أمريكا تهدد بعقوبات على تونس.. قيس سعيّد ينتظر تقريراً للكونغرس حول وضع بلاده

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/01 الساعة 12:31 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/01 الساعة 12:40 بتوقيت غرينتش
الرئيس التونسي قيس سعيّد في اجتماع مع المجلس الأعلى للجيوش

طالبت الإدارة الأمريكية عن طريق الوفد الذي زار تونس سابقاً والاتصالات التي جمعت سعيد بوزير الخارجية الأمريكي بلينكن، الرئيسَ التونسي بعودة المؤسسات، وعلى رأسها البرلمان والهيئات الدستورية، إضافة إلى خارطة طريق واضحة للمسار السياسي.

وقالت الإدارة الأمريكية إنها لا تتعامل مع أشخاص، بل تريد الاستدامة في عمل المؤسسات، وفي الوضع التونسي الديمقراطية هي الآلية الوحيدة المتاحة والمقبولة.

وعلم "عربي بوست" من مصدر خاص أن العقوبات الأمريكية في حال تعنت قيس سعيد وإصراره على تنفيذ مشروعه ستكون تدريجية وتصاعدية ضد شخصيات أمنية وعسكرية.

وأضافت المصادر نفسها أن هذه العقوبات تأتي بعد التقرير الذي طالبت به لجنة الكونغرس، للتأكد من مدى تورط مؤسسة الجيش فيما اعتبروه تنفيذ ودعم إجراءات "التحايل على الدستور". 

أنور الغربي، المنسق العام للمبادرة السويسرية لدعم الديمقراطية في تونس، قال إن "الإجراءات ضد الانقلاب بدأت فعلياً، وتمظهراتها كثيرة، منها استثناء تونس من الدعوة للحوار في منتدى الديمقراطية الذي تستضيفه الولايات المتحدة يومي 9 و10 ديسمبر/كانون الأول 2021.

وأضاف المتحدث أن تونس كذلك غير مدرجة على القائمة التي أعدها مجلس الشيوخ كميزانية لسنة 2022، فضلاً عن إلزام الإدارة الأمريكية بالعودة للكونغرس، في حال رغب في توفير دعم مالي للسلطات في تونس. 

وأشار الغربي في تصريح لـ"عربي بوست" إلى أن "بقاء السفارة الأمريكية في تونس دون سفير مباشر إشارة ليست إيجابية للسلطات القائمة، وتأكيد الإدارة في واشنطن على السياسة الأمريكية بعد المكالمة بين الرئيس سعيد ووزير الخارجية بلينكن كلها رسائل واضحة بأنه لا يوجد خيار غير العودة للمسار الديمقراطي وعمل المؤسسات".

مؤسسة الرئاسة.. وتضارب البيانات 

عادة ما تعتمد بيانات الرئاسة على التعتيم، خاصة إذا كانت المسألة متعلقة بزيارة وفد أمريكي أو اتصال بين الرئيس ومسؤول أمريكي حول الوضع العام بالبلاد، فيكون الخطاب موجهاً لأتباع قيس سعيد وليس للرأي العام المحلي أو المجتمع الدولي، لذلك تجده في تناقض تام مع بيانات السفارة الأمريكية بتونس، التي تكون أكثر وضوحاً. 

أنور الغربي، المنسق العام للمبادرة السويسرية لدعم الديمقراطية في تونس أكد أن "جميع النقاط التي ذكرها بلاغ الرئاسة في علاقة بالاتصال مع وزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية بلينكن يعتبر من قبيل التكرار الذي لا فائدة منه، تكرار يضر ولا ينفع، فإن كان موجهاً لأتباع الرئيس فهو يبيعهم وهماً وسراباً، وإن كان موجهاً لعامة الناس ففيه إخلالات بالجملة". 

وأضاف المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أن "الأخطر من كل هذا أن جل النقاط المذكورة سبق ونشرتها الرئاسة على إثر اللقاء مع وفد الكونغرس الأمريكي، والذي بلا شك أحاط إدارة بلاده بمخرجات اللقاء، ومن المؤكد أيضاً أن السفارة الأمريكية في تونس تُترجم بلاغات الرئاسة التونسية التي كثيراً ما تعود على تأويلات الرئيس للدستور".

الإدارة الأمريكية.. وامتحان الديمقراطية في تونس 

أصدر البيت الأبيض والخارجية الأمريكية العديد من البيانات، أكدوا فيها وقوفهم إلى جانب الديمقراطية في تونس، وعبروا عن قلقهم من تطورات الأوضاع بالبلاد عقب الإجراءات الاستثنائية، مشيرين إلى أن الولايات المتحدة تراقب الوضع عن كثب، وستتحرك في التوقيت المناسب.

المحلل السياسي عادل السمعلي، قال إن "مكالمة وزير الخارجية الأمريكي الأخيرة لقيس سعيد، وتأكيده على الإصلاح بمشاركة كل الأطراف هي ليست المرة الأولى التي يُستعمل فيها مصطلح كل الأطراف، يعني أنهم غير راضين على تفرد الرئيس".

وأشار السمعلي في تصريح لـ"عربي بوست" أن "أمريكا ليست ضد الانقلاب، ولكن يبدو أنهم غير راضين على الثلاثة أشهر من حكم سعيّد، خاصة أن تمويل صندوق النقد الدولي الذي يتحكمون فيه يمر عبر حكومة منتخبة ودائمة ووضع سياسي مستقر، وهذه شروط لا تتوفر في ظل الإجراءات الاستثنائية".

من جهته، قال الكاتب والمحلل السياسي بولبابة سالم، إن "رهان الولايات المتحدة على الديمقراطية في تونس رهان موجود منذ انتصار الثورة، وأمريكا أنفقت ما يقارب مليار دولار لدعم تونس في تجربتها الديمقراطية".

وأشار المتحدث في تصريح لـ"عربي بوست" أنه "بعد انقلاب 25 يوليو أول مرة دولة عظمى تقوم باتصالات مكثفة مع تونس (زيارات، بيانات البيت الأبيض والكونغرس الأمريكي ووزارة الخارجية)، وهذا يعكس مدى الاهتمام بالتجربة الديمقراطية في تونس.

وأضاف المتحدث أن "أمريكا تربط المساعدات بعودة المؤسسات الديمقراطية للاشتغال، خاصة مؤسسة البرلمان، وأمريكا صاحبة الكلمة الفصل في صندوق النقد الدولي، وربط مواصلة المساعدات بالإصلاحات الكبرى، خاصة مكالمة وزير الخارجية بلينكن الأخيرة تؤكد الرغبة في عودة المسار الديمقراطي وإنهاء حالة الاستثناء".

في المقابل أكد الباحث والمحلل السياسي سامي الشايب أن "الضغط الأمريكي يبدو ناعماً بشكل كبير، إذ إن الولايات المتحدة على عكس ما يظهر للبعض قادرة على لجم طموحات رئيس الجمهورية في الانفراد بالسلطة عبر ورقة الضغط الاقتصادي، خاصة أن الميزانية تعاني من عجز خطير، لكن كما هو معروف فإن السياسة في واشنطن تحكمها دوائر قرار متعددة".

وأضاف الشايب في تصريح لـ"عربي بوست" أن "وزارة الدفاع الأمريكية، وهي لاعب مهم في السياسة الخارجية ترى تونس في شخص رئيسها ورقة هامة وحليفاً حاسماً في "الحرب على الإرهاب"، وهي نقطة انطلاق لقوات "الأفريكوم".

وأشار المتحدث إلى أن "أطرافاً نافذة في الخارجية الأمريكية ترى أن الطبقة السياسية في تونس تحتاج لـ"لفت نظر" أو "قرصة أذن"، حتى تترك ثقافة التنازع والمماحكات التي ميزت الفترة السابقة، كما تحتاج إلى إنشاء طبقة سياسية جديدة.

تقرير الكونغرس.. وحسم "معركة" الديمقراطية 

تعتبر الإدارة الأمريكية وإن لم تصرح بذلك علناً أن ما وقع في تونس هو خروج عن الالتزام بضوابط الديمقراطية، وبالتالي سيكون موقفها حاسماً، خاصة عن طريق التقرير الذي طلبه الكونغرس حول مدى تدخل الجيش في إيقاف العملية الديمقراطية.

الباحث في العلاقات الدولية بشير الجويني، قال إن "التدخل الأمريكي يأتي في إطار نادي الدول الديمقراطية، الذي انضمت إليه تونس منذ 2011، وهو ما يفترض الالتزام بضوابط هذا النادي، خاصة أن تونس تحصلت على كل الحقوق الممكنة سواء الدعم الدبلوماسي أو الاقتصادي.

وأشار الجويني في تصريح لـ"عربي بوست" أن "ما وقع في تونس هو خروج عن الالتزام بضوابط الديمقراطية، والولايات المتحدة في هذا الباب ستكون حاسمة في موقفها إزاء الخروج عن الديمقراطية، وهذا ما حدث، سواء كان عن طريق المبعوث الخاص لتونس أو المكالمات المتتالية مع وزير الخارجية الأمريكي، وإما عن طريق التقرير الذي طلبه الكونغرس، والذي سيكون على درجة كبيرة من الأهمية في حسم كفة الرجوع إلى الديمقراطية".

تحميل المزيد