على مدى تاريخ البشرية، أثبتت الحرب أنها المحرك الأساسي للابتكار على العديد من الأصعدة الحياتية؛ مثل تطوير الإنترنت وتقنيات الواقع الافتراضي ونظام تحديد المواقع العالمي.
وحتى عندما تكنس بيتك أو تسخن طعامك أو تستخدم شريطاً لاصقاً، فإنك في الحقيقة تستخدم أشياء تم ابتكارها وتطويرها لأسباب عسكرية أو أن تقنيتها تم استلهامها من أداة عسكرية.
تعرف معنا في هذا التقرير على بعض الأشياء التي نستخدمها، ويعود الفضل في اختراعها أو تطوير تقنيتها للاستخدام العسكري:
الشريط اللاصق اختُرع لإغلاق صناديق الذخيرة
تماماً مثل مجموعة أدوات الإسعافات الأولية لعلاج الجروح والإصابات الطارئة، لا يخلو أي منزل من شريط لاصق لإصلاح شي تمزّق أو تكسّر.
لكن في الأصل، لم يتم اختراع الشريط اللاصق لأهداف منزلية، بل كان فكرة العاملة في مصانع الأسلحة، فيستا ستاوت، لإغلاق صناديق الذخيرة وجعلها مقاومة للماء.
لكن بعد عدم تلقي الاهتمام الكافي لفكرتها عن تصميم الشريط اللاصق، قامت ستاوت بكتابة رسالة مباشرة إلى الرئيس فرانكلين دي روزفلت. وفي غضون أسابيع قليلة من رسالتها، أُبلغت ستاوت أن شركة جونسون آند جونسون ستبدأ على الفور في تصنيع شريط لاصق للاستخدامات العسكرية بناء على فكرتها، كما يشير موقع Insider.
ومنذ عام 1942 حتى يومنا هذا، لا يزال الشريط اللاصق هو الدعامة الأساسية للإصلاحات السريعة المنزلية والخارجية المتعددة.
الميكروويف تطوّر من تصميمات الرادار العسكري
يمكنك اليوم تحضير طعام الغداء في غضون ثلاث دقائق أو تسخين قهوتك أو حتى عمل البوشار خلال 3 دقائق باستخدام الميكروويف. لكن قد تتفاجأ أن اختراع هذه الآلة كان أبعد ما يكون عن المطبخ.
في عام 1940، بينما أرهبت طائرات ألمانيا النازية بريطانيا العظمى، وصل فريق من الفيزيائيين البريطانيين إلى الولايات المتحدة حاملين شحنة شديدة السرية زادت بشكل كبير من قدرات الرادار المعاصر.
بعد ذلك، في عام 1946، حصل مهندس أمريكي يُدعى بيرسي سبنسر على براءة اختراع استخدمت مكوناً أساسياً من تصميمات الرادار البريطانية، وهو المغنطرون التجويفي، لتسخين الطعام بسرعة.
خطرت في بال سبنسر الفكرة عندما ذابت قطعة من الفول السوداني في جيبه أثناء العمل حول معدات الرادار.
وبحلول عام 1955، دخلت أول أفران ميكروويف تجارية إلى السوق بسعر أكثر من 1200 دولار (حوالي 12000 دولار في عام 2021).
نظام تحديد المواقع العالمي لتتبع الغواصات
قبل حوالي عقد من الزمن، لم يكن نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) موجوداً كاختصار أو تقنية، وظلت فكرة أن الشخص يمكن توجيهه إلى وجهة ما عن طريق الكمبيوتر الناطق مفهوماً مدفوناً في أعماق الخيال العلمي.
لكن الاهتمام بتتبع المواقع والتحكم لاتجاهات المركبات عن بعد بدأ خلال الحرب الباردة كوسيلة لتتبع الغواصات تحت الماء.
وبحلول سبعينيات القرن الماضي، أرسلت وزارة الدفاع الأمريكية أول وحدة تتبع سميت NAVSTAR في عام 1978، وفقاً لموقع NASA.
وقد أثبت المشروع قيمته بشكل قاطع في عام 1991 خلال عملية عسكرية كانت تسمى "عاصفة الصحراء" التي نجحت على الرغم من أن النظام كان غير مكتمل مع تشغيل 19 قمراً صناعياً فقط من أصل 24.
الطعام المعلّب لتغذية الجنود في المعارك
قد لا تستطيع التفكير في نوع من أنواع الأطعمة التي لا يمكن تعليبها. من الذرة والتونة واللحوم إلى البقوليات والصلصات والخضار وحتى الفواكه، هناك الكثير من الخيارات في قسم الأطعمة المعلبة في متاجر البقالة.
بدأت فكرة تعليب الطعام للحفاظ عليه من أن يفسد، وبطريقة يكون جاهزاً فيها للأكل حتى إن لم يُطبخ، من حاجة الجيوش للطعام.
في عام 1795 كانت الحكومة الفرنسية تخوض معارك في إيطاليا وهولندا وألمانيا ومنطقة البحر الكاريبي وكانت بحاجة إلى مصدر ثابت للغذاء للجنود والبحارة في المناطق النائية.
لذلك، قرر قادة فرنسا تقديم جائزة قدرها 12000 فرنك من خلال جمعية تشجيع الصناعة لمن يطوّر طريقة للحفاظ على الغذاء لمدة طويلة، كما يشير موقع History.
بعد الكثير من التجارب توصل نيكولاس آبيرت إلى الطريقة الصحيحة؛ وتتكون هذه العملية من طهي الطعام في الأواني العادية، وتعبئته في زجاجات زجاجية سميكة ذات فم واسع وتغطيتها بسدادات تم تثبيتها بسلك وشمع، بهذه الطريقة، كانت الزجاجات مغلقة بإحكام ثم يتم تسخينها في الماء المغلي لبعض الوقت.
بعد ذلك، أرسل آبيرت عينات من أغذيته المعبأة إلى البحرية الفرنسية التي كانت تقاتل في البحر الأبيض المتوسط.
وفي عام 1810 تم منح آبيرت 12 ألف فرنك وقرر استثمار هذه الأموال في نشر كتاب بعنوان "فن حفظ الحيوانات والخضراوات لسنوات عديدة"، وهو عمل يتناول تفاصيل كيفية تعبئة أكثر من 50 نوعاً من الأطعمة، كما أنشأ مصنعاً كان يهدف أساساً إلى تغذية جنود نابليون والذي تطور بسرعة كبيرة في وقت قصير جداً.
مكنسة رومبا تحاكي تقنية كاشف الألغام
في عام 1990 أسس ثلاثة من علماء الروبوتات، وهم كولين أنجل وهيلين غرينر ورودني بروكس، شركة iRobot التي كانت مخصصة في الأصل لصنع الروبوتات للاستخدام العسكري والمحلي.
ولكن مع مرور الوقت أصبحت روبوتاتها موجودة في الأماكن العامة والشوارع ووصلت إلى المنازل مع طرح مكنسة رومبا في الأسواق في عام 2002.
رومبا هي مكنسة كهربائية آلية مستقلة ذات برمجة ذكية ونظام تنظيف أرضي عبر جهاز التحكم عن بُعد ووضع "القيادة الذاتية" الذي يسمح للجهاز بالتنظيف بشكل مستقل دون تحكم بشري.
تميزت مكنسة رومبا المتحركة بقدرتها على التحرك بشكل تلقائي وتنظيف الأرضيات والسجاد باستخدام نفس البرمجة التي تستخدمها كاسحات الألغام الآلية العسكرية التي تساعد الجنود على تطهير حقول الألغام الخطرة، كما يشير موقع CNN.