استشهد المسنّ سليمان الهذالين (69 عاماً)، الذي يعد أيقونة المقاومة الشعبية الفلسطينية، في جنوبي الضفة الغربية، الإثنين 17 يناير/كانون الثاني 2022، متأثراً بجراحه الخطيرة التي أُصيب بها في 5 يناير/كانون الثاني الجاري، جراء دهسه من قبل مركبة إسرائيلية.
إذ قالت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان، إن المواطن المُسن سليمان الهذالين استشهد متأثراً بجراحه الخطيرة التي أصيب بها عند مدخل قرية أم الخير، بمنطقة مَسافر يطّا جنوب الخليل، بعد دهسه من قبل مركبة تابعة لقوات الاحتلال الإسرائيلية.
كما أوضح البيان أن المسن سليمان الهذالين أُصيب في الرأس والصدر والبطن والحوض، وأُدخل إلى مستشفى الميزان بالخليل لتلقي العلاج، إلى حين استشهاده صباح اليوم (الإثنين).
في 5 يناير/كانون الثاني الجاري تعرّض الهذالين لإصابات بالغة في أنحاء جسده، بعد أن دهسته شاحنة تابعة للشرطة الإسرائيلية داخل قريته "أم الخير" جنوبي الخليل، خلال حملة لجمع سيارات تعتبرها "غير قانونية"، وهي غالباً منتهية الترخيص، وتشترى لبيع قطعها.
يُعرف عن الهذالين مشاركته الواسعة في فعاليات المقاومة الشعبية في الضفة الغربية، واعتراضه الآليات العسكرية الإسرائيلية في كل عملية مداهمة للتجمعات الفلسطينية شرق بلدة يطّا، جنوبي الخليل.
"دهس واستهداف متعمد"
من جهته يقول إبراهيم الهذالين، شقيق الشهيد، سليمان الهذالين، إن أصول عائلته تعود لقبيلة الجهالين، أكبر العشائر البدوية في فلسطين، ومنذ عقود يسكن بعض أفرادها في قرية "أم الخير" جنوبي الضفة.
يواظب إبراهيم على التواجد في مستشفى الميزان، لاستقبال عشرات المسؤولين الفلسطينيين والمتضامنين من معارف شقيقه.
يضيف في حديثه للأناضول: "الحاج سليمان الهذالين كان أحد أعمدة المقاومة السلمية في مواجهة الاحتلال".
كما يشير الهذالين إلى أن الشرطة الإسرائيلية دهست شقيقه "بشكل معتمد عن سبق وإصرار وترصد، وهي محاولة اغتيال جبانة"، مشيراً إلى أن شقيقه مستهدف منذ سنوات "لدوره الفاعل في مواجهة الاستيطان".
يتابع إبراهيم: "المحاولات السابقة (لاغتياله) فشلت، لكن هذه نجحت للأسف الشديد في إيذاء الحاج بشكل كبير جداً، فتنصلوا (أفراد الشرطة) من هذه المسؤولية، وغادروا المكان دون أن يقدموا أي إسعافات له".
بينما يلفت إلى رد شكوى تقدمت بها العائلة للشرطة بخصوص ما حدث مع شقيقه، لكن كانت المفاجأة أن "الشرطة الإسرائيلية رفضت الشكوى من طرفنا، بدعوى أنها هي من قامت برفع دعوى علينا".
فيما يؤكد أن محاولات تقديم الشكوى مستمرة لكن "الأمور تسير ببطء شديد جداً لتعنت الاحتلال وعدم استجابته مع هذه القضية".
سليمان الهذالين حمل إرث أبيه
يعرف الناشط في حقوق الإنسان والمقاومة الشعبية، هشام الشرباتي، الهذالين، عن قرب ويوثق معاناته منذ عقود.
يقول الشرباتي: "كان الشيخ سليمان الهذالين أحد عناوين الصمود جنوب الخليل، أسرته هجرت من النقب، ووالده اشترى أرضاً بداية الخمسينيات واستقر فيها"، في إشارة لقريته "أم الخير".
يضيف أنه أدرك وفاة والد سليمان، الحاج عيد يامن الهذالين، الذي قارع الاستيطان في بداياته حين أقيمت مستوطنة على أرضه "وكان يربط حبل الخيمة في سياج المستوطنة".
يشير الشرباتي إلى أن الحاج سليمان حمل إرث والده "فتعرض منزله ومنازل أبنائه للهدم عدة مرات، وفي كل مرة كان يجري، إعادة بناء هذه المساكن من قبل أفراد الأسرة".
يتابع أن الحاج سليمان عدا عن دفاعه عن التجمع "هو أحد العناوين في مختلف المواقع، ليس فقط جنوب الخليل إنما أحياء أخرى.. نشط في التصدي لعمليات هدم البيوت في المنطقة، وعندما تتحرك الجرافات للمواقع (لتنفيذ هدم) يرمي نفسه أمامها".
يرى الشرباتي أن "الهذالين يستحق لقب أيقونة الصمود والمقاومة الشعبية في فلسطين، ورجل يتحلى بالشجاعة وصاحب إيمان عميق، وكانت أمنيته: شهادة تغيظ العدِى وتسرّ الصديق".
لا تحقيق إسرائيلياً
من جهتها، تقول منظمة "بتسيلم" الحقوقية الإسرائيلية إنها توجهت منذ عام 2000 وحتى نهاية 2015 إلى النيابة العسكرية مطالبة بالتحقيق في 739 حادثة قتل أو جرح أو ضرب فلسطينيين أو استخدامهم دروعاً بشريّة على يد جنود أو تخريب ممتلكاتهم.
تضيف أن النتيجة كانت حتى منتصف عام 2016 أنّ رُبع هذه الحالات لم يجر التحقيق فيها بتاتاً، ونصفها تقريباً فتح فيه ملف تحقيق وأغلق دون أن يسفر عن شيء.
كما تقول إنه في حالات نادرة جداً تمّ تقديم لوائح اتهام ضد الجنود الضالعين في الحادثة عددها 25 لائحة، وهو ما يعني أن احتمالات انتهاء الشكوى بلائحة اتّهام هي 3% فقط.
تجدر الإشارة إلى أنه بين يناير/كانون الثاني ومنتصف ديسمبر/كانون الأول 2021 قتل الجيش الإسرائيلي 324 فلسطينياً وأصاب نحو 17 ألفاً، في الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس، وقطاع غزة، وفق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة.