مع التحول الرقمي والتطور التكنولوجي من حولنا باتت هناك قضايا جديدة تظهر على السطح، فجميعنا الآن يسمع عن الميتافيرس، خصوصاً بعدما أعلن مارك زوكربيرغ عن تغيير اسم فيسبوك -الشركة الأم- إلى ميتا، ورغبته في خلق واقع جديد -بدأ بالفعل- لنصبح في عصر الميتافيرس، العملة التي يتداولها الناس رقمية مثل البيتكوين والإيثيريوم والدوجي كوين وغيرها، والأعمال الفنية تحولت أيضاً إلى NFTs وهو مفهوم جديد يعمل على تحويل وتداول الأعمال الفنية في شكل رقمي.
الشاهد هنا أن كل شيء حولنا أصبح رقمياً، وكل هذه العناصر الرقمية تساوي في النهاية أموالاً في أرض الواقع، فالعملات الرقمية يمكن بسهولة تحويلها إلى الدولار أو اليورو أو أي من العملات المحلية وتداولها على أرض الواقع، والأعمال الفنية الرقمية NFTs يمكن شراؤها أو بيعها بالعملات الرقمية والتي نحصل عليها عند تحويل الأموال العادية إلى بيتكوين أو العكس، بمعنى أن الواقع الافتراضي الرقمي ليس مفصلاً عن واقعنا الحقيقي المادي، بل هما وجهان لنفس العملة، الأغنياء في العالم الحقيقي هم أغنياء في العالم الافتراضي.
في دنيا الميتافيرس يمكنك شراء منزل أو قطعة أرض أو شركة أو لوحة فنية رقمية -كل هذه الأشياء التي ستشتريها بأموال حقيقية- هي في الأصل رقمية افتراضية وليس لها وجود في أرض الواقع، إلا أن قيمتها -مادياً- محفوظة ويمكنك إعادة بيعها بنفس السعر أو بسعر أعلى، فهي رموز فريدة غير قابلة للاستبدال لا يمكن تكرارها أو نسخها أو التلاعب بها بأي شكل من الأشكال، هكذا الحال مع المنازل الافتراضية على الإنترنت أو الأعمال الفنية الرقمية أو حتى العملات الرقمية مثل البيتكوين.
ما دامت هذه العناصر الافتراضية لها تأثيرها على أرض الواقع ويمكن تحويلها إلى أموال حقيقية -ربما تصل إلى ملايين الدولارات- فيجب التعامل مع هذه الحقيقة بجدية، وهنا يمكن إثارة قضايا جديدة على المجتمع أن ينتبه لها، أهم هذه القضايا هي الميراث الرقمي، ولفهم القضية بشكل أوضح دعني أطرح لك مثالاً، يمتلك محمد قناة على يوتيوب، يربح من هذه القناة -من خلال المحتوى الذي يقدمه عليها- ما يقارب 100 ألف دولار سنوياً، ولديه محفظة رقمية عليها ما يعادل 100 ألف دولار أيضاً من العملات الرقمية مثل البيتكوين والايثيريوم وغيرها، وكان قد اشترى لوحة فنية رقمية بقيمة 50 ألف دولار، قيمة ما يمتلكه محمد -رقمياً- الآن مثلاً 250 ألف دولار، بمعنى أنه إذا قام محمد بتحويل أرباح القناة لمدة عام، والعملات الرقمية التي يمتلكها وباع اللوحة الرقمية التي لديه، سيمتلك -في أرض الواقع- ما يقارب الـ250 ألف دولار، وهذا مبلغ ضخم كما تعلم.
إذا مات محمد دون أن يبيع ما يمتلك من ثروة افتراضية، القناة والعملات الرقمية واللوحة التي قد اشتراها، ألا يثير هذا الأمر في ذهنك شيئاً حول ذلك الميراث الرقمي، كيف يمكن التصرف فيه؟ كيف يمكن توزيعه على الورثة، ألا يجب أن تتوفر آلية رقمية يمكن من خلالها توزيع وتسلم الورثة لهذه التركة الرقمية، ألا يجب الانتباه لتلك الإشكالية الهامة في عصر التحول الرقمي؟ الصفحات على فيسبوك والحسابات على تويتر وقنوات اليوتيوب والمواقع والعملات واللوحات الفنية الرقمية والأصول الرقمية في الميتافيرس، كل هذه الأموال الافتراضية من حولنا علينا أن ننتبه لها قريباً وأن نناقشها بتروٍّ وعناية، فكل مجتمع وعصر له قضاياه ومشاكله وهذه هي إحدى القضايا الهامة في عالم الميتافيرس.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.