الرئيس التونسي يعلن حل المجلس الأعلى للقضاء رسمياً.. والاتحاد الأوروبي يعرب عن “قلقه البالغ”

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/07 الساعة 20:09 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/08 الساعة 05:17 بتوقيت غرينتش
الرئيس التونسي قيس سعيد - رويترز

أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد، مساء الإثنين 7 فبراير/شباط 2022، حل المجلس الأعلى للقضاء (هيئة دستورية مستقلة) بشكل رسمي، فيما عبَّر الاتحاد الأوروبي عن بالغ قلقه جرّاء تلك الخطوة التي يرى البعض أنها تؤذن ببدء صراع جديد حول سعي الرئيس للاستئثار بالسلطة منفرداً.

حيث قال سعيد، خلال لقائه مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن رمضان: "المجلس الأعلى للقضاء تم حله، وإن المرسوم (الرئاسي) بخصوص ذلك أصبح شبه جاهز".

بينما استدرك سعيد قائلاً: "لكنني لن أتدخل في القضاء أبداً، وقد تم اللجوء إلى الحل، لأنه بات ضرورياً، وحان الوقت لوضع حد للمهازل التي تحصل ونستمع إليها"، على حد قوله.

فيما أردف، في تسجيل مصور بثته صفحة الرئاسة التونسية: "لا أريد أن أجمع السلطات، وأريد أن يكون هناك دستور نابع من الإرادة الشعبية"، كما أكد أن "مشروع مرسوم الصلح الجزائي بات جاهزاً، وسيتم عرضه على مجلس الوزراء خلال اجتماعه القادم".

"تطهير البلاد"

كما تابع: "لا أريد أن أتحدث عن عدد من الأسماء، لكن من اعتبر القضاء أداة لتحقيق مآربه الشخصية أو السياسية فليعلم منذ الآن أنه لن يتمكن من التسلل إلى قصور العدالة"، دون أن يحدد أياً من تلك الأسماء.

في حين جدد سعيد تشديده على أنَّ "عمل القضاء هو وظيفة صلب الدولة التونسية وليس من دوره التشريع (أي إنه لا يسنُّ القوانين بل يعمل بها)".

قيس سعيد الإعدام المجلس الأعلى للقضاء في تونس
الرئيس التونسي قيس سعيد – الأناضول

وشدد على أن "قرار الحل جاء لتطهير البلاد (من الفساد)، والتطهير لا يتم إلا بوجود قضاء عادل، الجميع متساوون أمامه، ليس كما يحصل اليوم، حيث لا عقاب للمجرمين، والبعض مُحْتمٍ بأفراد تسللوا داخل السُّلطة وداخل القضاء".

والمجلس الأعلى للقضاء هو هيئة دستورية مستقلة، من مهامها ضمان استقلالية القضاء ومحاسبة القضاة ومنحهم الترقيات المهنية، وهو إحدى الهيئات الحكومية القليلة المتبقية التي لا تزال تعمل باستقلالية عن الرئيس.

الاتحاد الأوروبي يعرب عن قلقه

من جهتها، أعربت نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم مفوض السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، عن "قلقها البالغ" حيال الوضع في تونس بعد قرار سعيّد حل المجلس الأعلى للقضاء، مشدّدة على أهمية استقلال القضاء بالبلاد.

حيث قالت مصرالي، في تصريح لإذاعة "موزاييك" التونسية (خاصة): "نتابع بقلق، تطوُّر الوضع في تونس، وضمن ذلك ما أعلنه رئيس الجمهورية أخيراً بحلِّه المجلس الأعلى للقضاء".

فيما تابعت: "نحترم كلياً الشعب التونسي، لكن وجب التذكير بأهمية الفصل بين السلطات، واستقلال القضاء اللّذين يمثلان عنصرين أساسيين لديمقراطية واستقرار البلاد وازدهارها".

مضت قائلة: "إصلاحات جوهرية مماثلة مهما كانت مهمة وضرورية، لا بد أن تكون نتيجة لعملية شاملة وشفافة".

كانت العديد من الجهات والأحزاب والشخصيات التونسية قد أعلنت، الأحد 6 فبراير/شباط 2022، رفضهم الواضح قرار حل المجلس الأعلى للقضاء، مشددين على أن "أي إصلاح للقضاء له أسسه الدستورية وشروطه القانونية"، فيما دعا الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، إلى التظاهر، الأحد، في العاصمة.

إغلاق مقر المجلس الأعلى للقضاء

في وقت سابق من يوم الإثنين، أعلن رئيس المجلس الأعلى للقضاء يوسف بوزاخر، أن قوات الأمن أغلقت مقر المجلس ومنعت الموظفين من الدخول إليه، حسبما نقلت عنه إذاعة "إي إف إم" المحلية (خاصة).

بوزاخر اعتبر أن "هذه مرحلة جديدة من الاعتداء على المجلس وافتكاك مؤسسات الدولة والاستيلاء على السلطة القضائية"، مردفاً: "سيتم اتخاذ الإجراءات المناسبة (لم يحددها) بعد أن تتضح دواعي هذا الإجراء".

كان المجلس الأعلى للقضاء قد أعلن، في بيان أصدره يوم الأحد، رفض حله في غياب آلية دستورية وقانونية تجيز ذلك، بجانب رفض العديد من الهيئات القضائية والأحزاب السياسية، حل المجلس.

السيطرة على القضاء

يشار إلى أن المواد بين 112 و117 من الدستور تنص على مهام المجلس وصلاحياته ومكوناته وطرق انتخاب أعضائه وتعيينهم. وأُجريت أول انتخابات للمجلس في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2016.

كان سعيد قد أعلن، خلال زيارته مقر وزارة الداخلية في ساعة متأخرة من يوم السبت 5 فبراير/شباط، أنه سيمضي في إصدار مرسوم رئاسي مؤقت للمجلس الأعلى للقضاء، قائلاً: "فليعتبر هذا المجلس نفسه في عداد الماضي من هذه اللحظة".

في أكثر من مناسبة، انتقد سعيد ما قال إنه طول مدة التقاضي في بعض القضايا، واتهم المجلس بأن الترقيات فيه تتم "بناءً على الولاءات".

يأتي ذلك في الوقت الذي يتهم فيه معارضون سعيّد بمحاولة السيطرة على القضاء بعد أن جمع بقية السلطات في يده، وهو ما ينفيه.

منذ 25 يوليو/تموز الماضي، تشهد تونس أزمة سياسية حادة، حين بدأ سعيد فرض إجراءات استثنائية، منها: تجميد اختصاصات البرلمان، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وإقالة الحكومة وتعيين أخرى جديدة.

إلا أن غالبية القوى السياسية والمدنية في تونس أعلنت رفضها لهذه الإجراءات، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، التي أطاحت بحكم الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي.

تحميل المزيد