دعا سفراء مجموعة الدول السبع ووفد الاتحاد الأوروبي في تونس، الجمعة 10 ديسمبر/كانون الأول 2021، إلى تحديد سقف زمني واضح يسمح بعودة "سريعة" لسير عمل مؤسسات ديمقراطية وضمن ذلك برلمان منتخب، وذلك في الوقت الذي تعيش فيه تونس أزمة سياسية حادة، بسبب قرارات الرئيس قيس سعيد.
منذ 25 يوليو/تموز الماضي، بدأ الرئيس قيس سعيّد سلسلة قرارات استثنائية، منها: تجميد اختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن نوابه، وإلغاء هيئة مراقبة دستورية القوانين، وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية، وترؤسه للنيابة العامة، وإقالة رئيس الحكومة، مع توليه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة عَيَّنَ رئيستها نجلاء بودن.
وترفض غالبية القوى السياسية في تونس هذه القرارات، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار الثورة"، التي أطاحت بنظام الرئيس زين العابدين بن علي (1987ـ2011).
بيان مشترك
وقَّعه سفراء دول الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وبريطانيا واليابان وإيطاليا وكندا ووفد الاتحاد الأوروبي، ونشر على حساب السفارة الأمريكية في تونس على فيسبوك، واطلع عليه مراسل الأناضول.
أكد البيان المشترك "دعم الشعب التونسي في انتهاجه طريق الحوكمة الفعالة والديمقراطية والشفافية".
كما تابع: "نجدد تأكيد أهمية الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي من أجل تلبية احتياجات الشعب التونسي، ونقف على أهبة الاستعداد، لتشجيع ودعم التنفيذ السريع للخطوات الضرورية لتعزيز الوضع الاقتصادي والمالي لتونس".
البيان أضاف: "ندعم الخطوات التي تجرى المباحثات بشأنها مع الشركاء الدوليين، وذلك بهدف حماية الفئات الأكثر ضعفاً وإرساء أسس النمو المستدام والعادل".
كما لفت إلى "أهمية احترام الحريات الأساسية لجميع التونسيين وأهمية شمولية وشفافية عملية إشراك كافة الأطراف المعنية، وضمنها الأصوات المختلفة في الطيف السياسي والمجتمع المدني".
وشدد البيان، على "وجوب تحديد سقف زمني واضح يسمح بعودة سريعة لسير عمل مؤسسات ديمقراطية، من ضمنها برلمان منتخب يضطلع بدور هام".
قبل أن يردف أيضاً: "لئن ساعد هذا المسار على ضمان دعم واسع النطاق ودائم لتقدم تونس في المستقبل، فإننا نقف على استعداد لدعم تونس وشعبها في التصدي للتحديات المقبلة".
تحذيرات من المساس بالدستور
أطلقتها "المبادرة الديمقراطية" ووجهتها للرئيس التونسي قيس سعيّد، وقد اعتبرت أن "أي إجراء باتجاه المساس بدستور الجمهورية التونسية لعام 2014 يعدُّ باطلاً غير معترف به"، جاء ذلك في بيان لـ"المبادرة الديمقراطية"، أصدرته الجمعة، واطلع عليه مراسل "الأناضول".
و"المبادرة الديمقراطية" هي إطار سياسي أعلن عنه حراك "مواطنون ضد الانقلاب" في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ويجمع ناشطين سياسيين مستقلين من توجهات فكرية مختلفة ومسؤولين سابقين بالرئاسة التونسية، نظموا تظاهرات عدة ضد إجراءات سعيّد حضرها آلاف التونسيين.
تقول "المبادرة الديمقراطية" إنها "تحذّر سلطة الاستثناء القائمة، وعلى رأسها قيس سعيّد، من المساس بدستور البلاد باعتباره العقد السياسي والاجتماعي الضامن لاستقرار المجتمع والدولة والمجسّد للسيادة والمشروعية الشعبية".
"المبادرة الديمقراطية" أكدت أنّ "كلّ قرار أو إجراء باتجاه المساس بدستور الجمهورية التونسية لسنة 2014 يعدُّ باطلاً غير معترف به ولا أثر له واقعاً وقانوناً، باعتباره صادراً عن جهة فاقدة للشرعية والصلاحيات، وماضية في خرق صارخ للدستور والانقلاب على إرادة الشعب".
الرئيس يستهدف الدستور
فقد اعتبر الرئيس التونسي قيس سعيد، أن "الأزمة" التي تمر بها تونس ناجمة عن الدستور الذي تم إقراره عام 2014، والذي تمخض عن حوار بين المكونات السياسية كنتيجة لثورة تونس، مشيراً إلى أنه بات "غير صالحٍ الآن".
جاء ذلك في تصريح لسعيّد، الخميس 9 ديسمبر/كانون الأول 2021، تجاهل فيه تماماً الحريق الذي نشب بالمقر الرئاسي لحزب النهضة التونسية، وأسفر عن مقتل شخص وإصابة آخرين، بينهم رئيس الوزراء الأسبق علي العريض.
ففي بيان أصدرته الرئاسة التونسية، قال سعيد: "إن المشكلة في تونس اليوم دستورية نتيجة دستور عام 2014 الذي ثبت أنه لم يعد صالحاً ولا يمكن أن يتواصل العمل به"، كما قال إنه "لا مشروعية له".
وأضاف بحسب البيان، أن على "من يحترم سيادة الشعب أن لا يستعين بأطراف أجنبية للاستقواء بها، وإن بناء المستقبل لا يكون عبر الشتم والتطاول على مؤسسات الدولة والافتراء"، حسب قوله.
كما أكد أن "الطريق صارت واضحة وهي العودة إلى الشعب بطريقة جديدة ومختلفة تماماً، حيث لا بد من حل قانوني يستند إلى إرادة الشعب وسيادته".