قد ينصحنا خبراء التغذية والأطباء بأن أجسامنا تحتاج إلى فيتامينات معينة، لكننا لا نأكل المواد المغذية أو المكونات وحدها، بل نأكل وجبات طعام، وطبعاً نريد الاستمتاع بمذاق طعامنا وأيضاً دون أن نكلف أنفسنا شراء أطعمة معينة مخصصة لأنظمة غذائية.
أيضاً هذا لا يعني أن علينا الامتناع تماماً عن تناول شطائر برغر بيغ ماك من ماكدونالدز، أو الكعك، أو البطاطس المقلية، لكن نصائح أطباء التغذية تدور دائماً في فلك عدم الانغماس في تناول هذا النوع من الأطعمة، خصوصاً إذا كنت تريد الحفاظ على نمط حياة صحي، كما لفت الدكتور روبرت إيكل، الرئيس السابق لجمعية القلب الأمريكية وأخصائي الغدد الصماء والدهون بجامعة كولورادو دنفر.
كذلك ليس هناك نظام غذائي واحد يناسب الجميع، بل هناك مبادئ تُشكّل أساس الأنظمة الغذائية التي تناسب الجميع، والهدف هو جعل التغذية الصحية ممكنة للجميع من ناحية المكونات الغذائية ومن ناحية التكاليف، كما أشار الدكتور نيل جيه ستون، طبيب القلب الوقائي في كلية الطب بجامعة نورث ويسترن، لصحيفة New York Times الأمريكية.
طريقة أكل صحية للقلب
خلال الـ15 سنة الماضية منذ أصدرت جمعية القلب الأمريكية آخر دليل إرشادات غذائية لها بغرض تقليل مخاطر أمراض القلب والأوعية الدموية لم يتغير شيء، إذ يستهلك الأمريكيون الكثير من السكريات المُضافة، والدهون المُسببة لانسداد الشرايين، والنشا المُكرر، واللحوم الحمراء، والملح، ولا يأكلون كفايتهم من الخضراوات الغنية بالمُغذيات، أو الفاكهة، أو المكسرات، أو البقوليات، أو الحبوب الكاملة التي يُمكنها أن تقي من أمراض القلب والسكر والسرطان.
لذلك قررت الجمعية تجربة نهج مختلف هذه المرة، بتغيير نصائح التغذية التي تركز على العناصر الغذائية والمكونات الفردية، إلى التركيز على الأنماط الغذائية الشاملة التي يمكن أن تناسب حياة الناس وميزانياتهم بشكل أفضل.
إذ قالت الدكتورة أليس إتش ليختنشتاين، كبيرة مؤلفي دليل الإرشادات بجمعية القلب الأمريكية، إنّه بدلاً من نشر قائمة طويلة من الأشياء التي "لا يجب أن تأكلها" اختارت لجنة الاتحاد المعنية بالتغذية وأمراض القلب والأوعية الدموية الترويج للأنماط الغذائية الصحية للقلب، التي يمكن أن تناسب مجموعة واسعة من الأذواق وعادات الأكل.
على سبيل المثال، بدلاً من حث الناس على تجنب المعكرونة لأنها عبارة عن كربوهيدرات مكررة، قد يكون من الأولى توجيههم لتناولها بالطريقة الإيطالية التقليدية، باعتبارها طبق مُقبلات صغيراً. وإذا كانت المعكرونة هي الطبق الرئيسي فعليهم اختيار نوع مصنوع من كربوهيدرات غير مكررة مثل القمح الكامل، أو الأرز البني، أو العدس.
وهذا يعني التركيز على التغييرات التي تدوم مدى الحياة، والتي تتضمن التفضيلات الشخصية، وتقاليد الطهي، وما هو متاح أينما يتسوق الناس ويأكلون.
مبادئ استهلاك الطعام من جمعية القلب الأمريكية
المبدأ الأول من دليل الإرشادات هو ضبط "استهلاك الطاقة ونفقاتها" من أجل "الوصول إلى وزن الجسم الصحي والحفاظ عليه"، وهي توصية قد يكون من الأسهل اتباعها مع المبدأين التاليين: تناول الكثير من الفاكهة والخضراوات، واختيار أطعمة مصنوعة في الغالب من الحبوب الكاملة بدلاً من الحبوب المكررة.
تضمنت خيارات البروتين الصحية التي أوصت بها اللجنة الأسماك والمأكولات البحرية (غير المقلية أو المغلفة بالبقسماط)، والبقوليات، والمكسرات، ومنتجات الألبان قليلة الدسم أو الخالية من الدهون. وإذا كنت ترغب في تناول اللحوم فاختر القطع الخالية من الدهون، وامتنع عن اللحوم المصنعة مثل النقانق واللحوم الباردة التي تحتوي على نسب عالية من الملح والدهون المشبعة.
وقد جاءت توصيات اللجنة بخصوص الأطعمة البروتينية في التوقيت المناسب، إذ إنّ اختيار البروتينات النباتية بدلاً من الحيوانية هو أمرٌ قيّم من الناحية الصحية للمستهلكين، كما أنّه يُساعد على تعزيز صحة الكوكب بشكلٍ عام.
أيضاً يُدرك الخبراء منذ وقتٍ طويل أن المنتجات الحيوانية مثل لحم البقر والضأن والعجول لها تأثير سلبي غير متناسب على البيئة، حيث تتطلب تربية الحيوانات المزيد من المياه والأراضي، كما تنتج غازات دفيئة أكثر مما تتطلبه زراعة النباتات الغنية بالبروتين.
ولحماية صحة البيئة والإنسان على السواء، أوصت اللجنة بأن يبتعد النظام الغذائي للفرد عن الزيوت الاستوائية -زيت جوز الهند وزيت النخيل وزيت نواة النخيل- وكذلك الدهون الحيوانية (الزبدة)، والدهون المهدرجة جزئياً.
ويمكنك بدلاً من ذلك استخدام الزيوت النباتية السائلة مثل زيت الذرة، وفول الصويا، والقرطم، وعباد الشمس، والكانولا، والجوز، والزيتون. وقد ثبت أن هذه الزيوت تقلل خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنحو 30%، وهو تأثير يمكن مقارنته بتأثير تناول عقار ستاتين.
أما بالنسبة للمشروبات فقد أقرت اللجنة دليل الإرشادات الغذائية القومي الحالي الذي يُوصي بتجنب المشروبات ذات السكريات المُضافة (يشمل ذلك العسل وعصير الفاكهة المركز)، كما شملت النصائح تجنب الكحول.
كما يمكن للأنماط الغذائية التي حددتها اللجنة أن تمنحك مزايا إضافية تفوق الحد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، مثل النوبات القلبية والسكتات الدماغية، إذ يمكنها حمايتك أيضاً من مرض السكري من النوع الثاني وتدهور وظائف الكلى، وقد تُساعد كذلك في تعزيز القدرات الإدراكية وإبطاء معدل التدهور الإدراكي المرتبط بالتقدم في العمر.
عوامل تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب!
هناك بعض العوامل الأخرى التي قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب، ولكي تقلل خطر الإصابة بأمراض القلب عليك معرفة تلك العوامل الغريبة أيضاً كي تنتبه إليها، وهنا نعرض هذه العوامل غير المتوقعة التي قد تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب.
1- التجاعيد العميقة في الجبين جرس إنذار يمكن الانتباه إليه مبكراً
في المؤتمر السنوي للجمعية الأوروبية لأمراض القلب في عام 2018، قدم بعض الباحثين بحثاً علمياً، مفاده أن الأشخاص الذين يعانون تجاعيد عميقة في الجبين أكثر من المعتادة بالنسبة لأعمارهم قد يكونون أكثر عرضة للموت بأمراض القلب والأوعية الدموية.
يقول مؤلف الدراسة يولاند إسكويرول، أستاذ مشارك في الصحة المهنية بمركز مستشفى جامعة تولوز في فرنسا، إننا قد لا نتمكن من رؤية أو الشعور بعوامل الخطر مثل ارتفاع الكولسترول في الدم أو ارتفاع ضغط الدم.
وأضاف أنه بعد البحث الجديد يمكن التعرف بسهولة على إحدى علامات الخطر للإصابة بأمراض القلب، من خلال النظر إلى تجاعيد الجبين. فعلى الرغم من أن هذه التجاعيد ليست الطريقة المثلى لتقييم مخاطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية فإنها قد تكون إنذاراً مبكراً للإصابة.
2- عدم تناول وجبة الإفطار يسبب حدوث متلازمة التمثيل الغذائي
يميل الأشخاص الذين يتناولون وجبة الإفطار بانتظام إلى انخفاض معدلات الإصابة بأمراض القلب وارتفاع الكولسترول في الدم وارتفاع ضغط الدم، وفقاً لبيان علمي صادر عن جمعية القلب الأمريكية.
وفقاً للدكتورة ماري آن بومان، العضو بإحدى الحركات التابعة لجمعية القلب الأمريكية، فإن هناك كثيراً من الأدلة التي تشير إلى أن تناول وجبة الإفطار مهم لصحة القلب والأوعية الدموية.
فعند تخطي هذه الوجبة المهمة يزداد خطر الإصابة بالسكري والكولسترول المرتفع وزيادة الوزن والسمنة، التي هي من أهم عوامل الخطر التي تهدد بالإصابة بأمراض القلب. وتعرف هذه الأعراض مجتمعة باسم متلازمة التمثيل الغذائي.
3- التهابات اللثة تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب
تُظهر بعض الدراسات البحثية وجود علاقة بين أمراض اللثة وأمراض القلب، فقد وجدت دراسة أجريت في عام 2014، أن الأشخاص الذين يعتنون بنظافة أسنانهم وصحة اللثة يكونون أقل عرضة للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية بنسبة بين 10 و40% ممن لا يقومون بأي عناية بالفم.
كما خلص مؤلفو دراسة أخرى إلى أن أمراض اللثة تزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب بنسبة 20% تقريباً.
وقد أقرت جمعية طب الأسنان الأمريكية وجمعية القلب الأمريكية بالعلاقة بين أمراض اللثة وأمراض القلب. قد تزيد أمراض اللثة من خطر الإصابة بأمراض القلب، لأن الالتهابات في اللثة والبكتيريا قد تؤدي في النهاية إلى تضييق الشرايين المهمة.
4- تلوث الهواء قد يؤدي إلى فشل القلب
تتسبب جزيئات الملوثات الصغيرة الموجودة بالهواء الجوي في حدوث مشاكل كبيرة بالقلب، وقد تكون الآثار فورية أو طويلة الأجل.
فعلى سبيل المثال، يعاني الشخص المصاب بتصلب الشرايين، أو تراكم رواسب دهنية على البطانة الداخلية للشرايين، مشاكل فورية عندما تؤدي الملوثات دوراً في التسبب في تمزق اللويحات التي تكونها الرواسب الدهنية، وهو ما يؤدي إلى نوبة قلبية.
ويُعتقد أيضاً أن التلوث له آثار التهابية على القلب، وهو ما يسبب مشاكل مزمنة في القلب والأوعية الدموية. كما يهتم الباحثون بشكل خاص بجزيئات التلوث التي يقل حجمها عن 2.5 ميكرون، والتي ترتبط عادة باحتراق الوقود. نظراً إلى أنها صغيرة جداً لا يمكن فحصها بسهولة، وتدخل بسهولة أكبر إلى جسم الإنسان، ثم تبدأ تلك الجزيئات في تهييج الرئتين والأوعية الدموية حول القلب.
يمكن أن يؤدي التعرض قصير الأجل إلى زيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتة الدماغية وعدم انتظام ضربات القلب وفشل القلب لدى الأشخاص المعرضين للإصابة، مثل كبار السن، أما التعرض طويل الأجل فيزيد من خطر الموت.
5- اضطرابات النوم لها علاقة وطيدة بأمراض القلب
يعاني بعض الأشخاص الأرق، وبعض مشاكل النوم الأخرى كتوقف التنفس في أثناء النوم، وغالباً ما تتفاقم اضطرابات النوم مع التقدم في العمر، وتكون لها آثار وخيمة على الصحة.
من بين أبرز هذه الآثار الصحية المساهمة في أمراض القلب يرتبط ضعف نوعية النوم بشكل عام، خاصة توقف التنفس في أثناء النوم، بزيادة خطر ارتفاع ضغط الدم. ارتفاع ضغط الدم هو أحد عوامل الخطر الرئيسية لمرض الشريان التاجي.
قد تسهم مشكلات النوم في الإصابة بأمراض القلب بطرق أخرى أيضاً، فالحرمان من النوم يؤدي إلى تباطؤ عملية الأيض، وهو ما قد يؤدي إلى زيادة الوزن، يرتبط الوزن الزائد بشدة بمرض السكري، وهو عامل خطر رئيسي آخر لأمراض القلب.
6- الصداع النصفي وأمراض القلب
كشفت دراسة أجراها باحثون من الدنمارك أن الأشخاص الذين يعانون الصداع النصفي قد يكونون أكثر عرضة للإصابة بمشاكل القلب والأوعية الدموية.
ووفقاً للدراسة يرتبط الصداع بزيادة خطر الإصابة بعدة مشاكل قلبية، وضمن ذلك النوبة القلبية والسكتة الدماغية والرجفان الأذيني (نوع من عدم انتظام ضربات القلب) والجلطات الدموية التي تبدأ في الأوردة.
وقد اقترحت دراسات سابقة وجود صلة بين الصداع النصفي وخطر السكتة الدماغية والنوبات القلبية، خاصة بين النساء.
وقد وجدت الدراسة الدنماركية أن الارتباط بين الصداع النصفي وبعض مشاكل القلب والأوعية الدموية كان أقوى لدى النساء أيضاً.
7- الولادة المبكرة مرتبطة بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب
بالمقارنة مع الولادات كاملة المدة، كانت النساء اللائي يلدن قبل الأوان معرضات بشكل كبير لخطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
ففي دراسة نُشرت في عام 2017، وجد باحثون أن النساء اللائي يلدن قبل الأوان قبل 37 أسبوعاً لديهن خطر أعلى بنسبة 40% للإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية مقارنة بالنساء اللائي يلدن أطفالهن بعد 37 أسبوعاً.
والنساء اللواتي ولدن في وقت مبكر قبل 32 أسبوعاً كان لديهن ضعف خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.