ي نهايات عام 2019 بدأ بشار الأسد هذه المطاردة الطويلة لرجال الأعمال، فإلى أين وصلت الأوضاع في بدايات 2022؟
لم تعد مطاردة.
بل حملة واسعة من الابتزاز والتضييق والمصادرات، وجمع الأموال من رجال الأعمال تحت شعار "محاربة الفساد".
وفي الربع الأخير من 2019، أجرت حكومة النظام السوري تسويّة مع 30 من كبار رجال الأعمال في سوريا بعد اتهامهم بـ "الفساد والكسب غير المشروع والاستفادة من ظروف الحرب".
لكنه كان إجراء شكليا يزيد من موارد أسرة الأسد، المثقلة بجراح الحرب.
تحكم العائلة سوريا لأكثر من 5 عقود بمساعدة أجهزة الأمن والجيش، فيما تهيمن الأقلية العلوية على شؤون البلاد.
العقد الأخير من هذه المدة شهد اندلاع الحرب الأهلية التي انطلقت شرارتها بسبب قمع أجهزة الأمن تظاهرات دعت إلى "إصلاحات" وللحد من سطوة أجهزة الأمن.
و"الإصلاحات" التي نادى بها أبناء سوريا هي مزيج من "الخبز والحرية والكرامة الإنسانية"، كما هتفت حناجر الربيع السوري في 2011.
المزيج الذي يندرج كله تحت عنوان واحد: محاربة الفساد الذي أكل الأخضر واليابس في بلاد الشام.
لكن الحرب الدامية سفكت الدماء وألقت الملايين خارج بيوتهم، ولم ينتصر فيها إلا.. الفساد.
وجذب الصراع السوري قوى عالمية واقليمية وأسفر عن مقتل مئات الآلاف وتشريد الملايين ودمار واسع أعاد سوريا عقوداً الى الوراء، لكنه يقترب من نهايته بعد أن عادت للأسد السيطرة على معظم أنحاء البلاد بدعم من حلفائه الروس والإيرانيين.
استعاد الأسد سيطرته، واستعادت أسرته التحكم في ثروات البلد عبر شبكة من المافيا العائلية التي لا تمرض ولا تموت، منذ عصر الأسد الأب.
هذا التقرير يستعرض نشأة وتطور "بيزنس" الفساد والنهب في عائلة الأسد، وحصاد العامين الأخيرين في مطاردة رجال الأعمال وتهديدهم واختطاف شركاتهم الكبرى، في تأسيس جديد للحكم الكليبتوقراطي، اللصوصيّ، الذي يحتل دمشق منذ عقود طويلة.
إبحث عن شجرة العائلة
في 2019 كانت الموجة الأولى من مطاردة رجال الأعمال.
في ذلك العام القريب البعيد، "أعاد نظام بشار فتح ملف ثروات رجال الأعمال وهددهم عبر السلطات الأمنية وحاكم مصرف سورية المركزي، لدفع إتاوات وإلا سيصار إلى ملاحقتهم بتهم الفساد".
حدث ذلك وقتها لأن خزينة الدولة "خاوية"، والنظام في حاجة لشراء الحبوب أو المشتقات النفطية، كما كشف مسؤول سوري سابق لصحيفة العربي الجديد.
طلقة التحذير الأولى التي تلقاها رجال الأعمال جاءت على لسان بشار نفسه، حين توعّد رجال الأعمال في كلمة أمام مجلس الشعب، قال فيها "مستمرون في استرداد الأموال العامة المنهوبة بالطرق القانونية وعبر المؤسسات، ولن يكون هناك أي محاباة لأي شخص يظن نفسه فوق القانون".
إذن استثمارات رجال الأعمال هي أموال منهوبة.
وبشار يتعهد بأنه سوف يستردها.
وقد فعل تقريبا.