قال موقع Axios الإخباري الأمريكي إن وزارة الخارجية الأمريكية تجاهلت توصيةً من لجنة حكومية مستقلة بإدراج الهند في "القائمة الحمراء" للبلدان المتورطة في انتهاكات "منهجية ومستمرة وصارخة" للحريات الدينية، للعام الثاني على التوالي.
الموقع الأمريكي أشار في تقريره الجمعة 19 نوفمبر/تشرين الثاني، إلى أن هذا التجاوز عن انتهاكات الحكومة الهندية يقدِّم دليلاً جديداً على قدر التساهل الذي تبديه الإدارة الأمريكية والمشرعون الأمريكيون في تعاملهم مع الهند، لا سيما بعد أن أصبح تعزيز العلاقات مع الدولة الآسيوية سمةً بارزة في استراتيجية كل من إدارة ترامب، وبعدها إدارة بايدن، لمواجهة الصين.
كما أضاف الموقع أن المسؤولين الهنود ينظرون إلى الصين حالياً على أنها التهديد الأمني الأبرز لهم، وهو الأمر الذي يتماشى مع مخاوف الولايات المتحدة ضمن صراع النفوذ الذي تخوضه الآن مع بكين في جميع أنحاء العالم.
دعم جو بايدن لـ"جرائم" مودي
لم يُبدِ الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، أي تحرُّج من تبنّي رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، رغم المعروف عن كونه قومياً هندوسياً متطرفاً منعته الولايات المتحدة ذات مرة من دخول أراضيها بسبب "انتهاكاته الجسيمة للحرية الدينية" خلال فترة حكمه لولاية غوجارات.
أما الرئيس الأمريكي الحالي، جو بايدن، الذي كان تعهدَ بوضع حقوق الإنسان في "مركز" سياسته الخارجية، فتبدو قضية التجاهل للانتهاكات التي قامت بها نيودلهي في عهده أشد إثارة للحساسية بكثير.
في هذا السياق، قالت نادين ماينزا، رئيسة اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية، لموقع Axios إن إدارة بايدن "أضاعت فرصة" للضغط علناً على الهند من خلال تصنيفها ضمن الدول التي تبدو أوضاع الحرية الدينية فيها "مثيرة للقلق".
أضافت: "خاب رجاؤنا بعدم التفات الإدارة الأمريكية إلى الأوضاع إلى الأرض ومدى التدهور فيها".
قمع واعتداءات على المسلمين في الهند
يُذكر أنه منذ انتخاب مودي في عام 2014، تشهد الهند تراجعاً حاداً للديمقراطية وانتشاراً مطرداً للعنف الغوغائي المناهض للمسلمين. ويقول معارضو مودي إن حزبه بهاراتيا جاناتا يغض الطرف عن التمييز القائم ضد المسلمين ويقر قوانين تعمل بوضوح على تهميش المسلمين.
يستشف بعض المراقبين من سلوك إدارة بايدن أنها خلصت إلى أن الأفضل للمصلحة الأمريكية أن تُعالج أوضاع حقوق الإنسان المتدهورة في نيودلهي بعيداً عن العلانية، ما لم يتجاوز هذا التدهور حداً لا يمكن تداركه.
في معرض ذلك، يقول ريتشارد روسو، خبير الشؤون المتصلة بالعلاقات الأمريكية الهندية في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS)، إنه "بالنظر إلى صعود الصين العسكري واستعداد الهند للعمل مع الولايات المتحدة وغيرها من الشركاء لمواجهته، فإن إدارة بايدن لن ترغب في تهديد العلاقة معها، خاصة في ظل الأولوية القائمة حالياً لتلك المجالات".
في غضون ذلك، يبدو بايدن عازماً على الاستمرار في المسار الحالي باستضافته مودي في البيت الأبيض، وإقامة علاقات تعاون جديدة بين أطراف التحالف الرباعي، الذي يضم الولايات المتحدة والهند واليابان وأستراليا، وتعتبره بكين مناهضاً لها.
كما ورد أن بايدن يعتزم دعوة الهند لحضور "قمة الدول الديمقراطية" التي تُعقد برعاية البيت الأبيض الشهر المقبل.
ازدواجية المعايير الأمريكية
من جانب آخر، فإن هذا التجاهل الأمريكي لمعايير حقوق الإنسان لا يبدو أنه مقتصر على الهند، إذ لطالما كانت الإدارات الأمريكية أشد انتقاداً لانتهاكات حقوق الإنسان في الدول المعادية، مثل إيران، منها للانتهاكات في الدول التي تعتبرها صديقة مثل مصر أو السعودية.
على صعيد آخر، فإن الاختبار التالي للتساهل الأمريكي مع مودي يحين موعده قريباً في ظل الترقب لموقف الإدارة الأمريكية من شراء نيودلهي لمنظومة الدفاع الجوي الروسية "إس 400" وما إذا كانت ستفرض عليها عقوبات بموجب "قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات" (CAATSA).
كانت الولايات المتحدة فرضت عقوبات على تركيا في عام 2020 لشراء المنظومة الدفاعية نفسها، بدعوى أن تركيا، على خلاف الهند، حليفة في الناتو، وأن استخدامها للمعدات العسكرية الروسية قد يثير المخاوف الأمنية الأمريكية بدرجة أكبر، لما ينطوي عليه ذلك من إمكانية الاطلاع الروسي المكثف على القدرات العسكرية الأمريكية.