لقد شاهدنا جميعاً اللقطات في أفلام هوليوود التي يظهر فيها الممثل في إحدى اللحظات يصرخ ويلوح بقبضتيه بغضب، وفي اللحظة التالية يمسك صدره ويئن من الألم ثم يسقط على الأرض. ثم يهرع من حوله إليه لنقله إلى المستشفى ليكتشفوا أنه قد تعرض لنوبة قلبية.
هذا المشهد يتكرر في العديد من الأفلام والمسلسلات، لدرجة أن معظم الناس يعتقدون أن الأعراض الحقيقية للنوبة القلبية هي ما يشاهدونه على شاشة التلفاز تماماً.
لكن الأعراض الحقيقية للنوبة القلبية بعيدة تماماً عما نشاهده، لدرجة أن مصطلح "نوبة هوليوود القلبية" أصبح معروفاً في الوسط الطبي لاختلافها عن الواقع!
النوبات القلبية بين الأفلام والواقع
وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها CDC الأمريكية، فإن مرض الشريان التاجي هو السبب الرئيسي للنوبات القلبية. أما السبب الأقل شيوعاً فهو التشنج الشديد أو الانقباض المفاجئ للشريان التاجي الذي يمكن أن يوقف تدفق الدم إلى عضلة القلب.
وعلى الرغم من أن الأفلام تصور أعراض النوبات القلبية على أنها شديدة وأنها تسبب سقوط الشخص بشكل مفاجئ حتى لو كان جالساً للتأكيد على خطورة الموقف إلا أنها في الحقيقة لا تكون عنيفة دائماً ويمكن أن يشعر الشخص بألم خفيف في الصدر فقط.
وهذا سبب التغاضي عن أعراضها من قِبل الكثيرين لأن معظمنا لا يأخذ آلام الصدر العشوائية على محمل الجد ويرجعها لأسباب مختلفة.
وتشمل الأعراض الأخرى للنوبة القلبية الشعور بالضعف أو الدوخة أو الإغماء. بالإضافة إلى ألم أو إزعاج في الفك أو الرقبة أو الظهر أو إحدى الذراعين أو الكتفين مع ضيق في التنفس.
تصوير الأفلام الخاطئ للنوبات القلبية يهدّد سلامة الناس
الصورة النمطية الخاطئة عن أعراض النوبة القلبية تكررت في العديد من الأفلام المشهورة مثل Ocean's 13، حيث ظهر إليوت جولد وهو يتساقط ويمسك صدره، إلى شخصية جاك نيكلسون في فيلم Something's Gotta Give الذي سقط بشكل عنيف عند تعرضه للنوبة فجأة.
يشير موقع جريدة The Telegraph إلى أن تصوير الأفلام الخاطئ للتعرض للنوبة القلبية يشكل خطراً حقيقياً، لأنه يجعل الناس يهملون ألم الصدر الذي يتعرضون له لاعتقادهم أنه ليس خطيراً طالما أنه ليس شديداً لدرجة سقوطهم كما في الأفلام!
كما يشير موقع Daily Mail، إلى أن أربعة من كل عشرة أشخاص في المملكة المتحدة يضعون حياتهم على المحك بسبب تصورهم الخاطئ عن النوبات القلبية من التلفزيون والأفلام، وفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة القلب البريطانية.
تم إجراء الاستطلاع في عام 2005 وكان عدد المشاركين 2515 بالغاً من الولايات المتحدة. تم تشخيص أكثر من نصفهم بنوبة قلبية أو كان لديهم صديق أو أحد أفراد الأسرة أصيب بنوبة قلبية.
نتائج الاستطلاع غير متوقعة!
أكثر من أربعة من كل 10 أشخاص شاركوا في الاستطلاع – أي ما يقارب 44% – لم يقوموا بالاتصال برقم الطوارئ 911 لطلب المساعدة عندما تعرضوا هم أو من حولهم لنوبة قلبية. كما لم تجب الغالبية عن الأسئلة حول الأعراض الدقيقة للنوبات القلبية.
باختصار، أظهر الاستطلاع أن الكثير من الناس يتصورون النوبات القلبية على أنها لحظة مأساوية أعراضها شديدة وواضحة كما في الأفلام.
وقد اعترف العديد من المشاركين الذين عانوا من النوبات القلبية- أو كان لديهم صديق أو قريب مصاب بها- أنهم لم يطلبوا المساعدة الطبية على الفور وكان السبب الرئيسي لذلك هو عدم إدراكهم لحدوث نوبة قلبية.
كما أن الأعراض تختلف بالنسبة للنساء!
لا يقتصر الأمر على أن أعراض النوبة القلبية غالباً ما تكون أقل دراماتيكية من ألم الصدر الشديد الذي نشاهده في الأفلام، بل يمكن أن تكون مختلفة بالنسبة للنساء.
غالباً ما يعاني الرجال من الألم في الصدر، بينما تكون النساء أكثر عرضة للإصابة بضيق التنفس وألم يشبه ألم عسر الهضم.
كما أن النساء أكثر عرضة للإصابة بالغثيان وقد تظهر لديهم علامات التحذير بشكل مسبق مثل التعب الجسدي غير المبرر وضيق التنفس والأرق.
فيلم يهدف للتوعية بأعراض النوبة القلبية الحقيقية
في كل عام، يعاني ما يقرب من ربع مليون شخص في العالم من النوبات القلبية، يموت ثلثهم قبل الوصول إلى المستشفى، غالباً لأنهم لا يطلبون المساعدة في الوقت المناسب.
لنشر التوعية عن أعراضها، قامت مؤسسة القلب البريطانية على قناة ITV 1 في عام 2008 بإنتاج وعرض فيلم قصير بعنوان "Watch Your Own Heart Attack" يشرح الأعراض الحقيقية للنوبة القلبية من خلال مشاهد تمثيلية.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.