نرث من آبائنا العديد من المورثات الجيدة والسيئة وتحدد الجينات العديد من سماتنا الجسدية مثل لون العينين والشعر وطول القامة وحتى موروثات الوزن الزائد وشكل الأنف ولون الجلد ربما.
وتوجد أبحاث كثيرة لا يزال العلماء يحاولون من خلالها أيضاً معرفة ما إذا كانت المهارات والسمات المعرفية كالذكاء والإبداع أيضاً وراثية.
لكننا في هذا التقرير لن نتحدث عن هذا أو ذاك، بل عن أشياء غريبة وسلوكيات معينة غير متوقعة تتحكم فيها جيناتنا أكثر مما نعتقد.
الميول للعنف وجين "المحارب"
يشار إلى متغيرات جين MAOA وجين CDH13 باسم "جينات المحارب" لأنها مرتبطة بالسلوك العنيف.
كشفت دراسة أجراها باحثون فنلنديون في عام 2014 أن المجرمين الذين يمتلكون هذه الجينات كانوا مسؤولين عما بين 5و10% من جميع الجرائم المرتكبة في فنلندا.
كما أن الأشخاص الذين لديهم جينات المحارب هذه يكونون أكثر عرضة للإجرام المتكرر بمقدار 13 مرة أكثر من أولئك الذين ليس لديهم الجينات.
فقد كان المدانون البالغ عددهم 900 الذين شاركوا في الدراسة مسؤولين عما مجموعه 1154 جريمة قتل ومحاولة قتل وقتل غير متعمد واعتداءات عنيفة، كما يشير موقع BBC الإخباري.
ومع ذلك، فإن امتلاك جينات المحارب لا يعني بالضرورة أن يكون المرء عنيفاً خاصة عند التنشئة السليمة. كما يشير الباحثون إلى أنه لا يمكن إلقاء اللوم على جينات MAOA و CDH13 كمبرر لارتكاب الجرائم بالتأكيد.
على الرغم من ذلك كانت هناك بعض الحالات التي استخدم فيها محامي الدفاع المعلومات الجينية لتقليل الأحكام.
ففي عام 2009، خففت محكمة في إيطاليا عقوبة مجرم بسبب إثبات وجود جينات مرتبطة بالسلوك السيئ لديه. وفي حالة مماثلة في الولايات المتحدة، تم تسليط الضوء على الطبيعة الجينية للقاتل كعامل مساهم في جريمته.
الجين الذي من المرجح أنه دفع همنغواي للانتحار
اكتشف العلماء وجود صلة بين الاكتئاب والانتحار وجين RGS 2 عندما كشفت دراسة أجريت عام 2011 في معهد ولاية نيويورك للطب النفسي أن نوعاً واحداً من جين RGS2 يمكن أن يسبب الاكتئاب، في حين أن البديل الآخر يمكن أن يجعل الناس أكثر عرضة للانتحار، وفقاً لما جاء في موقع صحيفة The Guardian.
شملت الدراسة 412 شخصاً يعانون من اكتئاب خطير، من بينهم 154 شخصاً حاولوا الانتحار في وقت ما في الماضي. كشفت الدراسة أن 43% من 154 شخصاً كان لديهم جينات انتحارية عدوانية من RGS2، في حين أن الخُمس كان لديهم نسخ من متغير أقل ميلاً إلى الانتحار.
كما توصلوا إلى أن اكتشاف الجين يمكن استخدامه كمؤشر على زيادة احتمالية انتحار شخص ما.
ويعتقد الباحثون أن الجين RGS 2 يمكن أن يفسر سبب انتحار أجيال من نفس العائلة في بعض الأحيان. كما أنهم اشتبهوا في أن الجين الانتحاري يمكن أن يكون موجوداً في عائلة الكاتب الشهير إرنست همنغواي الذي انتحر في عام 1961 بعد محاولته الانتحار في وقت سابق من العام نفسه. كما انتحر والد همنغواي أيضاً في عام 1928 وكذلك حفيدة همنغواي واثنان من إخوته.
جين "لعنة الأم" المسؤول عن موت الرجال المبكر
تشير سلسلة من الدراسات التي أجريت على كل من البشر والحيوانات إلى أن الإناث تعيش لفترة أطول من الذكور.
عند البشر، يختلف متوسط العمر المتوقع للرجال والنساء من خمس إلى ست سنوات في المتوسط ، مع عيش النساء لفترة أطول. كشفت الأبحاث أن سبب هذا هو الجينات التي يشار إليها باسم "لعنة الأم" لأنها تتواجد في الحمض النووي للميتوكوندريا، الذي يأتي من الأم.
كلا الجنسين يرثان الجينات في الواقع، لكن الجينات تعمل بشكل مختلف عند الذكور عند تواجدها بنسب مرتفعة خاصة، لأنها تجعلهم يتقدمون في السن ويموتون قبل النساء ولكن ليس لها أي تأثير سلبي على الإناث.
جينات آلام الظهر
في عام 2018، كشف الباحثون عن اكتشاف ثلاثة جينات مرتبطة بآلام الظهر المزمنة بعد دراسة شملت 29000 يعانون من هذه الحالة. كانت المجموعة جزءاً من مجموعة أكبر من 158000 أوروبي شاركوا في الدراسة، وفقاً لموقع Webmd للطب والصحة.
أحد الجينات هو جين SOX5، وهو الجين الأكثر انتشاراً بين الجينات الثلاثة. أما بالنسبة للجينين الآخرين، فإن أحدهما يشارك في تطوير الحبل الشوكي، بينما يرتبط الآخر بفتق القرص الفقري (المعروف أيضاً باسم "الانزلاق الغضروفي")، وهي حالة طبية يمكن أن تسبب آلاماً في الظهر.
جين التفكير السلبي والتشاؤم
اكتشف فريق من الباحثين من جامعة كولومبيا البريطانية أن التشاؤم أو مجرد وجود أفكار سلبية دائماً في ذهنك قد يكون مرتبطاً بجيناتك التي ورثتها من والديك!
أطلق العلماء على الجين المسؤول عن التشاؤم اسم ADRA2B، وهو أحد الجينات العديدة المسؤولة عن عواطفنا. ومع ذلك، يجب أن يفتقد جين ADRA2B لبعض الأحماض الأمينية للتسبب في السلوك المتشائم.
من المرجح أن يلاحظ الأشخاص الذين يعانون من فقدان الأحماض الأمينية لهذا الجين الأحداث السلبية بسهولة أكبر من ملاحظتهم للأحداث الإيجابية أو المحايدة.
تم اكتشاف جين ADRA2B خلال دراسة شملت 200 شخص حيث تم عرض كلمات إيجابية وسلبية ومحايدة في تتابع سريع.
كان المشاركون أصحاب المتغير الجيني ADRA2b أكثر عرضة لملاحظة الكلمات السلبية أكثر من غيرهم، بينما كانت كلتا المجموعتين قادرتين على انتقاء الكلمات الإيجابية بشكل أفضل من الكلمات المحايدة بدرجة متساوية.
وتوصل الباحثون إلى أن الأفراد الذين يحملون هذا الجين قد يكونون أكثر ميلاً لملاحظة الوجوه الغاضبة وسط حشد من الناس. كما قد يلاحظون المخاطر المحتملة مثل الأماكن التي يمكن أن تنزلق فيها أو الحفر أو أي عقبة في الطريق.
لا تلقِ اللوم على فنجان القهوة، إنها جينات الأرق
إذا كنت تعاني من التقلب لساعات طويلة في سريرك دون أن تستطيع النوم، فقد يكون لومك لفنجان القهوة أو الشاي غير منصف، جيناتك قد تكون مسؤولة عن الأرق الذي تعاني منه!
يشير موقع Medical News Today للطب والصحة، إلى أنه في دراسة شملت 113006 أشخاص تم الكشف عن وجود سبعة جينات يمكن أن تسبب الأرق. ومن المثير للاهتمام، أن بعض هذه الجينات يمكن أن تسبب حالات مثل الاكتئاب واضطرابات القلق ومتلازمة تململ الساقين، والتي يمكن أن تؤدي جميعها إلى الأرق كما أن الأشخاص الذين يعانون من الأرق غالباً ما يعانون من واحدة أو أكثر من هذه الحالات.
إن كان شريكك يحب الكلام فقد يكون الأمر في جيناته!
نسمع كثيراً أن النساء تتحدث أكثر من الرجال ويدعم هذا الادعاء بحث يوضح أن النساء يتفوهن بحوالي 20 ألف كلمة في اليوم، بينما يقول الرجال 7 آلاف كلمة فقط. كما تستطيع النساء أيضاً تعلم اللغات الأجنبية أفضل من الرجال وفي سن أصغر.تشير دراسة أجرتها كلية الطب بجامعة ميريلاند عام 2013 إلى أن تفسير كل ما سبق يمكن أن يكون في الجينات. فقد توصل الباحثون إلى أن الجين FOXP2، وهو أحد الجينات العديدة المسؤولة عن الكلام لدى البشر، يفرز بروتيناً خاصاً في الدماغ بنسبة أكبر عند النساء. وقد ربط الباحثون هذا البروتين بالطبيعة الأكثر حباً للكلام للمرأة عموماً.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.