شهدت مدن مغربية، الإثنين 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وقفات احتجاجية رفضاً للتطبيع المتصاعد مع إسرائيل، وذلك بعد أيام من زيارة غير مسبوقة للرباط أجراها وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس.
حيث شارك مئات الحقوقيين والمواطنين في فعاليات احتجاجية بمدن وجدة وبركان (شمال شرق) وبنسليمان وبني ملال وأولاد تايمة (شمال)، فيما منعت السلطات وقفة مماثلة بالعاصمة الرباط، بحسب بث مباشر على "فيسبوك" لقناة "الشاهد"، التابعة لجماعة "العدل والإحسان" (أكبر جماعة إسلامية بالمملكة).
فيما ردد المحتجون هتافات تطالب بوقف التطبيع، ودعم القضية الفلسطينية، منها: "التطبيع خيانة"، و"ناضل يا مناضل.. ضد التطبيع ضد الصهيون"، و"إدانة شعبية.. الأنظمة العربية".
كانت "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع" (غير حكومية) قد دعت، السبت، المغاربة إلى المشاركة في وقفات احتجاجية رفضاً للتطبيع.
"خطورة مدمرة على المغرب"
من جهتها، قالت "الجبهة المغربية لدعم فلسطين وضد التطبيع"، في بيان، إنها ترفض أن يكون المغرب مطية للكيان الصهيوني لتحقيق مشاريعه التوسعية في منطقة "المغرب الكبير" (المغرب العربي).
في حين أعربت الجبهة عن رفضها لأي تعاون مع أعداء الشعب الفلسطيني، والذي يشكل خطورة مدمرة على المغرب والمنطقة برمتها، وفق البيان.
الجبهة أدانت زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي للمغرب التي جرت بين 23 و25 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وهي الزيارة الأولى من نوعها، إذ لم يسبق أن زار الرباط أحدٌ من أسلافه في هذا المنصب.
على هامش زيارة غانتس، وقع المغرب وإسرائيل اتفاقيتين، الأولى في مجال الدفاع والثانية لشراء الرباط أسلحة وطائرات من دون طيار إسرائيلية، وسط انتقادات واسعة للزيارة من جهات عدة بالبلاد، خاصة عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
"إعلان التعبئة العامة"
بدوره، دعا رئيس "مجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين" (غير حكومية)، عبد القادر العلمي، "الشعب المغربي، وكل قواه المدنية والحزبية والنقابية والحقوقية والطلابية والنسائية ومنابر الإعلام، إلى إعلان التعبئة العامة الطويلة الأمد؛ لمواجهة الاختراق التطبيعي التخريبي"، وذلك بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، في 29 نوفمبر/تشرين الثاني سنوياً.
العلمي اعتبر، خلال مؤتمر صحفي في الرباط، أن استقبال المغرب وزيرَ الدفاع الإسرائيلي مساهمة في إضفاء "المشروعية على جرائمه وجرائم كيانه" بحق أهل القدس وفلسطين.
كما لفت إلى أن التطبيع مع إسرائيل "لا يسيء فقط إلى قضية فلسطين، بل يهدد المغرب وجودياً ويستهدف وحدته الترابية وتماسك مجتمعه وأمنه واستقراره".
في المقابل، تقول السلطات المغربية إن استئناف العلاقات مع إسرائيل أملته مصالح عليا للمملكة، وتؤكد استمرار دعمها للشعب الفلسطيني.
كان العاهل المغربي محمد السادس قد صرّح، الإثنين، بأن استقرار وازدهار منطقة الشرق الأوسط يرتبط بإيجاد حل عادل ومستدام للقضية الفلسطينية العادلة وفق حل الدولتين، وعلى حدود 4 يونيو/حزيران 1967.
تطبيع بوساطة أمريكية
يشار إلى أنه في 10 ديسمبر/كانون الأول 2020، أعلنت إسرائيل والمغرب استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، والتي توقفت عام 2002، وذلك بوساطة أمريكية.
كان المغرب وإسرائيل قد اتفقا نهاية العام الماضي، على "مواصلة التعاون في عدة مجالات، وإعادة فتح مكتبي الاتصال في الرباط وتل أبيب، والاستئناف الفوري للاتصالات الرسمية، وإقامة علاقات دبلوماسية كاملة".
منذ ذلك الحين، تم افتتاح مكتب اتصال لإسرائيل بالمغرب خلال زيارة للرباط أجراها وزير الخارجية يائير لابيد، في أغسطس/آب الماضي.
كما أُعيد افتتاح مكتب الاتصال المغربي في تل أبيب وتدشين خط طيران مباشر بين البلدين.
بذلك أصبح المغرب رابع دولة عربية توافق على التطبيع مع إسرائيل، خلال عام 2020، بعد الإمارات والبحرين والسودان، فيما ترتبط مصر والأردن باتفاقيتي سلام مع إسرائيل، منذ 1979 و1994 على الترتيب.
لكن تسارع التطبيع الرسمي العربي، العام الماضي، أثار غضباً شعبياً عربياً، في ظل استمرار احتلال إسرائيل أراضي في أكثر من دولة عربية، ورفضها قيام دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4 يونيو/حزيران 1967، وانتهاكاتها المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.