ذكرت مجلة Foreign Policy الأمريكية، في تقرير لها، الخميس 17 فبراير/شباط 2022، أن البيت الأبيض يواجه مقاومةً لخطَّته من أجل تصنيف الحوثيين في اليمن منظمةً إرهابية أجنبية، في أعقاب ضغوطاتٍ عكسية شديدة من المعارضين الذين حذَّروا من أن الخطوة قد تُعجّل بانهيار اقتصاد اليمن وتُسرِّع انحدار أفقر دول المنطقة إلى المجاعة.
وفق المجلة الأمريكية، فقد قاد كبير مسؤولي الشرق الأوسط في البيت الأبيض، بريت ماكغورك، جهود فرض تصنيف المنظمة الإرهابية الأجنبية، لكن الخطط قوبلت بمعارضة من المسؤولين الأمريكيين الآخرين، خاصةً خلال اجتماعٍ لنواب الأمن القومي الأمريكي في الرابع من فبراير/شباط.
قد تزيد من مأساة اليمنيين
يخشى المسؤولون المعارضون للخطة من أنها قد تتسبب في معاناةٍ شديدة للمواطنين اليمنيين، بحسب مسؤولين أمريكيين وعمال إغاثة مطلعين على المداولات الداخلية. ولهذا قرر النواب إعادة النظر في المبادرة؛ لتقدير ما إذا كانت هناك وسائل أخرى يمكن اتخاذها دون تعطيل واردات الطعام، والدواء، وغيرها من الاحتياجات الأساسية في اليمن.
في حين نجد أن كبار مبعوثي الأمم المتحدة، وبعض مسؤولي الخارجية الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، والموردين الخاصين الذين ينقلون الإمدادات إلى اليمن، يدعون البيت الأبيض إلى إلغاء الخطة، بحسب مسؤولين مطلعين على المسألة.
بينما ناشد مارتن غريفيثس، كبير منسقي الإغاثة بالأمم المتحدة، مسؤول البيت الأبيض ماكغورك، في الثامن من فبراير/شباط، إعادة النظر في خطط المضي قدماً في التصنيف. إذ استشهد بتأثيره المدمر المحتمل على واردات الإمدادات التي تنقذ حياة الناس في اليمن. لكن ماكغورك طمأن غريفيثس خلال الاجتماع، بأن الولايات المتحدة أجلت تلك الخطط في الوقت الحالي، بحسب مسؤولين جرى إطلاعهم على تفاصيل الاجتماع.
كما أردف ماكغورك أن واشنطن تريد مواصلة مناقشاتها مع الأمم المتحدة حول تأثير الإجراءات العقابية ضد الحوثيين على الأوضاع الإنسانية في اليمن.
يعتمد هذا الخبر على مقابلات أُجرِيَت مع سبعة مسؤولين أمريكيين، ودبلوماسيين أجانب، وعاملي إغاثة إنسانية منخرطين في السياسة المتعلقة بحرب اليمن، إلى جانب وثائق سرية للأمم المتحدة تسرد النقاشات حول المسألة.
مقترح آخر من بايدن
جادل مسؤولون وعمال إغاثة إنسانية معارضون للخطة، أمام البيت الأبيض، بأن تصنيف المنظمة الإرهابية الأجنبية سيكون له تأثيرٌ مرعب على الجماعات الإنسانية والشركات الخاصة التي توزع الإمدادات الضرورية بشدة للمدنيين المحاصرين في اليمن -وغالبيتهم على حافة المجاعة- رغم الإعفاءات الحكومية للجماعات الإنسانية من العقوبات.
في حين تضمَّن خيارٌ آخر تدرسه إدارة بايدن، إدراج الحوثيين باعتبارهم منظمة إرهابية محددة خصوصاً.
يُعتبر هذا التصنيف أقل من المنظمة الإرهابية الأجنبية، حيث يفرض العقوبات دون إطلاق دعاوى جنائية تلقائياً. كما أن الولايات المتحدة يمكنها أيضاً استهداف قادةٍ حوثيين معينين بعقوبات إرهابية مصممة خصوصاً لزيادة الضغط على الجماعة.
بينما حذَّر سكوت بول، المدير البارز في السياسات الإنسانية بمنظمة Oxfam، من أن الشركات التي تنقل الإمدادات الحيوية مثل الطعام والوقود إلى اليمن، قد تعلِّق عملياتها؛ خوفاً من التدقيق القانوني فيها نتيجة تصنيف المنظمة الإرهابية الأجنبية، بغضّ النظر عن التراخيص التي ستصدرها الحكومة الأجنبية لإعفائهم من العقوبات.
كما حذَّر من أن تصنيف المنظمة الإرهابية الأجنبية سيكون له تأثيرٌ كبير على اقتصاد اليمن المتداعي، الذي يرزح بالفعل تحت ضغوط سنواتٍ من الحرب ويعيش فقط على الحوالات الأجنبية التي قد تتوقف تماماً في حالة فرض تصنيف المنظمة الإرهابية الأجنبية.
مذكرة من الأمم المتحدة
وقد صاغت الأمم المتحدة ورقةً داخلية تُفصّل التأثير الإنساني المحتمل لهذا التصنيف على جهود الإغاثة.
حيث حصلت مجلة Foreign Policy الأمريكية على نسخةٍ من المذكرة السرية التي تصل إلى خمس صفحات، وتقول إن الإعفاءات لتسليم المساعدات الإنسانية لن تكفي لدرء الكارثة الإنسانية الضخمة. كما أشارت المذكرة إلى أن الموردين الخاصين هم المسؤولون عن 85% من واردات الطعام في البلاد.
جاء في المذكرة أيضاً: "يحتاج اليمنيون إلى الواردات التجارية من أجل النجاة. ووكالات الإغاثة لا يمكنها أن تحل محل الواردات التجارية".
كما أضافت أنه "في حال توقُّف الإمداد، سيجوع مزيد من اليمنيين. كما يخاطر التصنيف بإخافة الموردين التجاريين الأجانب وزيادة عرقلة الاقتصاد. وهناك بالفعل مؤشرات على أن واردات الطعام والاحتياجات الأخرى ستتراجع في حال فرض التصنيف".