منذ بداية انتشار جائحة كورونا أبلغ أطباء الأسنان عن زيادة ملحوظة في عدد المرضى الذين يعانون من صرير الأسنان في الليل، ويُرجح أن التوترات التي خلّفتها الجائحة جعلت الناس يشعرون بالمزيد من القلق والإحباط والتوتر الذي ينجم عنه في كثير من الأحيان صرير الأسنان ليلاً (أي الضغط عليها بقوة مع إصدار صوت مزعج في بعض الأحيان).
لكن هل صرير الأسنان يعتبر مرضاً يحتاج العلاج، أم أنه مجرد سلوك من الممكن التعايش معه؟
أعراض صرير الأسنان
لا يعرف معظم الناس أنهم يصرون على أسنانهم ليلاً ما لم يُخبرهم طبيب الأسنان بذلك، لكن هناك عدد من الأعراض التي قد تشير إلى أنك تعاني من هذه المشكلة ليلاً، منها:
- صرير الأسنان الذي قد يكون مرتفعاً بدرجة كافية لإيقاظ شريكك من النوم.
- الأسنان المكسورة.
- تآكل مينا الأسنان، ما يؤدي إلى كشف طبقات أعمق من أسنانك.
- زيادة ألم الأسنان أو الحساسية.
- عضلات الفك متعبة أو مشدودة طوال الوقت.
- آلام في الفك أو الرقبة أو الوجه.
- صداع خفيف.
- اضطراب النوم.
أسباب صرير الأسنان
وفقاً لما ورد في موقع Mayo Clinic، لا يفهم الأطباء تماماً أسباب الإصابة بصرير الأسنان، ولكن قد يرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل الجسدية والنفسية والوراثية.
قد يكون صرير الأسنان أثناء الاستيقاظ ناتجاً عن مشاعر مثل القلق أو التوتر أو الغضب أو الإحباط أو التوتر. أو قد تكون عادة يتبعها البعض أثناء التركيز العميق.
أما صرير الأسنان أثناء النوم فقد يكون ناتجاً كذلك عن الأرق وصعوبة النوم، فضلاً عن الإجهاد والتوتر.
الوقاية من صرير الأسنان
عادةً ما تُوصَف واقيات الأسنان المصنوعة من الأكريليك أو المطَّاط -والتي تُسمَّى غالباً بالواقي الليلي للأسنان- باهظة الثمن لاستخدامها كوسيلةٍ وقائية.
في حين أن الواقيات الليلية قد تساعد في منع بعض التآكل في الأسنان، إلا أن بعض الدراسات تشير إلى أنها قد تكون غير فعَّالة أو تفاقم المشكلة.
وقد دفع هذا بعض الخبراء في مجالات طب الأسنان وعلم الأعصاب وعلم النفس وجراحة العظام إلى القول بأنه يجب أن تكون هناك نقلةٌ نوعية في فهمنا لأسباب صرير الأسنان وعلاجها.
إذ يقولون إننا لا يجب أن نعتبره اضطراب سلوك، مثل التثاؤب أو التجشؤ أو العطس.
يقول فرانك لوببيزو، باحث صرير الأسنان وأستاذ ورئيس المركز الأكاديمي لطب الأسنان بأمستردام: "ليس من غير الطبيعي أن يكون هناك صريرٌ للأسنان، وفي الواقع يمكن أن يكون مفيداً لك".
كيف يمكن لصرير الأسنان أن يكون مفيداً؟
وفقاً لما ورد في صحيفة New York Times الأمريكية، تشير دراسات النوم إلى أن غالبية الأشخاص لديهم نشاط في عضلة الفك (عضلة المضغ الرئيسية) أثناء الليل. ويحدث هذا النشاط على شكل صرير أثناء نوم حركة العين غير السريعة، لذا خلافاً للاعتقاد السائد فأنت لا تصر على أسنانك وأنت تحلم.
علاوة على ذلك، تشير الأدلة إلى أن هذا النشاط العضلي يمكن أن يكون له تأثير صحي يتمثل في فتح مجرى الهواء للسماح بدخول المزيد من الأوكسجين.
يحفِّز الانقباض والصرير أيضاً الغدد اللعابية على تليين الفم الجاف وتحييد حمض المعدة.
نتيجة لذلك، يقول الخبراء إنه قد يكون من الخطر ارتداء الواقي الليلي للأسنان إذا كنت تعاني من توقف التنفُّس أثناء النوم أو اضطراب ارتجاع معدي معوي حاد أو ارتجاع المريء.
هل يجب فعلاً أن نعالج مشكلة صرير الأسنان؟
تقول كارين رافائيل، عالمة النفس والأستاذة في كلية طب الأسنان بجامعة نيويورك: "هناك علاجاتٌ مُفرِطة لمشكلةٍ غير موجودة"، مشيرةً إلى الاستخدام الواسع النطاق لواقيات الفم والمهدِّئات، وحتى حقن البوتوكس، لمنع صرير الأسنان.
وتضيف: "لا يوجد دليل على أن تآكل الأسنان يعكس بالضرورة وجود صرير".
في الواقع، على حدِّ قولها، غالباً ما يرتبط تآكل الأسنان بالنظام الغذائي الحمضي، الذي يؤدي إلى تآكل المينا ويؤدي إلى صرير الأسنان لزيادة درجة الحموضة في الفم. أما علاج صرير الأسنان في هذه الحالة فهو تغيير النظام الغذائي.
بالطبع، غالباً ما يحدث الإفراط في إنتاج حمض المعدة والارتجاع في أوقات الإجهاد، وهو ما قد يفسر تزايُد صرير الأسنان مع تزايد القلق والإجهاد.
العوامل الأخرى التي قد تزيد من صرير الأسنان هي قلة نظافة النوم والوضعية السيئة.
إذا كان نومك خفيفاً أو قليلاً فإنك تقضي وقتاً أطول في نوم حركة العين غير السريعة، وهو الوقت الذي يحدث فيه صرير الأسنان بشكلٍ طبيعي. قد يكون هذا بسبب الإجهاد، ولكن أيضاً بسبب استهلاك الكافيين.
ويقول جيل لافين، عالم الأعصاب وطبيب الأسنان والأستاذ بجامعة مونتريال: "صرير الأسنان ليس مرضاً، إنه مجرد سلوك، ومثل أي سلوك عندما يصل إلى مستوى قد يكون مزعجاً قد تحتاج إلى استشارة طبيب".
ربما يمكن لأخصائي علاج طبيعي أن يعلِّمك كيفية إرخاء فكك والقيام بالتنفُّس البطني. وربما يمكن لطبيب نفسي أن يساعدك على تعديل السلوكيات التي تؤدي إلى زيادة صرير الأسنان.
إجراءات بسيطة للتخلص من المشكلة
قد يكون نظامنا الغذائي الحديث جزءاً من المشكلة، وبالتالي فإن تعديله قد يؤدي إلى حلها، من الممكن مثلاً أن تتجنب الأطعمة الحامضية وتتجنب الطعام قبل النوم للتخفيف من مشكلة صرير الأسنان.
كذلك فإن الوسائد والمراتب الناعمة تجعل أفواهنا أكثر عرضة للانفتاح، ما يؤدي إلى سيلان اللعاب، ويؤدِّي بدوره إلى فمٍ أكثر جفافاً وحموضةً، ناهيكم عن ترهُّل عضلات الرقبة، ما يزيد من انسداد مجرى الهواء.
لعلَّ الوسادة المتينة، أو البطانية المطوية تحت الرأس، تساعد في شد الفم والرقبة والمجرى الهوائي وتقويته، وبالتالي التخفيف من صرير الأسنان.