بعد عقدين من الزمان يلعب فريق برشلونة الإسباني لأول مرة في البطولة الأوروبية الثانية (الدوري الأوروبي) في ليالي الخميس بدلاً من البطولة الأوروبية الأولى التي تخطف معظم الأضواء، وتحول الفريق البرشلوني للبطولة الثانية بعد حلوله في المركز الثالث في مجموعته هو انعكاس واضح ومباشرة لما يمر به النادي من أزمات فنية وتكتيكية واقتصادية خلال المواسم الماضية.
وجاء خروج ليونيل ميسي -غير المتوقع- من الفريق بنهاية الموسم السابق ليكمل فصول الانحدار الذي مر به النادي، حيث يعاني الفريق في الدوري الإسباني بابتعاده عن مراكز الصدارة، ويكافح المدرب تشافي لإعادة هوية النادي لسابق عهده ولعبه في مسابقة الدوري الأوروبي قد تكون فرصة ذهبية له من أجل فعل ذلك.
حيث يمكن للفريق أن يعود أقوى في المواسم القادمة، وكما يُقال: "رب ضارة نافعة"، فإن اللعب في الدوري الأوروبي بالنظر إلى حالة الفريق الحالية قد يكون انطلاقة حقيقية للمدرب تشافي، وذلك لعدة أسباب نفصلها في النقاط التالية:
فلترة العناصر الموجودة
من المتوقع أن تكون نسخة مسابقة الدوري الأوروبي هذا العام مثيرة للاهتمام بشكل كبير، وبالرغم من أنها لا تجد اهتماماً كافياً مثل دوري أبطال أوروبا نسبة لافتقارها إلى اللاعبين النجوم، لكنها تعوض ذلك في أنها بطولة غير قابلة للتنبؤ، فمعظم الأندية إن لم تكن معظمها متساوية تماماً في الحظوظ في الارتقاء للأدوار القادمة.
ومع غياب أندية النخبة التاريخية فإن المسرح مهيأ لها تماماً لإظهار ما يمكنها فعله وصنع المفاجآت، وبالنسبة لفريق برشلونة فإن هذه البطولة أفضل مسرح للمدرب تشافي لبدء حقبته الجديدة مع الفريق من خلال التعرف أكثر على اللاعبين.
وذلك من خلال تقسيم اللاعبين على مجموعتين مجموعة تلعب مسابقة الدوري الأوروبي ومجموعة تلعب في الدوري المحلي مع المداورة بين بعض اللاعبين المحددين ما يقدم له الفرصة لإلقاء نظرة شاملة وتحديد اللاعبين الذي يجب أن يغادروا نهائياً من الفريق في الانتقالات الصيفية القادمة ومَن يجب إعارتهم، والمراكز التي يجب تدعيمها بلاعبين أكفاء قادرين على صنع الفارق في التشكيلة.
فرصة لاستعادة الثقة مجدداً
تعتبر مسابقتا الدوري الأوروبي ودوري الأبطال بالنسبة للأندية بطولات مهمة للغاية كُلٍّ من موقعه، حيث عادةً ما تنظر أندية الوسط لمسابقة الدوري الأوروبي على أنها بطولة يجب الفوز بها لفوائدها العديدة مادياً ورياضياً، بينما مسابقة دوري الأبطال كما هو معروف لأندية النخبة.
وبالرغم من قلة الاهتمام بالبطولة الأولى فإن من يشارك فيها ويذهب بعيداً في مراحلها سيجني الكثير من الامتيازات، وبالنسبة لحالة برشلونة فإن الظروف التي وضعته في هذه البطولة قد تكون فرصة له لتعويض بعضٍ مما فقده هذا الموسم من ثقة.
خاصة وأن المشجعين سيكونون أكثر حماسة لمشاهدة فريق بحجم برشلونة في المسابقة يتنافس بجدية للفوز بلقبها بدلاً من مشاهدة فرق أوروبا الشرقية، حيث لا يزال بعض من أفضل الفرق الأوروبية مثل إشبيلية وبوروسيا دورتموند ووست هام ونابولي قادرة بسهولة على المنافسة حتى المراحل الأخيرة في البطولة.
ومن ثم فإن مسابقة الدوري الأوروبي في هذه الحالة يقدم نفسه على أنه نعمة للفريق الكتالوني، بمعنى أن الفريق يمكن أن يواجه منافسين آخرين من نفس المستوى إن لم يكن أعلى بقليل دون احتمال التعرض للضغوط النفسية التي تعرض لها عند مواجهة أندية النخبة مثل بايرن ميونيخ الألماني.
وبالنسبة للمدرب تشافي فإن لعب أكثر من 9 مباريات في الدوري الأوروبي ضد فرق تنافسية بشكل معقول سيكون بمثابة تدريب تكتيكي كافٍ له واستعادة بعض المعنويات المفقودة منذ فترة طويلة والعودة بشكل أكثر قوة في الموسم القادم.
فرصة أكثر واقعية في التأهل لدوري أبطال أوروبا
كما هو الحال فإن مشوار الفريق في الدوري المحلي مُواجه بصعوبات جمة مع ابتعاده عن المنافسة على اللقب لصالح فرق ريال بيتيس وإشبيلية وريال سوسييداد، ما يترك أملاً ضئيلاً أو معدوماً في الفوز باللقب. ومن ثم من وجهة نظر تكتيكية وتقنية فإن احتمالات وصول برشلونة إلى دوري أبطال أوروبا الموسم القادم عبر الوسائل التقليدية منخفضة للغاية.
ولكن من خلال الدوري الأوروبي يمكن لبرشلونة أن يتأهل تلقائياً إلى البطولة الأوروبية الأولى في حالة فوزه باللقب، وبالتالي فإن أخذ هذه البطولة بجدية سيزيد من حظوظ الفريق في التواجد في دوري أبطال أوروبا الموسم القادم إذا فشل في الوصول إلى أحد المراكز الأربعة الأولى في الدوري المحلي.
ومن الناحية المالية سيحصل برشلونة على 5.3 مليون يورو عند الفوز باللقب وهو أكثر مما كان سيحصل عليه لو تأهل إلى دور الـ 16 من دوري أبطال أوروبا، وهو ما يعتبر حافزاً إضافياً للفريق.
وفي الختام لا ينبغي النظر إلى مسابقة الدوري الأوروبي باعتبارها انخفاضاً في التصنيف بل كفرصة جديدة لمواجهة فرق جديدة وتحديات جديدة ومسار جديد للعودة إلى دوري أبطال أوروبا. فحتى بطل أوروبا الحالي فريق تشيلسي لعب في المنافسة سابقاً ولم تكن نهاية العالم بالنسبة لهم.
بدلاً من ذلك تمكنوا من الفوز بالبطولة وعادوا إلى المنافسة الأولى دوري أبطال أوروبا أقوى من أي وقت مضى. ومن ثم يجب أن يتعامل برشلونة مع هذه المنافسة بجدية وأن يبذل كل ما في وسعه للتأكد من فوزه باللقب واتخاذ خطوة كبيرة للأمام نحو الفوز بلقب دوري أبطال أوروبا في المواسم القادمة.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.