قال مسؤول عسكري بارز في إثيوبيا إن الجيش يعتزم دخول مدينة مقلي عاصمة إقليم تيغراي "لإبادة" القوات المتمردة، في تصريحات تأتي وسط جهود دبلوماسية لإنهاء الصراع الدائر في شمال البلاد.
ويحارب جيش إثيوبيا وحلفاؤه منذ أكثر من عام قوات موالية للجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، وهي الحزب السياسي الذي يسيطر على إقليم تيغراي.
"سندخل تيغراي لإبادة العدو عن بكرة أبيه"
في مقابلة بثتها إذاعة فانا الإثيوبية مساء الجمعة 21 يناير 2022، قال الجنرال أبيباو تادسي نائب قائد قوات الدفاع الإثيوبية إن "البلاد لن تنعم بالسلام إلى أن يتم القضاء على قوات الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي".
وقال تادسي بحسب ما نقلت وكالة رويترز، إن "تيغراي جزء من إثيوبيا وما من قوة ستمنعنا من دخولها، سندخلها وسنبيد العدو، يجب ألا يكون هناك أدنى شك في هذا".
وأضاف الجنرال الإثيوبي: "يجب ألا يظن الشعب الإثيوبي أن الأمر انتهى، فهو لم ينتهِ. الشيء الوحيد هنا أننا توقفنا كي نتأهب. هذا العدو لا يزال هناك ولا بد من إبادته عن بكرة أبيه، لن نتفاوض معه".
الحرب لم تنتهِ بعد كما يروج لذلك آبي أحمد
وتأتي تهديدات الجيش الإثيوبي باحتلال إقليم تيغراي وإبادة المعارضة، برغم حديث رئيس الوزراء آبي أحمد عن انتهاء الحرب، وعدم نية قواته دخول الإقليم المتمرد، في محاولة منه لـ"إصلاح سمعته"، كما تصف ذلك مجلة The Economist البريطانية.
في مقابل ذلك، حثَّ آبي أحمد في ديسمبر/كانون الأول الماضي، سكَّان تيغراي على محاربة جبهة تحرير تيغراي، وبعد ذلك، في فترة عيد الميلاد، أطلق سراح العديد من قادة المعارضة من السجن، بمن في ذلك جوار محمد، منافسه الرئيسي من جماعة الأورومو العرقية، وستة مسؤولين آخرين من جبهة تحرير تيغراي.
ووصف رئيس الوزراء الخطوة بأنها عملٌ من أعمال "رحمة المنتصر"، قائلاً إنه "كان من الضروري لإثيوبيا أن تكسر دائرة الحرب".
وخفّت حدّة الحرب الأهلية بشكل كبير بعدما نجح آبي أحمد بقلب موازين المعركة لصالحه، وردع قوات التيغراي عن العاصمة أديس أبابا، في ديسمبر/كانون الأول 2021، التي كان المتمردون يقفون على أبوابها.
لكن في الوقت نفسه لا تزال الطائرات التابعة للجيش الإثيوبي تقصف مناطق التيغراي وتحاصرها، وفي الثامن من يناير/كانون الثاني 2022، قُتِلَ ما لا يقل عن 56 شخصاً في غارةٍ جوية على معسكرٍ للنازحين داخلياً، ما دفع وكالات الإغاثة إلى تعليق عملها.
وبعد أكثر من عامٍ من الحرب الأهلية الإثيوبية، يتضور حوالي 400 ألف شخص جوعاً، وقد نفد الطعام لدى ملايين السكان.
محاولات أمريكية لإنهاء الصراع في إثيوبيا
تقول وكالة رويترز إن دبلوماسيين أمريكيين بارزين توجها إلى أديس أبابا منذ أيام، سعياً لوقف إطلاق النار وسط علامات محدودة على خفوت حدة التوتر بين الطرفين المتحاربين منها إطلاق سراح معتقلين سياسيين.
ولم يتسنّ الاتصال بالمتحدث باسم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، جيتاتشو رضا، للحصول على تهديدات الجيش الإثيوبي بإبادة المعارضة. كما لم يرد المتحدث باسم الحكومة الإثيوبية لجسي تولو ولا المتحدثة باسم رئيس الوزراء، بليني سيوم، على طلبات الإدلاء بتعليق لرويترز.
وتقول الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي إن رئيس الوزراء آبي أحمد يريد إنهاء نظام الحكومة الاتحادية القائم على "أسس عرقية"، في حين يقول هو إن الجبهة تتوق للإمساك مجدداً بزمام الأمور في أنحاء البلاد.
وشهدت الشهور الماضية جهوداً دبلوماسية وسياسية متعددة لإنهاء الصراع، شملت ضغوطاً من الولايات المتحدة على الحكومة الإثيوبية، لفتح باب المصالحة مع المتمردين.
وعلى الرغم من الرفض المشدد لحكومة آبي أحمد للوساطات حتى من قبل الاتحاد الإفريقي؛ فإنها قبلت وساطة المبعوث الأمريكي للقرن الإفريقي، والتي اصطدمت بشروط كل من أديس أبابا وجبهة تيغراي للجلوس على طاولة المفاوضات.
دفع ذلك مراقبين للتساؤل عن الذي حرَّك المصالحة الآن، على الرغم من أن مسؤولاً حكومياً إثيوبياً صرح- عند إطلاقها في ديسمبر/كانون الأول الماضي- بأنها لن تشمل المجموعات المصنفة إرهابية من قبل البرلمان، وكان يشير إلى جبهة تحرير أوروما وقواتها المعروفة باسم شن قبي وجبهة تحرير تيغراي.
وصرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس للصحفيين في 8 يناير 2022، بأن المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الإفريقي جيفري فيلتمان، الذي استقال مطلع الشهر الجاري من منصبه، أجرى "مناقشات مثمرة وبناءة" مع آبي في أديس أبابا. وأضاف أن الولايات المتحدة ستعمل من أجل "أن يتحقق أي زخم إيجابي مستمد من هذه المناقشات".
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش على موقع تويتر بهذا العفو. وقال: "ما زلت ملتزماً بجد بمساعدة إثيوبيا على إنهاء القتال واستعادة السلام والاستقرار".
حميدتي في إثيوبيا لمناقشة نزوح اللاجئين والحدود
في السياق، كتب آبي على تويتر السبت، إن محمد حمدان دقلو المعروف بـ"حميدتي"، نائب رئيس مجلس السيادة الحاكم في السودان، وصل إلى العاصمة الإثيوبية اليوم السبت 22 يناير 2022، لكنه لم يذكر الهدف من الزيارة.
لكن زيارة حميدتي تأتي وسط توتر على الحدود بين إثيوبيا والسودان تصاعد منذ أن أرسلت إثيوبيا عشرات الآلاف من اللاجئين إلى شرق السودان.
وكانت الخرطوم أعلنت في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أنها فقدت ستة جنود في منطقة الفشقة الحدودية الخصبة المتنازع عليها، متهمة "الجيش وميليشيات إثيوبية". لكن أديس أبابا نسبت ذلك إلى متمردين تيغرانيين تقاتلهم منذ أكثر من عام في نزاع دفع عشرات الآلاف من الإثيوبيين إلى اللجوء إلى السودان.
وقد يُدرج هذا النزوح وأعمال العنف وقضية الحدود وقضية المياه على جدول أعمال هذه "الزيارة الرسمية التي تستغرق يومين بحسب وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا)، التي أوضحت أن الفريق حميدتي سيلتقي خلالها عدداً من المسؤولين في إثيوبيا"، بدون تسميتهم.