أكثر من خمس سنوات مرت على معاناة فظيعة للاعب الهولندي المنحدر من أصول مغربية، عبد الحق نوري، الذي تعرض لإصابة خطيرة خلال مباراة مع فريقه أياكس أمستردام، ليدخل في غيبوبة طويلة في ظل معاناته من أضرار جسيمة بالمخ.
تعرض اللاعب الشاب لأزمة قلبية داخل الملعب خلال مباراة أياكس أمام فيردر بريمن الألماني عام 2017، والذي حاول ناديه التنكّر له ورفض دفع تعويض مالي مُجز لعائلته، لكن محكمة التحكيم الرياضية أجبرته على منح أسرته 7.85 مليون يورو.
بعد جدل طويل، أكد أياكس إسدال الستار على نزاعه مع عائلة اللاعب، مشيراً إلى أنه سيدفع مبلغ التعويض كاملاً.
هكذا بدأت معاناة عبد الحق نوري
في ذلك اليوم المشؤوم (7 يوليو/تموز 2017)، كان أياكس أمستردام يخوض مباراةً وديةً أمام فيردر بريمن الألماني. وفي تلك المباراة سقط عبد الحق نوري على أرضية الملعب بعد تعرضه لأزمة قلبية وهو في الـ20 من عمره. حينها أقلّته طائرة مروحية إلى المستشفى، وبعد 5 أيام من الفحوصات تبين أن جزءاً من دماغه تعرض للتلف بسبب الأزمة القلبية.
خرج نوري من العناية المشددة بعد نحو أسبوعين، لكنه ظل في غيبوبة لعام كامل، ما يعني أن مشواره في الملاعب انتهى تماماً.
وأقر أياكس، في وقت لاحق، بأن العناية الطبية في الملعب لم تكن كافية واعترف بمسؤوليته عن العواقب، وقد ألغى عقده رسمياً في مارس/آذار 2020.
وأشارت عائلة نوري عام 2020 في برنامج تلفزيوني، إلى أنه حقق تحسناً على المستوى الصحي، وبات قادراً على إبداء تجاوب محدود مع عائلته، من دون أن يصل ذلك إلى حد التكلم أو القدرة على التحرك.
طريح الفراش منذ عام 2017
وقال شقيقه عبد الرحيم للبرنامج التلفزيوني "دي فيريلد درايت دور"، إن شقيقه "مستيقظ. ينام، يتناول الطعام، يتجشأ، لكنه لا يغادر السرير، وفي اللحظات الإيجابية ثمة شكل من أشكال التواصل، يحرّك حاجبيه، لكنه غير قادر على القيام بذلك مطولاً".
وأضاف: "عبد الحق يدرك أين هو. من الجيد بالنسبة إليه أن يكون في محيط يعرفه، مع عائلته. نتحدث إليه ونشاهد كرة القدم معه، ويعجبه ذلك. أحياناً يصبح الأمر مؤثراً جداً، لكن في غالبية الأحيان ثمة ابتسامة".
وقال مدير عام أياكس أدوين فان در سار، في 2018: "نتحمل مسؤوليتنا عن عواقب هذا الأمر".
وأظهرت التحقيقات أنه كان على أياكس استخدام جهاز مزيل الرجفان لعلاج اضطرابات دقات القلب الخطيرة.
ونشأ نوري بصفوف أياكس وتدرج في الفئات العمرية قبل أن ينتقل إلى صفوف الفريق الأول صيف 2016.
خاض 15 مباراة في صفوفه بداية موسم 2016-2017، واعتُبر من المواهب الشابة الواعدة في نادٍ عرف بتنشئة لاعبين بارزين انتقلوا في مراحل لاحقة إلى أندية أوروبية كبيرة.
وفاء كبير من زملائه
وكان زملاء عبد الحق نوري السابقون أكثر وفاء له من ناديه، إذ أصر عدد منهم على اختيار القمصان التي تحمل رقم 34 مع أنديتهم الجديدة، رغم أنه رقم غير مُفضل بالنسبة للاعبي كرة القدم، ووجود خيارات أخرى متاحة أمامهم.
خلف هذا الاختيار قصة وفاء عبّر عنها هؤلاء اللاعبون لزميلهم عبد الحق نوري، الذي كان يوم إصابته يحمل الرقم 34.
من هؤلاء اللاعبين كان دوني فان دي بيك، الذي حمل الرقم نفسه بعد انتقاله عام 2020 لنادي مانشستر يونايتد، إذ كان يرتبط بصداقة متينة مع نوري، حيث لعبا معاً في أكاديمية نادي أياكس أمستردام، قبل أن يتألق الأخير مع الفريق الأول، في وقت قضى نوري جلّ وقته في المستشفى.
وقال دي بيك عن سبب اختياره هذا الرقم، لموقع النادي على الإنترنت: "هذا أمر مميز بالنسبة لي بسبب صديقي العزيز عبد الحق نوري.. تعرض لأزمة قلبية وهو صديق مقرب لي هو وعائلته، كما أن شقيقه أحد أقرب أصدقائي وأتحدث كثيراً معهم. لهذا قررت أن أحصل على رقم قميصه القديم لأنني أرغب في تحقيق بعض الذكريات الجيدة مع هذا الرقم".
ولم يقتصر الأمر على فان دي بيك فقط، بل إن عدد من لاعبي أياكس الآخرين قاموا بنفس الخطوة، فقد اختار جاستين كلويفرت حين انتقاله لنادي روما الإيطالي عام 2018 القميص رقم 34، تكريماً لنوري، وكذلك فعل الألماني المنحدر من أصول لبنانية أمين يونس بعد انتقاله لنابولي الإيطالي.
كما حمل فيليب ساندلر نفس القميص حينما التحق بنادي مانشستر سيتي الإنجليزي، وفعل الأمر ذاته اللاعب كيفين ديكس بعد انضمامه لنادي فيورنتينا الإيطالي، وكذلك حمل جويل فيلتمان القميص رقم 34 مع برايتون.