يستعد عمدة في جنوب إيطاليا لخوض معركة بعد صدور قرار بإلقاء 6000 طن من النفايات الإيطالية في دائرته، في أحدث فصل من نزاع نفايات استمر عامين بين إيطاليا وتونس، وفق ما ذكرته صحيفة The Independent البريطانية، الثلاثاء 22 فبراير/شباط 2022.
إذ تقرَّر أن تصبح دائرة سيري في إقليم كامبانيا جنوبي البلاد مخزناً لـ 213 حاوية نفايات غير قانونية سافرت من إيطاليا إلى تونس في يوليو/تموز عام 2020، ثم عادت إليها الأحد 20 فبراير/شباطن بعد أن أثارت ضجة في تونس.
شحنة نفايات مشبوهة
كانت شحنة النفايات الإيطالية قد أُرسلت إلى تونس قبل عامين تحت ستار النفايات القابلة لإعادة التدوير، وهي معاملات شائعة بين الدول الغنية التي ترغب في خيارات إعادة تدوير رخيصة والبلدان النامية التي تبحث عن مصادر بديلة للدخل.
لدهشة ضباط الجمارك التونسيين، لم تكن الشحنة التي أرسلتها عبر البحر المتوسط شركة معالجة النفايات Sviluppo Risorse Ambientali في إقليم كامبانيا تحمل نفايات بلاستيكية، وإنما أدوات منزلية متحللة ونفايات طبية يمنع القانون التونسي استيرادها.
احتُجزت هذه النفايات غير القانونية في مدينة سوسة الساحلية، وظلت هناك لأكثر من عام، ما أثار استياء دعاة حماية البيئة في البلاد. وخلال هذا الوقت، اشتعلت النيران في 70 حاوية وخضع 26 تونسياً للتحقيق بتهمة الفساد، وكان من ضمنهم ضباط جمارك ووزير البيئة آنذاك مصطفى العروي.
بعدها أقيل العروي من منصبه واعتُقل لتورطه في صفقة الاستيراد. وبعد أشهر من المحادثات بين البلدين، توصّلا إلى اتفاق يوم الجمعة 18 فبراير/شباط يقضي بشحن النفايات إلى إيطاليا، وتحديداً إلى مقاطعة ساليرنو.
تثير الجدل في إيطاليا
لكن لم تتوصل السلطات لحل نهائي بعد بخصوص هذه النفايات الإيطالية السامة. وقد نُقلت الثلاثاء 22 فبراير/شباط بالشاحنات من ساليرنو إلى قرية بيرسانو الريفية المجاورة لمحمية طبيعية تحت رعاية الصندوق العالمي للحياة البرية، وستظل هناك لمدة 6 أشهر.
إذ قال عمدة دائرة سيري، فرانكو مينيلا، لصحيفة La Repubblica: "لا نريد هذه النفايات، وسنمنعها بأي وسيلة".
كان مينيلا قد دعا المواطنين مطلع هذا الأسبوع إلى التجمع في موقع تخزين النفايات يوم الثلاثاء للاحتجاج على قرار السلطات المحلية في كامبانيا بتحويل دائرتهم إلى مكب للنفايات.
كما كتب مينيلا على صفحته على فيسبوك: "سنتبع كافة السبل القانونية والإدارية، وبجانب ذلك سننفذ كل شكل من أشكال الاحتجاج السلمي على الأرض لمنع وصول هذه الحاويات المحملة بالنفايات".
أضاف رئيس البلدية: "أناشد المواطنين … المشاركة في هذه المعركة المهمة والحاسمة لحماية البيئة والصحة العامة والحفاظ عليهما".
النفايات الإيطالية أثارت غضباً بتونس
كانت قضية النفايات الإيطالية قد فجّرت فضيحة في تونس، وأثارت تحركات احتجاجية أعرب خلالها متظاهرون عن رفضهم أن تكون بلادهم "مزبلة" إيطاليا.
يُحاكم في الوقت الحالي 26 شخصاً، بينهم وزير البيئة السابق مصطفى العروي، لتورّطهم المحتمل في الاستيراد غير القانوني لهذه الشحنة من النفايات الإيطالية المنزلية.
كذلك أوقفت السلطات ثمانية متّهمين، في حين لا يزال متّهم تاسع فاراً، وهو مدير الشركة المستوردة التي وقعت عقداً مع شركة إيطالية، للتخلص من 120 ألف طن من النفايات المنزلية مقابل 48 يورو للطن (تتجاوز قيمة الصفقة 5 ملايين يورو).
كان "عربي بوست" قد حصل في نوفمبر 2020 على معلومات بأن الشركة المسؤولة هي "Soreplast Polymers" ومالكها منصف نور الدين، الحاصل على شهادة قانون الأعمال سنة 2008 من الجامعة التونسية الحرة.
الممثل القانوني عن الشركة، مهدي نور الدين، علّق أيضاً في وقت سابق لـ"عربي بوست"، عما يُقال حول مخالفة الشركة للقانون فيما يتعلق باستيراد فضلات منزلية يجرِّمها القانون واتفاقية "بازل"، وقال إن "ما يروَّج كله مغالطات ومزاعم لا أساس لها من الصحة".