اختار الرئيس التونسي قيس سعيّد، آلية جديدة تسبق الاستفتاء على الدستور، وذلك بإعلانه إطلاق منصة الاستشارة الإلكترونية الشعبية للعموم ابتداءً من يوم 15 يناير/كانون الثاني 2022.
وتأتي الاستشارة ضمن مسار لخارطة سياسية أطلقها الرئيس التونسي قيس سعيد، تنتهي بانتخابات برلمانية في ديسمبر/كانون الأول 2021.
وتهدف الاستشارة الإلكترونية إلى رصد مقترحات التونسيين بخصوص مسائل سياسية واقتصادية وثقافية واجتماعية، تتولى بعد ذلك لجنة مختصةٌ صياغتها ضمن نصوص قانونية تُعرض على الاستفتاء الشعبي.
المرحلة التجريبية من الاستشارة الإلكترونية انطلقت في 24 محافظة تونسية بمراكز الشباب، وشارك فيها إلى حد 6 يناير/كانون الثاني 2022، نحو 600 مواطن، حسب ما أفاد به شوقي الشيحي المدير العام لتكنولوجيات الاتصال بالوزارة.
ماذا وراء الاستشارة الإلكترونية؟
كشفت مصادر خاصة لـ"عربي بوست" أن الاستشارة الإلكترونية التي أطلقها الرئيس التونسي قيس سعيّد، الغرض منها هو جسّ نبض الشارع التونسي أكثر، من خلال الحصول على استشارات بخصوص الدستور الجديد.
وأضافت المصادر أن الدستور الجديد لتونس أصبح شبه جاهز، ولجنة من أساتذة القانون الدستوري المقربة من الرئيس وضعت أهم معالمه، وكل ما سيجري بعدها مجرد تفاصيل شكلية وفقط.
وأكد المصدر نفسه أن هذه الاستشارة لا جدوى لها لا تقنياً ولا ضمنياً، فـ45% من التونسيين فقط لديهم شبكة إنترنت، والباقي لا يعلم ما الذي يجري في البلاد.
ومن الناحية الثانية فالرئيس وضعها شكلياً؛ لإبعاد شبهة "الحاكم الوحيد" عنه، وذلك بعدما تمكن من إمساك كل دواليب السلطة في البلاد، باستثناء السلطة القضائية.
دعوات لمقاطعة الاستشارة
ترافقت المرحلة التجريبية للاستشارة الشعبية الإلكترونية بدعوات سياسية لمقاطعتها. اعتبر حزب آفاق تونس الليبرالي أن هذه الاستشارة غامضة ولا تمثل كل التونسيين، كما دعت قيادات معارضة لقيس سعيد إلى عدم المشاركة في هذا المشروع الذي يمثل خطراً على البلاد، على حد تعبيرها.
في هذا الإطار قال القيادي بـ"التيار الديمقراطي" نعمان العش، لـ"عربي بوست": "نحن نرفض هذه الاستشارة، ونعتبرها ضرباً من العبث السياسي، ودعونا الشعب إلى مقاطعتها، لعدة أسباب، من بينها شكوكنا في مصداقية نتائجها".
وأضاف المتحدث: "نحن نرفض أيضاً استعمال مقرات الدولة وتجهيزاتها لتنفيذ مشروع سياسي لا يمثل إلا الرئيس".
وكانت أحزاب سياسية دستورية ويسارية شككت في مصداقية هذه الاستشارة، ودعت التونسيين إلى عدم المشاركة فيها، خاصة بعد الاطلاع على مضامين هذه الاستشارة، إذ أكدت أنها "تتضمن أسئلة موجهة لا تؤدي إلا إلى المشروع السياسي الذي يريده الرئيس".
يُذكر أن الاستشارة تتضمن ثلاثين سؤالاً إلى جانب مساحة للتعبير الحر حول الشأن السياسي والانتخابي والاقتصادي والتعليمي والثقافي، وستُعرض مخرجاتها بعد الصياغة النهائية على الاستفتاء الشعبي، وسيكون تعديل دستور 2014 والقانون الانتخابي الحالي، من بين أبرز المسائل التي سيتضمنها الاستفتاء.
مخاوف تقنية من اختراق المنصة
وظهرت مخاوف تقنية من عدم نجاعة المنصة التي وضعتها وزارة تكنولوجيات الاتصال، مع اقتراب فتحها للعموم يوم 15 يناير/كانون الثاني الجاري.
وقالت موظفة بأحد مراكز الشباب- رفضت الكشف عن اسمها- لـ"عربي بوست": "لاحظنا صعوبات في الولوج إلى المنصة عبر الهاتف المحمول، كما أعتقد أن الوزارة لم تنتبه إلى مسألة تقنية مهمة، وهي أن عدداً مُهماً من التونسيين يستعملون شرائح هاتف ليست باسمهم؛ ومن ثم هذا سيُمثل عائقاً أمام المشاركة المكثفة في الاستشارة".
بدورها قال هاجر عبد الرحمن، ناشطة بالمجتمع المدني في بوعرادة، إنها "تتوقع هذه الصعوبات بالنظر إلى تجربة التونسيين مع مختلف المنصات التي تضعها على ذمة المواطنين مثل منصة الأمان الاجتماعي، أو منصة إيفاكس للتلقيح، وغيرها التي تقدم خدمات عن بعد".
“لماذا المصادر مجهولة في هذه القصة؟
بموجب إرشادات موقع “عربي بوست”، نستخدم المصادر المجهولة فقط للمعلومات التي نعتقد أنها تستحق النشر والتي تأكدنا من مصداقيتها، لكننا غير قادرين على الحصول عليها بأية طريقة أخرى.
نحن ندرك أن العديد من القراء يشككون في مصداقية ودوافع المصادر التي لم يتم الكشف عن أسمائها، لكن لدينا قواعد وإجراءات لمعالجة هذه المخاوف، منها أنه يجب أن يعرف محرر واحد على الأقل هوية المصدر، ويجب أخذ موافقة مسؤول القسم قبل استخدام المصادر المجهولة في أية قصة. نحن نتفهم حذر القراء، لكن يجب تفهم أن المصادر غالباً تخشى على وظائفها أو علاقاتها التجارية، وسلامتها.”