الإعلان الترويجي هو عملية تواصلية مع الأفراد بوقت محدد عادة ليس أكثر من بضعة دقائق (على الأكثر) بهدف التأثير في السلوك الاستهلاكِ للإقبال على شراء سلعة معينة وتتميز الإعلانات بمواكبة التغيرات والتكيف معها، وللمرأة دور دعائي بارز يساعد على تحقيق الأثر والنتيجة المرجوة.
المرأة تقدم انطباعاً مناسب في شكل وأسلوب الإعلان الترويجي؛ مما يلهم الصناع في هذا المجال الاستثمار في النساء بدورهن الإيجابي في التأثير ونقل مفردات وواقع المعاش بلغة المجتمع، فيلقى قبولاً واسعاً من حيث صورتها وشخصيتها ولغتها وذلك عندما يتمتع بإطار لغوي لائق واجتماعي يساهم في تعميم ونشر الإعلان ويلقى رواجاً هائلاً في المجتمع، فالإعلان غالباً ما يعكس قيم وثقافة ونمط استهلاك الجمهور المتلقي، مما يؤدي إلى رصد وتحقيق النتائج بعد تفاعل وتجاوب وتوجه الأفراد إلى الفعل المادي لشراء السلعة المراد الترويج لها، تستخدم أغلب الإعلانات فكرة بسيطة والخطاب المستخدم بها له طابع فكاهي وكوميدي واللغة الاجتماعية سليمة في الحوار وصورة المرأة تكون فيه لطيفة ومحببة وشخصيتها لا تعارض شخصية المرأة التقليدية المألوفة لدى المجتمع المشاهد، وخصوصاً إذا كانت شخصية مشهورة ومألوفة لدى المجتمع، وتساهم هذه المحددات في نجاح هذه الإعلانات.
المرأة في الإعلانات
بشكل عام عند تحليل صورة المرأة في الإعلانات الترويجية اليوم، نلاحظ مع كثرة الإعلانات وندرة التزام صناع هذا المجال بالمحددات اللغوية الاجتماعية وتركيز ببيع السلعة بأي طريقة نلاحظ كجمهور مستهلك للإعلان أن دور المرأة في مثلك تلك الإعلانات يؤدي إلى تنميط صورة المرأة في الإعلام وينعكس سلباً على دورها في المجتمع العربي، وهناك اعتقاد راسخ أن مثل تلك الإعلانات هو استغلال للمرأة، واعتبارها ساذجة وأداة للترويج، حيث يستخدم العنصر النسائي كجسد، ولقطات ذات الإيحاءات والإشارات، والأفكار القائمة على الاستغلال الجنسي للمرأة، وبالتالي يؤدي ذلك إلى نفور عام، ورفض المجتمع لإعلان كهذا، ويؤدي إلى عدم شراء السلعة المروجة في كثير من الأحيان والخسارة المادية في العموم.
ملاءمة نطاق اللغة الاجتماعي ضروري ويجب على صناع التزام به حتى لا يؤدي ذلك إلى كارثة اجتماعية وثقافية تؤثر على بناء الأسرة العربية، هناك الكثير من وسائل الإعلام العربي والدولي يسعى جاهداً إلى إظهار عمق وجوهر المرأة ممثلة رغباتها وميولها ويرتقي بالفكر العام والتقليد السائد عنها الذي يصورها بدور الشخصية الضعيفة والمعنفة، والتي يجب ألا تهتم بالشأن العام ويفضل أن تصب اهتماماتها على شكلها وأسرتها ومجتمعها ويعزلها داخل إطار اجتماعي مغلق ومحدود، مما يؤثر سلباً على قدراتها وإمكانياتها اللامحدودة في جميع المجالات، وأيضاً توسع من مهامه في سبيل تغيير هذه الصورة النمطية والتقليدية وإبرازها بصورة وشخصية توضح نشاطاتها ومساهمتها في تطوير وتغيير المجتمع بطريقة إيجابية مع التركيز على الأدوار المميزة للمجتمع الأنثوي ومشاركاتهم السياسية، الاقتصادية، الثقافية، التنموية والاجتماعية وعدم حصرها بشؤون المرأة، ومن جهةٍ أخرى مكَّنت التقنيات الجديدة العديد من النساء والمنظمات النسائية من زيادة قدرتهم على الوصول إلى المعارف والمعلومات وتبادلها مع الآخرين، ونشر أفكارهم على نطاقٍ واسعٍ وبسرعة كبيرة، وبالتالي رفع قدرهم ومكانتهم في المجتمع.
أنتِ عانس
من الأمثلة الناجحة للحملات الإعلامية حملة الأمين العام للأمم المتحدة (اتحدوا) وحملة المجلس القومي للمرأة بتعاون مع صندوق الأمم المتحدة "كوني سر قوتك" وكلتا الحملتين تمثل إعلاناً يدعو إلى تمكين المرأة من كل النواحي ومكافحة أي اضطهاد، ومن الأمثلة الناجحة أيضاً حملة "تحدي" لدعم حقوق المرأة خلال جائحة كورونا التي أطلقتها مؤسسة أكشن إيد الفلسطينية، بهدف محاربة البطالة بين صفوف الشابات والشباب ورفع قدراتهن/هم المهنية.
ومن أمثلة حملات الإعلامية الفاشلة حملة "أنتِ عانس" لإحدى شركات المنتجات الغذائية في مصر التي استفزت مشاعر النساء والمجتمع كله، وكادت هذه الحملة التي لم تحقق هدفها وتقضي على الشركة لاعتبارها حملة مسيئة للمرأة ومخالفة لقيم المجتمع المصري الذي تحتل فيه المرأة مكانة واحترام كبير، وطالب الجميع بمحاسبة الشركة؛ مما أدى إلى تدخل السلطات المصرية التي أمرت بوقف الإعلان فوراً.
واتخذت الحملة الإعلانية نفسك تموت؟ اشرب سجاير! التي قامت بها شركة إعلانية مصرية وأصدرتها في الإسكندرية منحى آخر عندما لم يتقبلها المجتمع واعتقد الكثير أنه إعلان تحريضي مهمته تعميم فكرة الانتحار أو ربما هي حملة تسعى إلى الدعوة لشرب السجائر بكثرة بين فئة الشابة في المجتمع، وبصورة عامة لم يفهمه الجمهور؛ مما أدى لفشل الحملة وتوضيح الشركة من الغرض والهدف منها، ومن هاهنا نلاحظ أن السبب الرئيسي لفشل الحملة هو عدم ملاءمة لغة الخطاب والأفكار للمجتمع المستهلك.
وبالرغم من عدم حيادية مجال الإعلانات على مستوى النوع وإعطاء تركيز وحيز كبير للنساء أكثر من الرجال وتأكيد العديد من الدراسات أن السبب في ذلك هو حصول المرأة على نسبة أعلى من الرجل في المعايير التي يتم من خلالها تقييم دور كل من النوعين في الإعلان فتفوق الإناث مبني على القدرة العالية على الجذب، الإثارة، لفت الانتباه، اللغة وطبيعتها كأنثى مع أن ذلك التحيز والتمييز لا يلغي بالضرورة الصورة النمطية وإنما أحياناً تكون سلبية لأن التصورات الشائعة والراسخة في أذهان المجتمع غالباً ما يشوبه نقص وتشوه من ناحية مشاركة وانضمام النساء إلى مجال الإعلانات المرئية والمقروءة، خاصة إذا كانت خارج نطاق الذي يستوعبه، ويؤثر ذلك على صورة وشخصية المرأة في الإعلام بشكل عام والإعلانات بشكل خاص.
الخلاصة
في الختام.. المرأة في الإعلام لديها صورة بارزة دولياً وعربياً، حيث تلقى قبول وتشجيع عام لدراسة والعمل في الإعلام بجميع مجالاته والمشاركة في النقاش وإبداء الرأي، وتطوير الحس النقدي لإظهار الاختلاف اللغوي مع متغيرات الاجتماعية المحيطة بها، وتسخير مهاراتها وكفاءتها الإعلامية في تغيير ثقافة وفكر المجتمع بطريقة صحيحة وإيجابية في شتى جوانب الحياة. بالإضافة إلى ذلك أعتقد أن عمل المرأة في الإعلام والإعلانات يساهم ويساعد في زيادة المسؤولية الواقعة على عاتقها ليس فقط كإعلامية، بل كامرأة عاملة وزوجة وأم إلى التوعية ومناصرة النساء في العالم العربي والعالم أجمع مما يعزز من صورة المرأة وتقديمها بشخصية كريمة وعظيمة ودورها الفعال في بناء السلام وتعزيز التماسك الاجتماعي بين المجتمعات؛ لذلك برأيي فإن صورة المرأة ومشاركتها في الإعلام في شتى مجالاته له أبعاد أكبر وأكثر من المألوف في هذا المحفل؛ مما يزيد من أهمية وزيادة طلب على مساهمة النساء في هذا المجال كونهم مثابرات قادرات على تحقيق إنجازات.
أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال مقالاتكم عبر هذا البريد الإلكتروني: opinions@arabicpost.net
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.