كانت وكالة إيرنا الإخبارية الإيرانية قد أعلنت عن زيارة للرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي، لدولة الإمارات العربية المتحدة، وكان موعد الزيارة المرتقبة في يوم 7 فبراير/شباط 2022، لكن مصادر مطلعة إيرانية، أكدت لـ"عربي بوست"، تأجيل الزيارة بعد زيادة الصراع بين جماعة أنصار الله اليمنية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.
يقول مسؤول بارز في الحكومة الإيرانية لـ"عربي بوست": "الزيارة تم تحديدها أثناء زيارة طحنون بن زايد، لكن الأوضاع الأخيرة، سبب تأجيل زيارة الرئيس الإيراني".
تجدر الإشارة إلى أنه في ديسمبر/كانون الأول 2021، قام مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، بزيارة نادرة إلى الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
ويضيف المسؤول الحكومي الإيراني قائلاً لـ"عربي بوست": "الهجمات الإماراتية الأخيرة على اليمن، تسببت في الكثير من القلق لدى القيادة العليا في طهران"، لكن هل ستؤثر الهجمات الإماراتية الأخيرة ضد الحوثيين في اليمن، على العلاقة بين طهران وأبوظبي؟، يقول المسؤول الحكومي الإيراني لـ"عربي بوست": "من غير المتوقع أن تؤثر على مستوى العلاقات الاقتصادية، لكنها ستعرقل عمل بعض الملفات السياسية العالقة بين البلدين".
جدير بالذكر أنه في الأسابيع الأخيرة، شنت دولة الإمارات العربية المتحدة، بعد إرسالها قوات العمالقة إلى اليمن، العديد من الهجمات التي استهدفت مواقع لجماعة أنصار الله اليمنية المعروفة باسم الحوثيين، المدعومة إيرانياً، مما دفع الجماعة إلى شن هجمات بطائرات بدون طيار على مواقع حيوية داخل الأراضي الإماراتية، ومؤخراً قام فصيل عراقي مسلح ضمن فصائل المقاومة العراقية المقربة من إيران، بإعلان مسؤوليته عن هجوم بطائرة بدون طيار على بنية تحتية حيوية في إمارة أبوظبي.
الحل الدبلوماسي في اليمن
وفي نفس السياق، كان قد أجرى وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبداللهيان مكالمة هاتفية مع نظيره الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، خلال الأيام القليلة الماضية، لبحث العديد من القضايا الثنائية المشتركة.
يقول مسؤول في وزارة الخارجية الإيرانية لـ"عربي بوست": "ملف اليمن والتصعيد الأخير كان هو محور المكالمة الهاتفية بين الوزيرين، وقد أبلغ السيد أميرعبد اللهيان نظيره الإماراتي بضرورة إنهاء الحرب في اليمن، لمصلحة المنطقة بأسرها".
وبحسب المصدر ذاته، فإن وزير الخارجية الإماراتي، الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان، قد طرح على نظيره الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، حلولاً سياسية لإنهاء الأزمة في اليمن، ومن المفترض بحسب المصدر، أن تتم مناقشة هذه الحلول قريباً.
توسيع العلاقات التجارية بين طهران وأبوظبي
بينما أثر الصراع الأخير في اليمن على زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي لدولة الإمارات العربية المتحدة، فعلى ما يبدو أن الدولتين مصممتان على توسيع العلاقات التجارية بينهما.
فبحسب منظمة ترويج التجارة الإيرانية، التي أعلنت في 31 ديسمبر/كانون الأول 2021، أن وفداً تجارياً إيرانياً سيزور دولة الإمارات العربية المتحدة يومي 6 و9 فبراير/شباط الحالي، برئاسة وزير الصناعة والتعدين والتجارة الإيرانية ومسؤولين اقتصاديين آخرين، للاجتماع بأعضاء من الحكومة الإماراتية، ومسؤولي القطاع الخاص.
وفي هذا الصدد يقول مسؤول حكومي إيراني لـ"عربي بوست": "بينما العلاقات السياسية والدبلوماسية بين البلدين، قد تؤثر عليها العديد من الأحداث، إلا أن العلاقات التجارية بين طهران وأبوظبي، آخذة في التزايد، خاصة بعد إصرار السيد رئيسي على توسيع علاقات إيران وجيرانها العرب، لذلك من المتوقع أن تكون نتائج هذه الزيارة للوفد الإيراني الاقتصادي موفقة، خاصة في مجال القطاع الخاص والسياحة".
تضاءلت العلاقات بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، في يناير/كانون الثاني من عام 2016، بعد أن هاجم عدد من المتظاهرين الإيرانيين، السفارة السعودية في طهران، احتجاجاً على إعدام الرياض لرجل الدين الشيعي السعودي المعارض نمر النمر، مما أدى إلى قطع العلاقات الدبلوماسية بين طهران والرياض، وقد حذت الإمارات العربية المتحدة حذو جارتها الكبرى، المملكة العربية السعودية.
فى مايو/أيار 2018، بعد أن انسحب الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، شهدت العلاقات الإيرانية الإماراتية المزيد من التدهور، خاصة بعد تأييد أبوظبي لحملة الضغط الأقصى التي شنتها إدارة ترامب تجاه طهران، مع إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على الجمهورية الإسلامية.
لكن حدثت انفراجة في العلاقة بين طهران وأبوظبي، في مايو/أيار 2019، بعد الهجوم على أربع ناقلات نفط بالقرب من سواحل الفجيرة الإماراتية، وقد ألقت واشنطن باللوم على طهران في هذا الهجوم، بينما امتنعت أبوظبي عن توجيه الاتهام المباشر لإيران.
بعدها بعدة أسابيع، قام مستشار الأمن القومي لدولة الإمارات العربية المتحدة، الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، بزيارة نادرة إلى الجمهورية الإسلامية، للاجتماع بعلي شمخاني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، لمناقشة العديد من القضايا الأمنية المشتركة بين البلدين.
وبحسب مصادر إيرانية مطلعة، تحدثت لـ"عربي بوست"، آنذاك، فإن الزيارة أسفرت عن الإفراج عن ملايين الدولارات من الأموال المجمدة لإيران، لدى الإمارات، بسبب العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران.
مع بداية العام الماضي، خاصة بعد أن تولى جو بايدن الرئاسة في يناير/كانون الثاني 2021، بدأت طهران وأبوظبي، في محاولة لتوطيد العلاقات السياسية والاقتصادية فيما بينهما، خاصة أن إيران قد خاضت جولات من المفاوضات مع المملكة العربية السعودية، برعاية رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي.
هل سيؤثر تأجيل زيارة الرئيس الإيراني على العلاقات بين البلدين؟
يقول مسؤول حكومي إيراني لـ"عربي بوست"، فيما يخص تأثير تأجيل زيارة الرئيس الإيراني، إبراهيم رئيسي لدولة الإمارات العربية المتحدة: "العلاقة السياسية بين أبوظبي وطهران، تحتاج إلى المزيد والمزيد من العمل، لا أعتقد أن تأجيل زيارة السيد رئيسي سيكون له تداعيات سلبية على محاولات تحسين العلاقات، لأن كلا البلدين عازمان على رفع مستوى العلاقات الدبلوماسية أولاً، مع الأخذ فى الاعتبار الحذر من التغييرات الإقليمية، لا شك في أن هناك مرحلة جديدة فى العلاقات بين إيران والإمارات، لكن من الطبيعي أن تكون الخطوات بطيئة إلى حد ما".