"لولا صنارة صيد وبعض حبات من البصل والبطاطا (البطاطس) لَمُتنا جوعاً"، هذا هو حال بحارة ينتمون إلى ثلاث دول عربية، تقطَّعت بهم السُّبُل في سفينة معطوبة مُحمَّلة بثلاثة آلاف طن من الكبريت القابل للاشتعال، قبالة الساحل الصومالي.
السفينة إما مهددة بالاحتراق بفعل الكبريت الذي تحمله، وإما مهددة بالغرق إذا لم يتم وقف تسرب الماء إليها، وحتى إذا نجا بدن السفينة المعطوبة من المصيرين، فقد يموت بحارتها جوعاً، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية.
رسالة بريد إلكتروني أُرسِلَت من السفينة "MV Haj Abdullah" (إم في حاج عبد الله)، في 26 أكتوبر/تشرين الأول، بعنوان "SOS" (أنقِذونا)، ذكرت أنَّ هيكل السفينة البالغ طولها نحو 79 متراً، قد تعرَّض للتصدُّع، وأنَّ مياه البحر تتدفق إلى سطح السفينة ووصولاً إلى وقود الديزل. وأوشك الطعام على النفاد من البحارة، وقد مرَّت أشهر منذ آخر مرة دفع فيها مالك السفينة رواتبهم. والمياه حولهم معروفة بانتشار القرصنة.
إليك الدول العربية التي ينتمي إليها بحارة السفينة المنكوبة
وظلَّت طلبات السفينة "حاج عبد الله"، طوال أكثر من شهرين، تلقى تجاهلاً في جنبات نظام الشحن الدولي، دون الحصول على رد بشأن تقديم أي مساعدة. وألغت شركة تأمين السفينة، ومقرها لندن، تغطيتها التأمينية، قائلةً إنَّ السفينة غير صالحة للإبحار.
وتخلى مالك السفينة اللبناني عن طاقم السفينة المؤلف من الجنسيات اللبنانية والمصرية والسورية. وكان هؤلاء يُبحرون تحت عَلم سيراليون، التي يرفرف عَلمها ذو الألوان الثلاثة فوق سطحها.
أرسل الطاقم عريضة إلى مكتب شركة قبرص تتضمن طلباً للمساعدة. وبموجب قوانين سيراليون، البلد الواقع في غرب إفريقيا، فإنَّ سلطاته البحرية ليست مُطالَبة بفعل الكثير من أجل السفينة.
الممارسات التي أدت لتفجير مرفأ بيروت هي ذاتها التي سببت مأساة هذه السفينة
تنظم الإدارة البحرية لسيراليون مئات من السفن التي تنقل شحنات بمليارات الدولارات، وتعتمد في ذلك على شركة إدارة تعمل من ضواحي مدينة ليماسول القبرصية.
وشكلياً تعتبر هذه السفينة حاملةً للجنسية السيراليونية، ولكن سيراليون مثل العديد من الدول الصغيرة تسهّل عملية رفع عَلمها لتحقيق بعض الأرباح، في المقابل تفضل كثير من شركات الملاحة تسجيل سفنها في سيراليون وغيرها من الدول التي تقدم مثل هذه التسهيلات؛ تجنباً لدفع السفن ضرائب أو رسوماً كثيرة، أو فرض إجراءات تنظيمية كبيرة.
وتعرف عملية حصول السفن على حق رفع أعلام دول متساهلة في الإجراءات التنظيمية البحرية، بـ"العلم الملائم" أو "العلم الرخيص"، وهي ممارسة شائعة في عالم الملاحة ترفع السفن بموجبها علم دولة أخرى غير دولتها الأصلية (تكون عادة دولة صغيرة ومتساهلة قانونياً وفنياً)، وتسمح هذه الدول لأصحاب السفن الأجنبية بالإبحار مقابل رسوم معينة دون تفتيش أو رقابة كافية.
و"أعلام الملاءمة" ممارسة خلفت ورائها عددا كبيرا من السفن في عرض البحر لا تستوفي متطلبات الاتفاقيات الدولية وهي تهدد سلامة الملاحة والبيئة.
وتسببت سفينة معطوبة مماثلة، تحمل علم مولدافا، ومملوكة مملوكة لجهة روسية، في تفجير مرفأ بيروت الشهير الذي دمر مساحات واسعة من العاصمة اللبنانية عام 2020، وتجدر الإشارة إلى أن علم مولدوفا مصنف على أنه "علم ملائم".
ألف سفينة معطوبة تم التخلي عنها العام الماضي
تعكس المشكلات على متن السفينة "حاج عبد الله" خللاً كبيراً في صناعة الشحن البحري المسؤولة عن 90% من التجارة العالمية.
ففي العام الماضي، جرى التخلي عن عدد قياسي من البحارة على متن سفن الشحن، بمعنى أنَّهم أمضوا أكثر من شهرين دون الحصول على رواتب.
ووفقاً للمنظمة البحرية الدولية، وهي وكالة تابعة للأمم المتحدة، يوجد في الوقت الراهن أكثر من 1000 بحار عالقين على متن السفن دون رواتب، أو مؤن في كثير من الحالات.
ويتعيَّن على كل سفن الشحن أن ترفع عَلم دولة ما. ويتفق مالكو السفن على دفع مبالغ للدول مقابل ما يرقى إلى كونه ترخيصاً لرفع علمها. وبدورها، تستعين كثير من هذه الدول بشركات إدارة للإشراف على السفن.
كان كل البحارة تقريباً الذين جرى التخلي عنهم هذا العام، يُبحرون على متن سفن ترفع عَلم بلدان غالباً ما تكون فقيرة وتفتقر حكوماتها إلى الموارد اللازمة للتدخل حين تواجه سفنهم مشكلة. وبعض هذه البلدان، وضمنها سيراليون، لم تُوقِّع المعاهدات الدولية التي تتطلَّب من السفن أن يكون لها تأمين، من أجل دفع رواتب بحارتها العالقين في البحر وإعادتهم.
فبالنسبة للشاحنين، تتضمَّن فوائد هذا النمط انخفاض الضرائب وقلَّة القواعد الحاكمة. لكن بالنسبة للأطقم، تكون هناك في الغالب مخاطر. فإذا ما تخلى مالك السفينة عنها، فإنَّهم في الغالب سيُترَكون بمفردهم.
قال أحد بحارة "حاج عبد الله"، في رسالة نصية لصحيفة The Wall Street Journal الأمريكية: "نحن هنا على سطح السفينة منذ ثلاثة أشهر". وقد أرسل صورة لزملائه في الطاقم وهم يمسكون بورقة كُتِبَ عليها: "HAJ ABDULLAH, HELP US" (ساعِدونا في سفينة حاج عبد الله).
أمضت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية أسابيع تحاول التواصل مع الشركة اللبنانية مالكة السفينة، شركة المروة المحدودة للشحن. وفي الثامن من ديسمبر/كانون الأول، تواصَل الصحفيون مع غسان بكري، الذي قال إنَّه المالك. وقال إنَّه توقف عن دفع الرواتب لطاقم السفينة، لأنَّهم أتلفوا حمام ومطبخ ومقصورات السفينة، وفقدوا ما قيمته 50 ألف دولار من وقود الديزل في البحر.
وصف الطاقم، في رسالة بريد إلكتروني، مزاعم المالك بأنَّها سخيفة. وقالوا إنَّ التلف ناجم عن عاصفة.
وقال بكري إنَّه دفع هذا الأسبوع جزءاً من رواتب الطاقم. لكنَّ البحارة يقولون إنَّ أيَّاً منهم لم يحصل على راتبه كاملاً، وما يزالون على متن السفينة مترددين في المغادرة حتى الحصول على راتبهم بالكامل.
وقال أحد المسؤولين في مكتب قبرص أيضاً، إنَّ موظفي المكتب مشغولون للغاية بدرجة تمنعهم من عقد لقاء مع صحفيي الصحيفة.
وقال العديد من موظفي الإدارة البحرية في سيراليون إنَّهم لم يسمعوا قط بسفينة "حاج عبد الله"، وليست لديهم أي فكرة حول عدد السفن التي ترفع عَلم سيراليون في العالم، وفوجئوا عند معرفتهم أنَّ المنظمة تُدار من قبرص.
وبعد عدة أيام من زيارة الصحيفة للإدارة، قال متحدث باسم الإدارة، محمد كمارا، في مقابلة، إنَّ المسؤولية تقع على عاتق الشركة في قبرص.
عمرها 44 عاماً
وصلت أول رسالة بريد إلكتروني من ممثل اتحاد أفراد طاقم السفينة "حاج عبد الله"، إلى مكتب قبرص المشرف على إدارة علم سيراليون، في 15 سبتمبر/أيلول الماضي.
كانت "حاج عبد الله"، وهي ناقلة صب جاف صدِئة يبلغ عمرها 44 عاماً، تبحر من الخليج العربي إلى تنزانيا، وعلى متنها طاقم مكون من 11 فرداً وتحمل ما قيمته نحو 750 ألف دولار من الكبريت، حين أحدثت عاصفة صدعاً في هيكلها. ووفقاً لأفراد الطاقم واتحادهم، بدأ الماء يملأ الممرات المُجوَّفة حول سطح السفينة.
وراحت مياه البحر تفسد مخزون وقود الديزل المتناقص. ووافق وكيل شحن في مدينة ساحلية صغيرة شمالي الصومال على تزويد الطاقم بما يكفي من وقود لبلوغ مقديشو، في براميل أوصلتها قوارب صيد. وحين وصلت السفينة إلى العاصمة الصومالية، لم تكن فاتورة الوقود قد دُفِعَت، ومن ثم لم تتمكن من الحصول على مزيد من الوقود. فعَلِقَت سفينة "حاج عبد الله".
لماذا لم يعُد البحارة إلى بلادهم، وما موقف سفارتي مصر ولبنان؟
وعلى متن السفينة، كان الرجال يريدون العودة إلى بلادهم، لكنَّ ميناء مقديشو لم يسمح لهم بمغادرة السفينة. كان الميناء يفتقر إلى المرافق اللازمة للتعامل مع سفينة شحن منبوذة مُحمَّلة بالكبريت. وتوقف المالك عن الرد على الطاقم. ولم تتدخل سفارتا لبنان ومصر، اللتان كان مواطنوهما على متن السفينة.
كانت معظم سفن الشحن ترفع أعلام الدول المتمركزة فيها، حتى الحرب العالمية الثانية. فكان النصف يرفع عَلم المملكة المتحدة. وكانت شركات الشحن الأمريكية تتمتع بحماية البحرية الأمريكية، لكن كان يتعين عليها الاستعانة بعمال نقابيين أمريكيين.
ومع أنَّ رفع عَلم بلد آخر كان يعني التخلي عن الحماية الأمريكية في البحر، إلا أنَّه كان يعني أيضاً أنَّ بمقدور الشركات الالتفاف على اللوائح الأمريكية ودفع رواتب أقل للبحارة غير النقابيين. وبعد الحرب العالمية الثانية، سلك مزيد من الشركات ذلك الطريق.
دول صغيرة تبيع أعلامها للسفن، حتى إن بلداً حبيساً انضم لهذه التجارة
تبحر اليوم أكثر من 40% من سفن الشحن في العالم تحت عَلم ثلاثة بلدان: بنما وليبيريا وجزر مارشال. ودخلت في السنوات الأخيرة بلدان نامية أخرى هذا المجال، مُوفِّرةً تسجيلاً أرخص وتسهيلات ضريبية وعمليات تدقيق أقل.
ويُعَد أحد الأعلام الأسرع نمواً في العالم عَلم منغوليا، البلد الحبيس الذي لا يطل على بِحار. وفتحت سان مارينو، البلد الحبيس الآخر، التسجيل هذا العام.
ووفقاً لآخر بيانات الأمم المتحدة، تحمل السفن التي ترفع عَلم سيراليون اليوم ضعف حجم الشحنات –مليوني طن سنوياً تقريباً- التي كانت تحملها في عام 2012. وحملت ناقلات الصب الجاف التي ترفع علم سيراليون، العام الماضي، ثلاثة أضعاف الأطنان التي حملتها نظيراتها التي ترفع العلم الأمريكي.
وكثيراً ما تكون حكومات البلدان منخفضة الدخل غير راغبة أو غير قادرة على مساعدة البحارة المُتخلَّى عنهم.
وأحياناً حين يتخلى المُلَّاك عن السفن، تطالب الموانئ الطاقم بأن يبقى على متنها. ويختار البحارة في كثير من الأحيان فعل ذلك، مُعتقِدين أنَّ الطريقة الوحيدة للحصول على رواتبهم هي الانتظار حتى يبيع المالك السفينة.
وبدءاً من عام 2013، باتت الحكومات المُوقِّعة على "اتفاقية العمل البحري" تطالب السفن بالاشتراك في تأمين هجر السفن. وحين تفعل السفن ذلك، غالباً ما تتدخل شركات التأمين لتمنح البحارة رواتب أربعة أشهر وتذكرة للعودة إلى الوطن. على الصعيد العملي، غالباً ما يتوقف المُلَّاك عن دفع أقساط التأمين بمجرد أن تُرفَع الأعلام على السفن، وذلك وفقاً لـ"الاتحاد الدولي لعمال النقل"، وهو اتحاد نقابيّ. ووفقاً للاتحاد وخبراء في القانون البحري، حين يحدث ذلك، من المُفترَض أن تشطب دول الأعلام السفينةَ، لكنَّ ذلك لا يحدث غالباً في الممارسة العملية.
ووفقاً لتقرير غير منشور للاتحاد، فإنَّ ثلث السفن الأربعمئة تقريباً التي ترفع علم توغو ليست مشتركة في التأمين حالياً. وقال التقرير إنَّ علم توغو، الواقعة في غرب إفريقيا، كان مرفوعاً على سفن جرى التخلي عنها في عام 2019 أكثر من أي دولة أخرى.
ووفقاً للاتحاد، تخلَّت شركة Alco Shipping Services LLC، وهي شركةٌ مقرها الإمارات العربية المتحدة ومالكة لـ12 سفينة شحن، عن أطقم سفنٍ سبعَ مرات على مدار أربع سنوات.
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، جنحت إحدى سفن الشركة، وهي سفينة شحن ترفع علم بنما، على شاطئ في إمارة أم القيوين، وهي بقعة شهيرة لقضاء عطلات نهاية الأسبوع، خارج دبي. ووفقاً للطاقم، الذي كان أفراده يعملون على متن السفينة منذ 4 سنوات قبل أن تتسبب عاصفة في كسر حبل المرساة وتؤدي إلى انجرافها، تخلت عنهم الشركة إثر هذه الحادثة.
وظلَّت سفينة أخرى تابعة للشركة –ترفع أيضاً علم بنما- تطفو ثلاث سنوات بعد التخلي عنها قبالة الساحل التونسي، قبل أن يعود البحارة إلى بلادهم في عام 2019.
يصنف الاتحاد الدولي لعمال النقل سيراليون باستمرار باعتبارها واحدة من أسوأ الأعلام في العالم، استناداً إلى رواتب البحارة، وقلَّة التفتيش على السفن، وهجر السفن. ويصفها الاتحاد بأنَّها تسجيل "نهاية العمر"، وبأنَّها واحدة من البلدان القليلة المستعدة لرفع علمها على السفن المتهالكة التي تعتبرها البلدان الأخرى غير آمنة.
إذ جرى العام الماضي، التخلي عن 18 بحاراً سوريّاً لمدة خمسة أشهر على متن سفينة "MV Hannoud-O" التي تحمل علم سيراليون، وهي ناقلةُ ماشيةٍ كانت تنقل الآلاف من رؤوس الأغنام.
كان الهدف من العمل في مجال رفع العلم على السفن هو زيادة عائدات سيراليون، التي تُعَد واحدةً من أفقر بلدان العالم. وتظل تفاصيل العقد المُبرَم بين حكومتها ومكتب إدارة العلم الموجود في قبرص غير معلنة. لكنَّ مسؤولاً حكومياً في العاصمة فريتاون قال إنَّ سيراليون تحصل على 40% من العائدات، في حين تحصل الشركة الموجودة بقبرص على 60%.
البحارة ينامون بسترات النجاة خشية الغرق
وبالعودة إلى متن السفينة "حاج عبد الله"، التي جرى التخلي عنها قبالة الساحل الصومالي قرابة شهرين، كان مخزون الغذاء يتناقص. وكان المزيج كريه الرائحة من مياه البحر والوقود يغطي سطح السفينة.
وقد تناوب الطاقم الأدوار لإلقاء مزيج المياه والوقود في الخارج إلى المحيط عبر خرطوم بلاستيكي. كانت درجات الحرارة أثناء النهار تقارب 38 درجة مئوية، وكان الوقود قد أوشك على النفاد، فيما كان البحارة ينامون مُرتدين سترات النجارة؛ تحسُّباً لغرق السفينة في الظلام.
وكانت المكالمات الهلعة من عائلاتهم ترِد في ساعات غريبة، ليسألوا الرجال عما إذا كانوا نجحوا في مغادرة السفينة. كانت مياه البحر تتغلغل في أجولة الكبريت، مُفسِدةً المسحوق الأصفر الذي كان ينضح برائحة نفاذة.
وفي 18 أكتوبر/تشرين الأول، أنهت شركة التأمين على السفن، وكالة Thomas Miller العالمية، تغطية السفينة بالتأمين. والآن لم يعُد هنالك ضامن؛ للمساعدة في دفع تكاليف الإصلاحات والأجور وإعادة الطاقم إلى بلاده.
وفي 25 أكتوبر/تشرين الأول، أرسل اتحاد عمال السفينة مناشدة أخرى إلى قبرص، وبدأت رسالة البريد الإلكتروني بالقول: "نودُّ إبلاغكم والتواصل معكم مجدداً بخصوص حالة عدم الأمان القصوى (هنا). يعاني البحارة من نقص تام في المواد الغذائية والمؤن، والمُلَّاك لا يردّون".
وبعد قرابة 24 ساعة، ردَّ مكتب قبرص. وجاء في رسالة البريد الإلكتروني أنَّ المكتب على تواصل مع شركة Thomas Miller و"يحاول إيجاد حل لهذه المسألة". وأضاف أنَّ المشكلة في الصومال، إذ "يبدو أنَّ سلطات الميناء غير متعاونة".
ويأكلون البصل وما تأتيهم به صنارة صيد يتيمة!
وبحلول منتصف أكتوبر/تشرين الأول، كانت الأرفف السلكية في مخزن السفينة فارغة إلا من حبَّات بصل وبطاطس متناثرة. وكي يأكل الطاقم، جرى ترشيد تناول البطاطس وإلقاء الصنارات في البحر. وقال أحد أفراد الطاقم للصحيفة الأمريكية: "كنا نشعر بسعادة غامرة حين نصطاد سمكة".
قال بكري، مالك السفينة، الأربعاء 8 ديسمبر/كانون الأول، إنَّه قد أنفق آلاف الدولارات على شراء الطعام لهم. وأضاف أنَّه لا يصدّق الطاقم.
وعند الساعة الـ1:11 صباحاً يوم 4 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، أرسل الاتحاد مناشدة أخرى: "يتسارع تدفق الماء الآن بأسرع مما يمكن ضخه خارج السفينة".
وأضاف: "تفاقم الوضع على السفينة فجأة". وفي اليوم التالي، ردَّ مسؤول من مكتب إدارة العلم في قبرص بأول عرض ملموس للمساعدة: "سنرسل مفتشاً". ووفقاً للطاقم، لم يصل ذلك المفتش قط.
وفي ظل عدم وجود تأمين أو مساعدة، دفعت شركة Safe Sea Services، وهي الشركة التي دفع لها المالك اللبناني من أجل إدارة السفينة ومقرها بيروت، 27 ألف دولار لغواصين؛ من أجل إصلاح الهيكل المتصدِّع.
ومؤخراً، تمكَّنت السفينة التي جرى إصلاحها، من مواصلة الإبحار إلى ميناء دار السلام التنزاني. وهي الآن راسية هناك، بانتظار رصيف لتفريغ حمولتها الخطرة. وما يزال الطاقم، الذي يتغذى في الغالب على البطيخ والباذنجان والبصل والبيض، على متنها.
وقال الطاقم في رسالة عبر البريد الإلكتروني، الجمعة 10 ديسمبر/كانون الأول: "نحتاج إلى الحصول على بقية رواتبنا وإعادتنا إلى بلادنا. إنَّنا مُتعَبون جداً جداً، ولم نعانِ بهذا الشكل في حياتنا قط".