدة لمنح أوكرانيا عضوية الناتو.
انتقد وزير الخارجية في عهد ترامب مايك بومبيو رد الولايات المتحدة، وقال إنه يحترم "رجل الدولة الموهوب" بوتين، لكنه أقر في تغريدة يوم الإثنين بأن بوتين "هو المعتدي"، حسبما ورد في تقرير لمجلة Forbes الأمريكية.
وفي مجموعات تليغرام، مثل مجموعة The Patriot Voice، ومجموعات فيسبوك، بما في ذلك Texas for Donald Trump 2020، انتقد الأعضاء طريقة تعامل الرئيس بايدن مع الصراع، وأعربوا عن دعمهم لروسيا، حيث قال البعض إنهم يثقون في بوتين أكثر من بايدن.
المفارقة أن بعض من أصغر أعضاء النخبة الروسية سناً، من بينهم أبناء رجال أعمال ومسؤولين كبار، جاهروا بمعارضتهم الهجوم الذي تشنه روسيا على أوكرانيا، وفق ما نشرته صحيفة The Independent البريطانية، السبت 26 فبراير/شباط 2022.
التأييد لروسيا في أمريكا ينتشر على الإنترنت
وتعكس المحادثات عبر الإنترنت كيف تغلغلت المشاعر المؤيدة لروسيا بشكل متزايد على تويتر وفيسبوك ويوتيوب، علاوة على تطبيقات المراسلة مثل تليغرام، وبعض الوسائط المحافظة. عندما هاجمت روسيا أوكرانيا هذا الأسبوع، انتشرت هذه الآراء، ما أدى إلى بث التعاطف -وحتى الموافقة- على الخطاب المؤيِّد للهجوم الروسي عبر الإنترنت.
إن التعليقات الإيجابية حول روسيا هي امتداد للحروب الثقافية وسياسات التظلُّم التي حرَّكَت اليمين في الولايات المتحدة في السنوات القليلة الماضية. في بعض هذه الدوائر، يحمل بوتين جاذبية الرجل القوي، حيث يُنظَر إليه على أنه شخصٌ يشقُّ طريقه ولا يدع الصوابية السياسية توقفه.
قال بروكينغ، الزميل البارز المقيم في المجلس الأطلسي الذي يدرس المنصات الرقمية: "يجسد بوتين القوة التي تظاهر بها ترامب. بالنسبة لهؤلاء الأفراد، لم تكن أفعال بوتين مأساة، بل لقد تحقَّق ما يحلمون به".
يجري الآن التعبير عن دعم بوتين وروسيا عبر الإنترنت بمزيجٍ من الحقائق والملاحظات والآراء، وأحياناً تتشابك مع الأكاذيب. في الأيام الأخيرة، أثنى المُعلِّقون على بوتين واتهموا الناتو زوراً بانتهاك الاتفاقيات الإقليمية غير القائمة مع روسيا، والتي قالوا إنها تبرِّر إعلان الرئيس الروسي الهجوم على أوكرانيا، وفقاً لمراجعة منشورات أجرتها صحيفة New York Times الأمريكية.
الحرب هدفها القضاء على تجارة الجنس التي تقودها النخب العالمية
ونشر آخرون نظريات مؤامرة معقَّدة حول الحرب، ممزوجةً بتأييدٍ لروسيا. في إحدى الكذبات الشائعة التي يجري تداولها عبر الإنترنت، أن الحرب تدور حول القضاء على عصابة من النخب العالمية بسبب الاتجار بالجنس.
إجمالاً، ارتفعت الروايات الموالية لروسيا على وسائل التواصل الاجتماعي باللغة الإنجليزية، وعلى التلفزيون، وفي المطبوعات، والمنصات عبر الإنترنت، بنسبة 2580% في الأسبوع الماضي، مقارنةً بالأسبوع الأول من فبراير/شباط، وفقاً لتحليل أجرته شركة Zignal Labs للرؤى الإعلامية. وبحسب الشركة، ظهرت تلك الإشارات 5740 مرة في الأسبوع الماضي، ارتفاعاً من 214 في الأسبوع الأول من فبراير/شباط.
وازدهرت الروايات في العشرات من قنوات تطبيق تليغرام ومجموعات وصفحات فيسبوك، علاوة على آلاف التغريدات على تويتر، وفقاً لمراجعة صحيفة New York Times الأمريكية. وتضم بعض قنوات تليغرام أكثر من 160 ألف مشترك، بينما تضم مجموعات وصفحات فيسبوك ما يصل إلى 1.9 مليون مشترك.
بيد أن من الصعب تحديد نطاق الروايات الموالية لروسيا على وسائل التواصل الاجتماعي والمنتديات عبر الإنترنت، لأن الروبوتات والحملات المنظمة تجعل تتبعها صعباً.
لم يكن هناك مثل هذا التأييد لروسيا خلال الحرب الباردة
تعتبر المشاعر المؤيدة لروسيا خروجاً صارخاً عما كانت عليه خلال الحرب الباردة، عندما كان العديد من الأمريكيين ينظرون إلى الاتحاد السوفييتي على أنه عدو. في السنوات الأخيرة، تغيَّرَ هذا الموقف. قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، استخدمت الجماعات المدعومة من الكرملين شبكات التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك لتأجيج الناخبين الأمريكيين، وخلق المزيد من الانقسامات ومقاومة الصوابية السياسية.
وبعد انتخاب ترامب، بدا الرئيس الأمريكي السابق في الأغلب مُعجَباً ببوتين. وقال باحثون في مجال المعلومات الخاطئة إن هذا زرعٌ لنظرةٍ أكثر إيجابية عن بوتين بين مؤيدي ترامب.
وقالت ميليسا رايان، الرئيسة التنفيذية لشركة Card Strategies، وهي شركةٌ استشارية تبحث في المعلومات المضللة: "لقد استثمر بوتين بكثافة في زرع الفتنة، ووجد حليفاً له في ترامب". وأضافت: "أي شخص يدرس المعلومات المضللة أو اليمين المتطرف قد رأى تأثير استثمار بوتين".
في الوقت نفسه، انتشرت نظريات المؤامرة على الإنترنت، ما أدى إلى استقطاب شديد بين الأمريكيين. إحداها كانت حركة QAnon، التي افترضت خطأً أن الديمقراطيين هم مهرِّبو أطفال يعبدون الشيطان وهم جزءٌ من عصابة النخبة التي تحاول السيطرة على العالم.
وقال باحثو المعلومات المضللة إن الهجوم الروسي على أوكرانيا يُنظَر إليه الآن من قِبَلِ بعض الأمريكيين من منظور نظريات المؤامرة. وما يقرب من 41 مليون أمريكي يؤمنون بنظرية مؤامرة QAnon، وفقاً لمسحٍ نُشِرَ يوم الخميس، 24 فبراير/شباط، من المعهد العام لأبحاث الدين. وهذا الأسبوع، قال بعض أتباع QAnon على الإنترنت إن هجوم بوتين على أوكرانيا كان ببساطة المرحلة التالية في حربٍ عالمية ضد المتاجرين بالجنس.
وقالت ليزا كابلان، مؤسسة Alethea Group، وهي شركة تساعد في مكافحة التضليل عبر الإنترنت، إن التصريحات المؤيدة لروسيا قد تكون ضارةً لأنها قد "تضفي مزيداً من الشرعية على الادعاءات الكاذبة أو المضللة في نظر الشعب الأمريكي".
وليس كلُّ الخطاب اليميني على الإنترنت مؤيداً لروسيا، وقد أدان مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي المحافظون والمعلِّقون والسياسيون الجمهوريون تصرفات بوتين، حتى عندما انتقد البعض طريقة تعامل بايدن مع الهجوم الروسي.