قدم وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي استقالته من الحكومة اللبنانية، بعد أن سببت تصريحاته في برنامج برلمان شعب أزمة دبلوماسية بين لبنان ودول مجلس التعاون الخليجي، وتحديداً السعودية التي اتخذت تدابير دبلوماسية ضد لبنان عبر سحب سفيرها وطرد السفير اللبناني، استقالة يقول عنها قرداحي إنها أتت لإعطاء دفعة إيجابية لمبادرة الرئيس الفرنسي
تقول مصادر حكومية مطلعة لـ"عربي بوست" إن الاستقالة تأتي في إطار مبادرة أطلقها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون؛ لإعادة الدفع باتجاه مسارين: الأول إعادة تفعيل اجتماعات الحكومة اللبنانية بعد توقف الحكومة عن الاجتماع منذ حوالي 50 يوماً نتيجة صراعات على ملفات سياسية وقضائية، والثاني هو إعادة علاقة لبنان مع السعودية بعد الانسحاب السعودي من التأثير في المشهد اللبناني والفيتو الذي تضعه الرياض على الحكومات اللبنانية المتعاقبة.
تواصل فرنسي سعودي
وبحسب المعلومات التي حصل عليها "عربي بوست" من مصدر دبلوماسي أوروبي أن وفداً فرنسياً وصل إلى الرياض قبيل زيارة ماكرون المقررة في الرابع من كانون الأول والتي تشمل قطر والإمارات بهدف مناقشة ملفات مشتركة من بينها الملف اللبناني، وتتحدث المصادر أن الوفد الفرنسي ضم مستشار ماكرون، إيمانويل بون، ورئيس المخابرات برنار ايمييه، وقد التقى الوفد وزير الخارجية فيصل بن فرحان، ورئيس المخابرات خالد الحميدان وتم الاتفاق على ضرورة وقف الاندفاعة السعودية باتجاه لبنان.
تضيف المصادر أن ماكرون أبلغ المسؤولين في بيروت أن عدم استقالة قرداحي قبيل زيارته إلى الخليج تعني أن الملف اللبناني لن يكون حاضراً على طاولة المحادثات مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأمير قطر تميم بن حمد.
حزب الله يتنازل
حسب مصادر حكومية، فإن ميقاتي خلال زيارة أجراها إلى روما التقى خلالها بابا الفاتيكان الذي أكد لميقاتي أن الفاتيكان سيتواصل مع السعودية لدفعها بإعادة دعمها للبنان بالتنسيق مع الأمريكيين والفرنسيين.
ميقاتي، وبعد انتهاء اجتماعه بالبابا فرنسيس في الفاتيكان قبل أيام، توجّه إلى مقر إقامته في أحد فنادق روما وعند وصوله اتصل به الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، وقال ماكرون لميقاتي إنّه سيزور المملكة العربية السعودية بعد أيام، لافتاً إلى أنّه إذا كانت هناك رغبة لمناقشة الوضع اللبناني مع المسؤولين السعوديين، فعلى الجانب اللبناني ما يعطونه ما يستطيع أن ينطلق منه.
تشدد المصادر أن ميقاتي أكد لماكرون أنه سيحاول مع قرداحي مرة أخرى وسيطلب المساعدة من الرئيس نبيه بري لكن عليكم التدخل مع الإيرانيين وحزب الله لأن قرار استقالة الرجل عند هذا الفريق، ووعد ماكرون بالتحدث مع الإيرانيين.
عقب عودة ميقاتي من روما زار مباشرة رئيس البرلمان نبيه بري وأبلغه الموقف الفرنسي وطلب منه التدخل مع حزب الله وتيار المردة للدفع باستقالة قرداحي خلال هذا الأسبوع لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ويرى المصدر أن بري قال لميقاتي إنه لا يريد أن تنتهي الأمور إلى تطيير الحكومة التي شارك في تشكيلها وصوغ خطتها السياسية، وبالتالي هو حريص على تفادي قطع الخيط الرفيع الذي يفصل بين الضغط على الحكومة وبين إسقاطها.
استقالة قبل الزيارة
فيما أدى الاتصال الذي جرى بين الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون والإيراني إبراهيم رئيسي والذي ناقش لمدة 90 دقيقة ملفات عديدة أبرزها الملف اللبناني إلى "تليين موقف حزب الله" والذي فتح المجال أمام استقالة قرداحي قبيل زيارة ماكرون للرياض.
وتقول المعلومات إن رئيس الحكومة نجيب ميقاتي قام بإبلاغ شركائه في الحكومة، وتحديداً حزب الله والوزير السابق سليمان فرنجية، أنّ الفرنسيين هم أصحاب هذه المبادرة ويتمنون عليه تأمين الاستقالة علّها تكون نافذة ولو ضيّقة لإقناع السعوديين بالتخفيف من حدّة ضغطهم على لبنان، وأنه يريد من وزير الإعلام أن يكون مستقيلاً قبيل جلوس ماكرون في الديوان الملكي السعودي، ومن دون اضطراره لدعوة مجلس الوزراء، على قاعدة فصل الملفات الخلافية ومحاولة معالجتها بالمفرق بعدما تعطّلت المحاولة بالجملة.
لقاء ثانٍ مع قرداحي
هذا الاتفاق أدى لعقد لقاء ثانٍ بين رئيس الحكومة نجيب ميقاتي والوزير قرداحي، وطُلب من قرداحي أن يستقيل.
وخلال الاجتماع الذي لم يستغرق سوى 15 دقيقة، كرر ميقاتي دعوته لقرداحي إلى أن يستقيل لمصلحة البلاد، فيما أبلغ قرداحي، ميقاتي أنّ قرار استقالته ليس ملكه الشخصي فقط، وإنّه يحتاج إلى الاتفاق مع حلفائه في شأن الخيار الذي ينبغي اعتماده، مشدّداً مرة أخرى على أنّه غير متمسّك بالمنصب، وكل الاحتمالات تخضع إلى النقاش، وتمنّى ميقاتي على وزير الإعلام أن يبتّ في أمره ويتخذ القرار النهائي قبل أن يحطّ ماكرون في الرياض.
وتشير المعلومات إلى أن تواصلاً فرنسياً جرى مساء الأربعاء مع حزب الله والوزير السابق سليمان فرنجية عبر مسؤول خلية لبنان بالرئاسة الفرنسية باتريك دوريل؛ ذلك للدفع باستقالة قرداحي قبل يوم الجمعة، فيما تعهد الجانب الفرنسي بحل عقدة الحزب في موضوع قاضي التحقيق في جريمة انفجار المرفأ طارق البيطار، وذلك في تحويل جزء من الملف لمجلس النواب عبر المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء ليجري التحقيق مع الرؤساء والوزراء المتهمين في الجريمة، فيما يستمر بيطار بالتحقيق مع الموظفين الأمنيين والإداريين، الأمر الذي سيسمح بعودة الحكومة للاجتماع.
وأن زيارة وزير خارجية قطر الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني لبيروت ستكون خلال أيام، وذلك أن الزيارة كانت مقرونة بأن يقدم لبنان تنازلاً للبدء بعدها بحوار مع دول الخليج العربي والزيارة حاصلة بكون أن أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني وعد الرئيس اللبناني ميشال عون خلال لقائهما منذ أيام في الدوحة أن زيارة وزير خارجية بلاده قائمة لكنها مرتبطة بالتطورات الإيجابية التي ستبديها حكومة لبنان.