كان الغرب يسخر من الطائرات الصينية وحال القوات الجوية الصينية حتى سنوات قليلة مضت، ولكن اليوم تعد القوات الجوية الصينية ثالث قوة في العالم وهي تتقدم بسرعة لتحتل المركز الثاني، بطريقة تُقلق الولايات المتحدة وجيران بكين الآسيويين.
فكيف تحوَّلت القوات الجوية الصينية من سلاح جو مثير للسخرية وأحياناً للشفقة إلى القوة الجوية الثالثة في العالم، بل قوة يتحسب لها الغرب بطريقة تفوق تحسُّبه لروسيا التي تهدد أوكرانيا شريكته في الناتو.
تقول وزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" إن عملية تعزيز القوات الجوية الصينية تعني أن الصين "تلحق بسرعة بالقوات الجوية للدول الغربية"، حسبما ورد في تقرير لموقع Business Insider الأمريكي.
وفقاً للتقرير السنوي لوزارة الدفاع الأمريكية حول الجيش الصيني، الصادر في نوفمبر/تشرين الثاني 2021، فإن القوات الجوية الصينية والقوات الجوية للبحرية الصينية "تشكل الآن أكبر قوة طيران بالمنطقة وثالث أكبر قوة عالمياً".
يقدر البنتاغون أن الصين لديها ما يقرب من 2800 طائرة في هاتين القوتين، لا تشمل الطائرات بدون طيار وطائرات التدريب. نحو 2250 منها طائرات مقاتلة مخصصة، من ضمنها 1800 مقاتلة، نحو 800 منها تعتبر من طائرات الجيل الرابع.
وبحسب التقرير، فقد تحولت القوات الجوية الصينية على وجه الخصوص، في السنوات الأخيرة، من الدفاع الجوي الإقليمي إلى "العمليات الهجومية والدفاعية"؛ لبناء قوة "قادرة على استخدام القوة الجوية على نطاق بعيد".
البداية نُسخ غير مكتملة من طائرات سوفييتية عتيقة
في بداية الحرب الباردة، اعتمدت الصين على طائرات سوفييتية الصنع، ثم زودت موسكو بكين ببعض التقنيات لتصنيع طائرات، ولكن سرعان ما حدث الخلاف الصيني-السوفييتي في ستينيات القرن الماضي، فبدأت موسكو تتلكأ في نقل التكنولوجيا، ثم أوقفت عملية نقل التكنولوجيا، وعلقت الصين في مرحلة لم تكن قد حصلت خلالها على تكنولوجيا كافية لدرجة مقبولة بمعيار ذلك العصر، أو حصلت على تكنولوجيا طائرات غير كاملة.
فعندما قدَّم الاتحاد السوفييتي الطائرة الشهيرة ميغ 21 للصين في الستينيات، لتجميعها لديها، لم يقدم كل الوثائق الخاصة بالطائرة، وعندما توترت العلاقات بين البلدين، وتوقفت موسكو عن مساندة بكين في إنتاج الطائرة، لجأت بكين للهندسة العكسية المكثفة، وبالفعل صنعت نسخة من الطائرة سميت جي 7 (Chengdu J-7).
وهكذا أصبحت الصين تعتمد على هذه الطائرة وعدد من النماذج السوفييتية الأخرى، لبناء نسخها الخاصة، التي صدَّرت بعضها، وضمن ذلك للدول العربية.
العقد الضائع
ولكن الصين لم تعد بعد القطيعة مع موسكو تطوير طائراتها الخاصة، خاصة بعد مجيء الثورة الثقافية التي تسببت في فوضى بالبلاد خلال الفترة من 1966 إلى 1976، وأخَّرت مشروعات تطوير التسليح.
في ذلك الوقت، أصبحت الصين متأخرة في عالم الطيران بشكل كبير، وباستثناء قاذفات تقليد لقاذفات روسية قديمة وطائرات جي 7، اتسعت الفجوة بين الصين والاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة وحتى الهند، بشكل يمثل خطراً على الأمن القومي الصيني.
وأصبح الجيش الصيني، وضمنه القوات الجوية الصينية، معزولاً عن الاتجاهات الحديثة في التسليح وحتى التدريب حتى إن بكين لجأت إلى الطيارين الباكستانيين للتدريب على بعض التكتيكات الحديثة.
كما أن الصين كانت محرومة من استيراد السلاح السوفييتي، وسمح لها خلال فترة قصيرة من الانفتاح على الغرب في الثمانينيات، باستيراد تقنيات أمريكية وأوروبية، ولكن هذه الثغرة سرعان ما أُغلقت عقب مذبحة ميدان السلام السماوي ضد الطلاب المطالبين بالديمقراطية في بكين عام 1988.
أول مقاتلة صينية شبه أصلية متأخرة نحو 20 عاماً عن نظيراتها
في الثمانينيات، كانت أول مقاتلة صينية شبه أصلية، المقاتلة الاعتراضية J-8، وهي في الأساس نسخة مطولة من إحدى تلك الطائرات المنسوخة.
كان لخليفتها، J-8II، أنف وترقيات جديدة ولكنها كانت متأخرة إلى حد كبير عن أي منافسين محتملين بحلول الوقت الذي دخلت فيه الخدمة أواخر الثمانينيات، بينما كانت تقليداً لمقاتلات الستينيات الأمريكية والسوفييتية مثل إف 4 فانتوم الأمريكية وسوخوي 15 السوفييتية.
قصة طائرة استغرق تصنيعها 30 عاماً
الطائرة الأكثر عدداً لدى الصين هي J-10، التي يعتقد أن تصميمها اعتمد في البداية على مشروع الطائرة الإسرائيلية لافي.
ويُعتقد أن نحو 488 نسخة من طراز J-10 في الخدمة مع القوات الجوية الصينية والقوات الجوية للبحرية الصينية.
تم طرح J-10 في عام 2005، وهي مقاتلة متعددة المهام ذات محرك واحد بجناح دلتا وتقارَن بالـ"إف-16″ الأمريكية.
كانت المقارنة بين المقاتلة الصينية J-10 والطائرة الأمريكية الشهيرة F-16 أمراً يدعو إلى السخرية قبل سنوات، فكيف يمكن مقارنة مقاتلة صينية بالطائرة الأمريكية الشهيرة، ولكن اليوم نتيجة هذه المقارنة قد تكون صادمة للأمريكيين.
تحتوي J-10 على 11 نقطة تعليق صلبة، ورادار نشط ممسوح ضوئياً إلكتروني، يُعتقد أنها قادرة على تجاوز سرعات ماخ 2 (الماخ هو سرعة الصوت)، ولها سقف تشغيلي يبلغ نحو 60 ألف قدم.
الـJ-10، عكس كثير من الطائرات (والمنتجات الصينية)، ليست مجرد تقليد لطائرة روسية أو أمريكية؛ بل هي مشروع صيني استغرقت عملية تطويره سنوات طويلة، وشكَّل علامة وطفرة بالنسبة لصناعة الطائرات الصينية، رغم جذوره الإسرائيلية.
إذ تعد J-10 أول تصميم صيني محلي تقريباً على قدم المساواة مع مقاتلات الجيل الرابع الغربية والروسية.
ومع ذلك، هناك أدلة كبيرة على أن تطوير المقاتلة الصينية J-10 اعتمد بشكل كبير على الاستفادة من المقاتلة لافي التي طورتها إسرائيل بمحركات أمريكية في ثمانينيات القرن العشرين، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
وأوقفت إسرائيل المشروع، بسبب تكلفته وإصرار الولايات المتحدة التي توفر 40% من مكونات Lavi، على منع تصديرها؛ حتى لا تنافس إف-16، حسبما ورد في تقرير مجلة The National Interest.
ويعتقد أن إسرائيل نقلت تكنولوجيا هذه الطائرة للصين.
فخلال الثمانينيات، كانت الولايات المتحدة وأوروبا الغربية تصدّران أيضاً التكنولوجيا العسكرية إلى الصين، التي كان يُنظر إليها على أنها قوة موازنة للاتحاد السوفييتي. حتى إن الشركات الأمريكية استكشفت تطوير مقاتلات J-7 وJ-8 الصينية. ومع ذلك، انتهى التعاون الدفاعي الصيني الغربي فجأة بعد مذبحة ميدان السلام السماوي الشهيرة التي استهدفت الطلاب المطالبين بالديمقراطية في 4 يونيو/حزيران 1989.
ومع ذلك، في منتصف التسعينيات، بدأت الصحف الأمريكية في الحديث عن قلق وكالات الاستخبارات الأمريكية بشأن استمرار نقل التكنولوجيا الإسرائيلية إلى الصين، وضمن ذلك بعض المكونات التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل.
على أي حال، فإن المقاتلة الصينية J-10 مستوحاة من الطائرة لافي الإسرائيلية أكثر من كونها استنساخاً صريحاً، فهي أطول وأثقل بشكل ملحوظ، ولها أجنحة مختلفة.
يمكن القول إن بعض التطويرات التي أدخلها الصينيون جعلت طائرتهم تبتعد عن اللافي لتصبح أقرب إلى "إف-16″، خاصة في الحجم والمهمة.
ودفعت المخاوف بشأن عمليات نقل التكنولوجيا بين إسرائيل والصين الكونغرس إلى حظر تصدير المقاتلة الشبحية F-22 Raptor عالية التقنية؛ حتى لا يكون هناك احتمال لنقلها إلى إسرائيل، التي قد تسرب تكنولوجيتها للصين.
وتمثل الطائرة J-10 نموذجاً للصبر الصيني، فلقد بدأت كفكرة عام 1981، ودخلت الخدمة عام 2006.
الصين تستغل حاجة روسيا للمال لاستنساخ طائراتها
في أوائل تسعينيات القرن العشرين، كان انهيار الاتحاد السوفييتي نعمة للصين عوَّضت الحصار الغربي بعد أحداث ميدان السلام السماوي، في ظل حاجة روسيا الماسَّة للمال.
فلقد بدأت الصين في شراء مقاتلات الجيل الرابع من روسيا؛ لتعزيز مخزونها واكتساب الخبرة الفنية.
اشترت الصين عدداً من مقاتلات Su-27 وSu-30MKK وSu-35 من روسيا بين عامي 1992 و2015، وبدأت في صنع نسخها الخاصة من تلك الطائرات بمجرد حصولها عليها.
كانت أول طائرة من هذا النوع، J-11، وهي نسخة مرخصة من Su-27. تهدف إلى أن تكون مقاتلة تفوُّق جوي ثقيل، وقد احتفظت بالعديد من خصائص وقدرات Su-27، وضمن ذلك مدفع 30 ملم، و10 نقاط صلبة للصواريخ، وسرعة قصوى تبلغ نحو 2 ماخ، وسقف تشغيلي يبلغ نحو 60 ألف قدم.
في عام 2004، أنهت الصين إنتاج J-11 وبدأت في إنتاج نسخة ذات هندسة عكسية، J-11B، مقابل شروط اتفاقية الإنتاج المشترك مع روسيا.
وهكذا سارت الصين على منهجها القديم في نسخ الطائرات الروسية حتى مع الطائرات الحديثة المعقدة، فلقد قامت بمحاكاة السوخوي 27 دون ترخيص من موسكو، وأنتجت نسخاً مماثلة لها إلى حد كبير مثل الطائرات J 11 بمتغيراتها، ثم انتجت الطائرة الأكثر تطوراً المعروفة باسم J 16 والتي قد تكون تأثرت ببعض تقنيات سوخوي 30.
هناك نحو 297 طائرة من طراز J-11 من طرازات متعددة في الخدمة حالياً مع كل من PLAAF وPLAN Aviation.
وفي حين أن J-11 مخصصة لمهام التفوق الجوي، فإن J-16 مقاتلة متعددة المهام قادرة على شن غارات جوية، لديها 12 نقطة تعليق للصواريخ والقنابل، إضافة إلى رادار نشط ممسوح إلكترونياً من طراز أيسا، وهو أكثر تطوراً من الردارات الروسية، حيث لم تستطع موسكو بعدُ إنتاج طراز أيسا، وهو ما يعني الصين تفوقت على مُعلمتها روسيا.
ويوجد أكثر من 150 طائرة من طراز J-16 في إصدارات متعددة في الخدمة مع القوات الجوية الصينية، والتي بدأت في نوفمبر/تشرين الثاني، التدريب القتالي للطائرة J-16D، وهي نسخة حرب إلكترونية.
وتمتلك القوات الجوية للبحرية الصينية مقاتلة خاصة بها تُعرف باسم J-15 أيضاً. استندت الصين في تصميم J-15 إلى نموذج أوَّلي غير مكتمل للطائرة السوفييتية المخصصة للانطلاق، من حاملات الطائرات Su-33، تم شراؤها من أوكرانيا، حيث كانت روسيا غير راغبة في بيع Su-33 إلى الصين.
هناك ما لا يقل عن 34 طائرة من طراز J-15 في الخدمة مع PLAN Aviation، وهي الطائرة الوحيدة ذات الأجنحة الثابتة القادرة على العمل على حاملة طائرات في الصين. ومع ذلك، فهي تواجه عدداً من المشكلات، من ضمنها حقيقة أنها أثقل طائرة تنطلق من حاملة في الخدمة بالعالم.
القاذفات تجعلها تحوز الثالوث النووي حتى لو بطائرات تعود للخمسينيات
مع تقاعد القاذفة العتيقة Q-5 في عام 2017، تشغل الصين الآن طائرتين قاذفتين مخصصتين فقط: القاذفة الاستراتيجية H-6، وJH-7 المقاتلة القاذفة.
القاذفة H-6 نسخة من الطائرة السوفييتية Tu-16 التي تعود للخمسينيات، وهي قاذفة نفاثة ذات محركين قادرة على حمل نحو 20000 رطل من الذخائر. يُعتقد أنها قادرة على الوصول إلى سرعات تبلغ نحو 650 ميلاً في الساعة والوصول إلى ارتفاعات تزيد على 40000 قدم.
أسطول القاذفات H-6 هو الأكبر بالصين، مع أكثر من 230 في الخدمة مع القوات الجوية الصينية والقوات الجوية للبحرية الصينية.
تم تحديث محركات H-6K ويمكنها حمل ستة صواريخ كروز للهجوم الأرضي، مما يهدد أهداف العدو حتى سلسلة الجزر الثانية، التي تشمل أراضي الولايات المتحدة في غوام.
وتعد H-6G وH-6J من المتغيرات البحرية لها، ومع قدرة H-6J على حمل ستة صواريخ كروز مضادة للسفن مثل YJ-12، فإنها مازالت نشكل تهديداً لحاملات الطائرات رغم قدمها.
النسخة H-6N، التي عُرضت علناً لأول مرة في عام 2019، مُقلقة بشكل خاص للغرب، فلقد تم تعديل جسم الطائرة لحمل صاروخ باليستي يطلق من الجو، ومن المحتمل أن يكون قادراً على حمل رأس حربي نووي. كما أنها أول قاذفة صينية ذات قدرة نووية يمكنها إعادة التزود بالوقود في الجو.
في أكتوبر/تشرين الأول 2020، شوهدت طائرة H-6N تحمل ما يُعتقد أنه صاروخ تفوق سرعته سرعة الصوت. وبهذه القدرة، تكون الصين قد "أنشأت بالفعل" ثالوثاً لإطلاق الأسلحة النووي "حتى لو كان ناشئاً"، وفقاً للبنتاغون.
أما الطائرة JH-7 فقد تم تصميمها لعمليات القصف قصيرة المدى، فهي ليست قاذفة إستراتيجية بعيدة المدى، وطُرحت لأول مرة في عام 1992، ويمكنها حمل أكثر من 7 أطنان من القنابل على تسع نقاط صلبة، وتبلغ سرعتها القصوى أكثر قليلاً من 1 ماخ.
ويمكن للطائرة JH-7 أن تحمل ذخائر هجوم بري ومضادة للسفن. وهناك نحو 260 طائرة منها في الخدمة.
مستقبل الطائرات الشبحية الصينية
الإنجاز الأكبر الذي تفخر به القوات الجوية الصينية هو مقاتلتها الشبحية من الجيل الخامس من طراز- J-20.
من المحتمل أن J-20 تستند إلى تصاميم مسروقة من برنامج التخفي الأمريكي.
مواصفات الطائرة الدقيقة غير معروفة للجمهور، لكن يُعتقد أنها قادرة على الوصول إلى سرعة قصوى قريبة من Mach 2 بسقف يبلغ نحو 60 ألف قدم ومدى يقارب 700 ميل.
يمكن أن تحتوي حجرة أسلحتها الداخلية الرئيسية على أربعة صواريخ جو-جو بعيدة المدى، مع وجود فتحتين جانبيتين إضافيتين بإمكان كل منهما حمل صاروخ واحد قصير المدى.
كانت المصادر الغربية تتعامل باستهزاء مع هذه الطائرة باعتبارها استنساخاً ساذجاً للطائرات الأمريكية الشبحية، ولكن اليوم يبدو أنهم يأخذونها على محمل الجد، خاصة مع ظهور مشكلات في الطائرة الشبحية الأمريكية "إف-35″، والحديث أيضاً عن مميزات الطائرة الشبحية الصينية J-20 فيما يتعلق بالمدى تحديداً في مواجهة المدى الأقصر للطائرة الأمريكية الأقوى "إف-22″، ومسألة المدى تكتسب أهمية خاصة في مسرح الحرب المحتمل في آسيا والمحيط الهادئ مقارنة بأوروبا التي صنعت من أجلها الـ"إف-22".
تعمل الصين أيضاً على تطوير مقاتلة شبحية أخرى، وهي FC-31، التي من المحتمل أن تكون مقاتلة تنطلق من حاملات الطائرات، لتحل محل J-15.
يبدو أن الصور التي تم إصدارها في أكتوبر/تشرين الأول 2021، تُظهر متغيراً من طراز FC-31 يطير بقضيب إطلاق منجنيق على معدات هبوط الأنف، إضافة إلى آليات طي الجناح، وهي تقنيات مخصصة للطائرات العاملة على متن حاملات الطائرات.
قاذفة شبحية بقدرات نووية
الصين لديها مزيد من الطائرات الشبحية قيد التطوير، من ضمنها قاذفة شبحية ذات قدرة نووية (من المحتمل أن تسمى H-20)، وهو أمر لم تستطع أي دولة في العالم تحقيقه، وضمن ذلك روسيا وباستنثاء الولايات المتحدة بطبيعة الحال.
يُعتقد أن هذه القاذفة سيكون لها مدى يصل إلى 5000 ميل، وتكون قادرة على حمل حمولة 10 أطنان.
وتعمل الصين على تطوير تقنيات ومجموعات مهارات أخرى ستسمح لها بالاستفادة بشكل أكبر من طائراتها. إنها تقوم بتطوير ترسانة صواريخ جو-جو أكثر تقدماً.
كما عرضت أيضاً قدرات محسَّنة للتزود بالوقود في الجو، يقول البنتاغون إنها ستسمح لطائراتها بالعمل لمسافات أبعد ولمدة أطول، حسب موقع Business Insider الأمريكي.
التحدي الأكبر الذي لم تتغلب عليه الصين بعد بشكل كامل
يعد تصنيع المحركات أكبر مشكلة تواجه الصينيين في مجال صناعة الطائرات.
ولقد استغرقت الصين أكثر من ربع قرن لتنتج محركاً يصلح لطائرة حديثة، ومع ذلك مازالت هناك شكوك في اعتمادية المحركات الصينية.
ويمكن اعتبار WS-10 أول جيل من محركات الطائرات الصينية الصنع الحديثة المخصصة للمقاتلة، وهو يستخدم على الطائرات J-10 ذات المحرك الواحد، وعلى الطائرات ذات المحركين من طرازات J-11 وJ-16 وJ 20.
ويقال إن مشروع WS-10 بدأ في عام 1986 لإنتاج محرك مماثل للمحرك الروسي الموجود على السوخوي والمسمى Saturn AL-31، أي إن المشروع الصيني بدأ قبل 36 عاماً.
قد يكون WS-10 قائماً على محاكاة المحرك الفرنسي الأمريكي (CFM-56II)، الذي يعتمد على محرك شركة جنرال إلكتريك الأمريكية F101 الذي يستخدم في قاذفات B1 الأمريكية الشهيرة.
اشترت الصين محركين من طراز CFM-56II في الثمانينيات قبل حظر الأسلحة الغربي الذي فُرض عقب أحداث ميدان السلام السماوي.
بعد عدم قدرتها على شراء كود المصدر من Salyut الروسية لتزويد المحرك به، أمضت صناعة الطيران الصينية ما يقرب من 20 عاماً في تطوير كود المصدر الخاص بها لمحرك WS-10.
بحلول عام 2004، تم اختبار محرك مع طائرات J-11 (وهي أول نسخة صينية من طائرات سوخوي 27)، ويعتقد أن الاختبار قد بدأ في وقت مبكر من عام 2002.
لكن تطوير WS-10 أثبت أنه صعب. تم تحويل فوج واحد من طائرات J-11Bs إلى المحرك WS-10 في عام 2007، ولكن لم يتم الاعتماد لفترة طويلة بسبب ضعف الموثوقية التشغيلية.
وفي خطوة مهمة جداً بالنسبة لصناعة الطائرات الصينية، أفادت تقارير مؤخراً بأن الصين سوف تستغني عن المحركات الروسية في المقاتلات التي ستدخل الخدمة مستقبلاً وستستبدلها بجيل جديد من محركات الطائرات الصينية الصنع.
فقد ذكرت صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست" في مطلع عام 2021، أن النماذج المستقبلية من مقاتلات الشبح الصينية من الجيل الخامس J-20 لن تزوَّد بعد الآن بمحركات AL-31F الروسية، بل بنوع من محركات الطائرات الصينية الصنع.
ويبدو أن القرار نابع من إصرار روسيا على ربط مبيعات محركات AL-31F المستقبلية بمزيد من صفقات استيراد الصين لطائرات Su-35، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
ما زالت هناك شكوك حول موثوقية المحرك وساعات عمله قبل أن يحتاج صيانة أقل من نظيره الروسي الذي هو أقل، أصلاً من المحركات الغربية، ولكن تشغيل الصين هذه المحركات دليل على أنها تحسنت.
ولكن على أي حال، فإن المحرك الصيني WS-10C ونظيره الروسي AL-31F حلان مؤقتان، بالنسبة للطائرات الشبحية الصينية.
فدخول محرك WS-10 الخدمة بشكل واسع، يمثل خبراً سعيداً بالنسبة لطائرات J-10 وJ-11 وJ-16 الصينية، وهي طائرات من الجيل الرابع والجيل الرابع والنصف.
لكن الأمر لن يكون ميزة كبيرة بالنسبة للطائرات الشبحية من طراز J-20، التي تحتاج محركات بمواصفات أرقى.
أما محرك WS-15، الذي كان قيد التطوير منذ 2005، ويُفترض أن ذلك سيمكّن J-20 من التجوال الفائق، أي للحفاظ على الطيران الأسرع من الصوت دون استخدام الحارق اللاحق.
ولقد أبدى العاملون بالصناعة الصينية تفاؤلهم في عام 2018 بأن WS-15 على وشك الحصول على شهادة، لكن هذه الآمال لم تتحقق.
ولا تزال صناعة الطائرات في الصين تكافح من أجل إيصال WS-15 إلى حالة إنتاج جماعي.
ويُظهر فشل الصينيين في إدخال هذا المحرك للخدمة أن الروس والصينيين على السواء، مازالوا بعيدين عن ملاحقة الأمريكيين في مجال محركات الطائرات الشبحية بعدما أدخلوا المحرك المخصص للطائرات الشبحية عام 1997.
ولكن قد يكون ذلك مُحرجاً بالنسبة للروس، أما الصينيون، فإنه يمثل لهم نجاحاً حتى لو غير كامل، لأنه يبدو أنه أصبحت لديهم صناعة محركات شبة مستقلة عن الروس، وهو ما يعني فعلياً أنهم أصبحوا شبه مستقلين في مجال صناعة الطائرات باعتبار أن هذه كانت أكبر مشكلة تواجههم.
والآن يبدو أن الصينيين باتوا يقفون على الخط نفسه مع مُعلِّميهم الروس في محاولاتهم المتعثرة لإنتاج محرك لطائرات الجيل الخامس.
تقول وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون)، في تقريرها: "إن القوات الجوية لجيش التحرير الشعبي الصيني تلحق بسرعة بالقوات الجوية الغربية"، مضيفةً أن التحديث الصارم للصين واستحواذها على أنظمة متقدمة "يقوّضان تدريجياً" المزايا "الطويلة والمهمة" للجيش الأمريكي في المجال الجوي.