نفى الممثلون القانونيون لعلاء وجمال مبارك، في بيان، وجود أي حسابات بنكية لنجلَي الرئيس المصري الراحل حسني مبارك لم يتم الكشف عنها رسمياً، في أول تعليق لهما على تقارير لصحف أجنبية كشفت تسريبات لحسابات سرية لمسؤولين من دول عدة في مصرف كريدي سويس السويسري، بينهم علاء وجمال مبارك.
علاء مبارك أعاد، الأربعاء 23 فبراير/شباط 2022، نشر تغريدة بحسابه الشخصي على "تويتر"، تضم البيان المذكور، كتب فيها: "أشكرك على اهتمامك بنشر البيان الصحفى الذي تم توزيعه على وسائل الإعلام في 21 فبراير/شباط 2022. أرفق الروابط التالية لمن يريد الاطلاع على البيان والبيانات الاخرى ذات الصلة من مصدرها".
بيان الممثلين القانونيين عن علاء وجمال مبارك، الذي تم تداوله بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وأثار سخرية على تويتر ونقلته صحف مصرية، أورد أن جميع ممتلكات نجلي الرئيس المصري الراحل حسني مبارك تم الإفصاح عنها من قبل.
كما أضاف البيان الذي لم يظهر فيه اسم الممثلين القانونيين، أنهم تواصلوا مع وسائل الإعلام التي نشرت التقارير، وتم إطلاعها على أدلة مفصلة تتعلق بالتحقيقات الكاملة والمستفيضة التي أجريت مع علاء وجمال مبارك على مدار ما يقرب من عقد من الزمان، من قِبل مختلف الجهات القضائية، وضمن ذلك في سويسرا، على حد قولهم.
كما أوضح ممثلو علاء وجمال مبارك أنهم لن يعلقوا على أي ادعاءات تتعلق بأي حسابات مصرفية لموكليهما، لكنهم أكدوا أن جميع ممتلكاتهما في مصر وخارجها تم الإفصاح عنها بشكل كامل وشفاف وفقاً للقوانين المعمول بها، وهو ما أكدته التحقيقات القضائية التي امتدت معهما لما يزيد على عشر سنوات، كما أكدوا أن ممتلكات نجلي الرئيس الراحل مستمدة من أنشطتهما المهنية المشروعة.
وتابع البيان أنه بعد 10 سنوات من التحقيقات المستفيضة لم تكتشف أي سلطة قضائية معنية في أي مكان، أي انتهاك قانوني من أي نوع من قِبل أي من أفراد أسرة الرئيس مبارك فيما يتعلق بالأموال أو الحسابات المصرفية التي يحتفظون بها، وعلى الأخص فيما هو متعلق بعلاء وجمال مبارك، على حد قولهم.
وحث ممثلو علاء وجمال مبارك وسائل الإعلام على أن تكون التغطية الإعلامية في هذا الصدد مبنية على الوقائع الموضوعية بدلاً من الادعاءات التي لا أساس لها من الصحة، والتي تحركها في معظمها اعتبارات سياسية وافتراضات كاذبة، على حد وصف البيان.
ويأتي هذا بعد أن كشفت بيانات بنكية من مصرف "سويس كريدي"، ثاني أكبر البنوك في سويسرا، تفاصيل عن حسابات مصرفية ضخمة لشخصيات مصرية، شملت نجلي الرئيس المصري الأسبق الراحل حسني مبارك، والرئيس السابق لجهاز المخابرات بمصر عمر سليمان.
إذ كان من بين عملاء البنك نجلا مبارك، علاء وجمال، اللذان أسسا إمبراطوريات تجارية في مصر، وامتدت علاقة الأخوين بالبنك لعقود، مع فتح أول حساب مشترك لهما في عام 1993.
بحلول عام 2010 -العام الذي سبق الثورة الشعبية التي أطاحت بوالدهما- صار حساب يملكه علاء يضم 232 مليون فرنك سويسري (أكثر من 252 مليون دولار).
كان علاء وجمال مبارك قد حوكما بمصر، وفي العام 2015 حكمت محكمة مصرية على الأخوين ووالدهما بالسجن ثلاث سنوات بتهمة الاختلاس والفساد.
في النهاية، دفع علاء وجمال مبارك ما يُقدر بنحو 17.6 مليون دولار للحكومة المصرية في اتفاق تسوية دون الإقرار بالتهم الموجهة إليهما، وفق تقارير صحفية بريطانية.
كان محامو الأخوين قد رفضوا أي تلميح إلى أنهما فاسدان، قائلين إنَّ حقوقهما انتُهِكَت خلال القضية المصرية، وإنَّ 10 سنوات من التحقيقات الواسعة النطاق والمتداخلة في أصولهما العالمية من قِبل السلطات الأجنبية لم تكشف عن أية انتهاكات قانونية، حسب قولهم.
سخرية على تويتر
لكن بيان الرد لم يمر مرور الكرام، فقد أثار ضجة واسعة وحالة من السخرية على مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ علق رواد تويتر على البيان بردود ساخرة، كما استغرب بعضهم إنكار الممثلين القانونيين امتلاك نجلي الرئيس المصري الراحل حسابات بنكية في سويسرا، متسائلين عن دور القضاء المصري والحكومة في كشف الحقائق.
المغرد مصطفى عثمان علق قائلاً: "يا خسارة، لو كان مصر فيها حكومة أو إعلام أو نائب عام أو حُماة الوطن كانوا علَّقوا على تقرير بنك سويسرا وتهريب علاء مبارك وعمر سليمان وهشام طلعت مصطفى أموال الشعب الفقير قوي".
فيما كتب المغرد الذي يطلق على نفسه "كيمو" ساخراً: "يا عزيزي كلنا لصوص".
فيما علق المغرد حمدي قائلاً: "هو انت فاكر إن ولاد مبارك معملوش مليارات من البلد، ناس أبوهم ماسك البلد بكل خيرها طبعاً هيعملوا مليارات، أصل مين يقدر يحاسبهم وقتها؟ محدش، انت مش في دولة أوروبية فيها الكبير والصغير بيتحاسب، ولو انت فاكر غير كده دى مشكلتك انت".
تسريبات لحسابات سرية بسويسرا
ويأتي هذا بعدما نشر العديد من وسائل الإعلام الدولية، الأحد، بيانات مسربة تحتوي على تفاصيل عن آلاف الحسابات البنكية في بنك "سويس كريدي"، والتي يعود تاريخها إلى أربعينيات القرن الماضي حتى عام 2010.
هذه البيانات التي تم الكشف عنها حصلت عليها صحيفة "زود دويتشه تسايتونغ" الألمانية، التي قالت إن مصدراً مجهولاً أرسلها إليها على صندوق بريد آمن، وأشارت الصحيفة إلى أنه من غير الواضح ما إذا كان المصدر الذي أرسل المعلومات شخصاً واحداً أم مجموعة.
صحيفة The Guardian البريطانية نشرت تفاصيل البيانات المسربة، وقالت إن بنك "سويس كريدي" حقق نجاحات مع المؤسسة السياسية المصرية في ظل حكم مبارك، الذي كان رئيساً لثلاثة عقود حتى عام 2011.
بينما رفضت الحكومة السويسرية الرد على تصريح حزب الشعب الأوروبي، لكنها قالت إن البلاد تستوفي المعايير الدولية المتعلقة بتبادل المعلومات الضريبية وغسل الأموال والتمويلات المتعلقة بالأنشطة الإرهابية والفساد.
من جانبه، قال بنك "كريدي سويس" إنه يرفض بشدةٍ أي مزاعم بارتكاب مخالفات، وإن التقارير الإعلامية استندت إلى "معلومات جزئية أو غير دقيقة أو انتقائية مأخوذة من خارج سياقها"، على حد قوله.
ردود فعل غاضبة
بدوره، قال توم كيتنغ، مدير مركز الدراسات الأمنية والجريمة المالية لدى المعهد الملكي للخدمات المتحدة (RUSI)، إن الإدراج ضمن قائمة الاتحاد الأوروبي يمكن أن يحمل أثراً كبيراً وممتداً على البنوك السويسرية، وكذلك قطاعها المالي الواسع. وأضاف: "ثمة احتمالية لوقوع أضرار جانبية جسيمة".
كذلك، أبدى الساسة والمنظمات الإعلامية في سويسرا رد فعل غاضباً حيال اكتشاف أن الصحفيين الاستقصائيين السويسريين ممنوعون من المشاركة في التحقيق حول أسرار "سويس كريدي" بموجب قانون السرية المصرفية سيئ السمعة في سويسرا.
إذ إن القانون السويسري جرّم على مدى عقود من الزمان أي عملية كشفٍ عن المعلومات المصرفية عن طريق الموظفين الماليين؛ لكن في السنوات الأخيرة وُسعت نطاقات تطبيقه لتشمل الأشخاص من خارج القطاع المصرفي الذين يتلقون بيانات مصرفية، وهو ما يضم على الأرجح الصحفيين الاستقصائيين.
يشار إلى أن قائمة الاتحاد الأوروبي السوداء الخاصة بالأموال القذرة تضم حالياً أكثر من عشرين بلداً يُنظر إليها على أنها تشكو من نقص في قواعدها وممارساتها ضد غسل الأموال، ومن بينها إيران وميانمار وسوريا وكوريا الشمالية، وليست هناك دولة أوروبية واحدة ضمن هذه القائمة.
جدير بالذكر أنه في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، نشر تحقيق آخر باسم "وثائق باندورا" شملت مزاعم بشأن ثروات نحو 35 من قادة العالم الحاليين والسابقين.