قال وزير الخارجية الجزائري رمطان لعمامرة، السبت 22 يناير/كانون الثاني 2022، إن ما تم تداوله حول تأجيل القمة العربية المرتقبة في بلاده مجرد "مغالطة"؛ لأن تاريخها لم يحدد أصلاً وذلك خلال اجتماع للعمامرة مع سفراء دول عربية بمقر الخارجية الجزائرية، حسب بيان للوزارة.
خلال الساعات الأخيرة تم تداول معلومات حول قرار بتأجيل القمة العربية إلى موعد غير معلوم، عوضاً عن مارس/آذار المقبل؛ بسبب جائحة كورونا.
بيان لعمامرة
نقل البيان عن لعمامرة تأكيده للسفراء العرب أن ما تم تداوله "مغالطات"؛ لأن "تاريخ التئام القمة العربية لم يتحدد أصلاً، ولم يُتخذ أي قرار بشأنه بعد".
كما أوضح لعمامرة: "يعتزم رئيس الجمهورية (عبد المجيد تبون) طرح موعد (للقمة) يجمع بين الرمزية الوطنية التاريخية والبعد القومي العربي ويكرس قيم النضال المشترك والتضامن العربي".
قبل أن يضيف: "هذا التاريخ الذي يُنتظر اعتماده من قبل مجلس الوزراء العرب في دورته العادية المرتقبة شهر مارس/آذار المقبل، بمبادرة الجزائر وتأييد الأمانة العامة للجامعة".
حسب لعمامرة، فإن هذه الخطوة ستسمح "أيضاً باستكمال مسلسل المسار التحضيري الجوهري والموضوعي بما يسمح بتحقيق مخرجات سياسية تعزز مصداقية ونجاعة العمل العربي المشترك".
ثالث "تأجيل"
الأسبوع الماضي، أجرى وفد من الجامعة العربية بقيادة حسام زكي مدير مكتب الأمين العام، زيارة إلى الجزائر للوقوف على التحضيرات للقمة.
زكي أوضح في مؤتمر صحفي بالعاصمة الجزائرية، الأربعاء 19 يناير/كانون الثاني 2022، في ختام زيارته، أن الجزائر جاهزة لاحتضان القمة.
المتحدث نفسه أوضح أن عقدها مستبعد قبل شهر رمضان (يبدأ 2 أبريل/نيسان المقبل)، وأن اجتماع وزراء الخارجية العرب القادم سيحسم تاريخ ذلك.
بعد ذلك بيوم واحد، أي الخميس 20 يناير/كانون الثاني، قال زكي، في تصريحات متلفزة إن الموعد المقرر عادة للقمة هو مارس/آذار من كل عام، وتأجلت عامي 2020 و2021 بالتشاور مع دولة الاستضافة الجزائر؛ بسبب كورونا.
ثم أضاف: "هناك ارتباك حالي في وضع كورونا، والجزائر تفضل أن تنعقد القمة في حالة هدوء".
أبرز الملفات التي ستناقشها
حول أبرز الملفات التي ستتناولها أمامها، كان الرئيس الجزائري قد أوضح أنها "ستكون لتجديد الالتزام الجماعي العربي تجاه القضية الفلسطينية، وتأكيد تقيد جميع الدول بمبادرة السلام العربية".
"مبادرة السلام العربية" هي مبادرة أطلقها الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز عام 2002 بقمة بيروت، وتهدف إلى إنشاء دولة فلسطينية وعودة اللاجئين والانسحاب من هضبة الجولان المحتلة، مقابل السلام مع إسرائيل.
أما الملف الثاني في القمة، حسب الرئيس الجزائري، فهو إصلاح منظومة عمل جامعة الدول العربية من أجل مواجهة التحديات الراهنة، دون تقديم تفاصيل أكثر حول طبيعة هذه الإصلاحات.
إذ يعود مطلب الجزائر بإصلاح الجامعة العربية إلى سنوات؛ حيث سبق أن دعت في قمة عام 2005 التي استضافتها، إلى إصلاح جوهري لعمل الجامعة، يشمل تدوير منصب الأمين العام بين الدول الأعضاء عوضاً عن السيطرة المصرية عليه عرفاً، لكن ذلك لم يتم اعتماده.
جهود جزائرية لاستضافة القمة
لم تدَّخر السعودية جهداً استعداداً لتنظيم القمة العربية المنتظر عقدها في شهر مارس/آذار 2022، إذ كانت تسعى لإنجاحها وضمان مشاركة كل الملوك والزعماء العرب شخصياً فيها، وتأمين مستوى تمثيلي أعلى.
ووفق مصدر مطلع رفض الكشف عن اسمه، فإن الجزائر تعمل على ضمان مشاركة كل من الملك سلمان بن عبد العزيز أو ولي عهده محمد بن سلمان، وولي عهد أبوظبي والحاكم الفعلي للإمارات محمد بن زايد، إضافة إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
تعتبر الجزائر أن مشاركة الزعماء الثلاثة من شأنها أن تضمن مشاركة حلفائهم وتعطي زخماً كبيراً للقمة العربية المنتظر تنظيمها السنة المقبلة.
من بين الزعماء الذين سيكون حضورهم مؤكداً، بالنظر إلى العلاقات الجيدة التي تربطهم بالجزائر: الرئيس التونسي قيس سعيد، والرئيس الموريتاني محمد ولد الغزواني، والرئيس اللبناني ميشال عون.
أيضاً، من المنتظر أن يشارك في القمة العربية كل من الرئيس العراقي برهم صالح، وأمير قطر تميم بن حمد، وسلطان عُمان هيثم بن طارق، إضافة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
حضور ضروري للسعودية
كشف مصدر لـ"عربي بوست"، أن الجزائر لن تجد صعوبات كبيرة في إقناع ولي عهد المملكة العربية السعودية محمد بن سلمان، بحضور أعمال القمة العربية، خصوصاً أنها تريد مساندة المملكة في عدة قضايا مصيرية.
حسب معلومات الموقع، فإن الجزائر تنتظر من السعودية رد الجميل نظير مساندتها في قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي، وهي القضية التي فرضت على السعودية عزلة دولية لم يشارك فيها حكام قصر المرادية.
كما أشارت المصادر نفسها إلى أن الجزائر كانت سبَّاقة في دعم بن سلمان في قضية خاشقجي، واستقبلته في ذروة الأزمة، رغم معارضة داخلية كبيرة من أحزاب وهيئات سياسية وحقوقية.
كان بن سلمان قد زار الجزائر في ديسمبر/كانون الأول 2018، في أول جولة خارجية له بعد تفجُّر قضية مقتل الصحفي جمال خاشقجي بالقنصلية السعودية في إسطنبول بتركيا.
إضافة إلى ذلك، تعتبر السعودية من الدول التي تمسك بالعصا من المنتصف في الأزمة بين المغرب والجزائر، كما أنها لعبت أكثر من مرة، دور الوساطة بين الجارين، وأصدرت أول بيان في الأزمة الأخيرة التي ما زالت مستمرة إلى الآن.