أقال رئيس كازاخستان، قاسم جومارت توكاييف، الأحد 9 يناير/كانون الثاني 2022، اثنين آخرين من كبار مسؤولي الأمن، على خلفية اضطرابات هي الأسوأ في البلاد منذ الاستقلال قبل 30 عاماً، فيما قالت السلطات إن الوضع في البلاد يستقر، وإن قوات من تحالف عسكري تقوده روسيا تحرس منشآت رئيسية.
المسؤولان اللذان أقالهما كانا نائبين لرئيس المخابرات السابق كريم ماسيموف الذي اعتُقل في 6 يناير/كانون الثاني للاشتباه في ارتكابه خيانة، وذلك بعد احتجاجات عنيفة اجتاحت الجمهورية السوفييتية السابقة المنتجة للنفط واليورانيوم والمجاورة لروسيا والصين.
هذان المسؤولان هما نائبا رئيس لجنة الأمن القومي (KNB) مارات أوسيبوف، ودولت يرغوجين. لكن السلطات لم تقدم تفسيراً لخطوة الإقالة.
من جهتها، قالت الخدمة الصحفية في الرئاسة الكازاخية، عبر بيان، إن توكاييف عيّن نائبين جديدين لرئيس اللجنة، وهما باكيتبيك كوسجانوف، وأسكر أميرخانوف.
في وقت سابق من يوم الأحد، أكد مكتب الرئاسة، في بيان، أن "الوضع استقر في جميع مناطق البلاد، خاصة أن مؤسسات إنفاذ القانون استعادت السيطرة على المباني الحكومية"، على حد قوله.
مقتل 164 شخصاً في الاحتجاجات
في غضون ذلك، أعلنت وزارة الداخلية الكازاخية، الأحد، مقتل 164 شخصاً في الاحتجاجات المندلعة في البلاد منذ مطلع يناير/كانون الثاني.
كما أعلن وزير الداخلية المؤقت في كازاخستان، ييرلان تورغومباييف، أن بلاده سجلت خسائر بقيمة 212 مليون دولار، منذ اندلاع الاحتجاجات.
تورغومباييف أضاف، في بيان، أن الأحداث التي اندلعت في مناطق غربي البلاد، تواصلت بعد يومين عبر الاستيلاء على المباني الإدارية عبر استخدام الأسلحة، لافتاً إلى عدم تقديم المحتجين أية مطالب لهم، مبيناً أنهم لا يميلون أيضاً إلى المباحثات.
كذلك أشار إلى قيام الشرطة منذ بداية الاحتجاجات، بتوقيف 5 آلاف و135 شخصاً على صلة بالأحداث، إلى جانب توقيف 300 آخرين خلال محاولتهم الخروج من البلاد مصطحبين معهم كميات كبيرة من الأموال، والمركبات، والهواتف المحمولة والمقتنيات الثمينة.
يشار إلى أن خدمة الإنترنت في البلاد لا تزال مقيدة، والاتصالات غير منتظمة، مما يجعل التأكد من الأرقام والبيانات الرسمية أمراً عسيراً، خاصة أنه لا توجد جماعة محددة تتحدث باسم المحتجين.
بينما اعتُقل الآلاف وأُشعلت النيران في مبان حكومية خلال الاحتجاجات الحاشدة المناهضة للحكومة، مما دفع توكاييف إلى إصدار الأوامر للقوات بإطلاق النار بغرض القتل للقضاء على الاضطرابات التي قال إن مسؤوليتها تقع على من وصفهم بـ"قطاع طرق وإرهابيين".
"مكافحة الإرهاب"
من جانبه، قال سلطان جمالتدينوف، نائب وزير الدفاع في كازاخستان: "ستستمر عملية مكافحة الإرهاب… حتى القضاء تماماً على الإرهابيين".
في حين أثارت أعمال العنف تكهنات بحدوث خلاف شديد في صفوف النخبة الحاكمة، إذ يكابد توكاييف لإحكام سلطته بعد أن عزل مسؤولين كباراً وأبعد نزارباييف عن دور سياسي قوي كرئيس لمجلس الأمن بالبلاد.
أيضاً شوّه العنف صورة كازاخستان كدولة مستقرة محكومة بصرامة تجذب استثمارات غربية بمليارات الدولارات في صناعاتها النفطية والمعدنية.
قوات تحالف عسكري تقوده روسيا
بدورها، أرسلت منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي تقودها روسيا والمؤلفة من جمهوريات سوفييتية سابقة، قوات لاستعادة النظام في وقت تشهد فيه العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة توتراً شديداً قبيل محادثات هذا الأسبوع حول الأزمة الأوكرانية.
إلا أن متحدث باسم توكاييف قال، الأحد، إنه يعتقد أن القوات لن تظل كثيراً في كازاخستان، وإن بقاءها قد لا يزيد عن أسبوع.
من جهته، قال الكرملين إن الرئيس فلاديمير بوتين وزعماء آخرين لدول منظمة معاهدة الأمن الجماعي سيعقدون مؤتمراً عبر رابط فيديو، الإثنين، لبحث الوضع في كازاخستان.
تلك التحركات دفعت وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إلى قول إن واشنطن تسعى للحصول على إيضاحات من المسؤولين في كازاخستان عن سبب حاجتهم لاستدعاء قوات أمن بقيادة روسيا للتعامل مع اضطرابات داخلية، مستنكراً الأمر الذي أصدره توكاييف بإطلاق النار بنية القتل لإخماد الانتفاضة في البلاد.
كانت المظاهرات في كازاخستان قد بدأت في 2 يناير/كانون الثاني الجاري، اعتراضاً على زيادة أسعار الوقود، ثم تصاعدت لتتحول إلى حركة احتجاج واسعة ضد حكومة توكاييف والرئيس السابق للدولة الغنية بالموارد نور سلطان نزارباييف (81 عاماً)، أسفرت عن سقوط ضحايا وأعمال نهب وشغب في ألماتي، كبرى مدن البلاد.
أما في 5 يناير/كانون الثاني، أعلنت الحكومة استقالتها على خلفية تلك الاحتجاجات، تلاها فرض حالة الطوارئ في عموم البلاد بهدف حفظ الأمن العام.