حتى الأراضي الخصبة أصبحت جرداء! الجفاف يجبر فلاحين بالعراق على هجر أراض كانت “سلة خبز” البلاد

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/14 الساعة 10:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/14 الساعة 10:08 بتوقيت غرينتش
الجفاف يهدد الزراعة - صورة تعبيرية - Istock

اضطر فلاحون في شمال العراق إلى هجر أراضيهم، بسبب الجفاف الذي اجتاحها وترك أصحابها يكابدون، قاصدين أماكن أخرى أملاً بالعثور فيها على فرص عمل تكفيهم قوت يومهم. 

من بين هؤلاء الفلاحين خميس عبّاس، الذي أوصد أبواب داره وترك أرضه في نينوى شمال العراق إلى مدينة الموصل حيث يقاسي البطالة، لأن أمطار هذا العام الشحيحة لم تنبت بذور الحنطة في حقله، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.

حال عباس حال العديد من فلاحي تلك الأرض الخصبة تاريخياً الذين يعانون جراء الجفاف الناجم عن التغير المناخي.

يقول المزارع البالغ من العمر 42 عاماً  إن "زراعة القمح والشعير باتت الآن أشبه بلعبة اليانصيب" إذ إنها "تعتمد على الأمطار التي إذا توفرت سنجني ثمار الأرض".

كان الجفاف هذه السنة قاسياً وشديداً إلى حدّ غير مسبوق على مزارعي نينوى، التي تعدّ سلة خبز العراق، كونها تضم مساحات زراعية شاسعة تصل إلى ستة ملايين دونم وتعتمد الزراعة فيها على مياه الأمطار.

على الرغم من أن الأزمة تطال العراق كاملاً، إلا أن هذه المحافظة المشهورة بزراعة الحنطة كانت "الأكثر تضرراً"، وفق المتحدث باسم وزارة الزراعة حميد النايف، الذي لفت إلى أن العراق يحتاج "إلى 4,5 مليون طن" من الحنطة، "لكننا أنتجنا مليونين فقط".

فخلال العام 2020، أنتجت المحافظة "927 ألف طن من الحنطة، محققةً الاكتفاء الذاتي"، بحسب ما قال مدير الشركة العامة للحبوب في نينوى عبد الوهاب الجرجري، للوكالة الفرنسية، لكن "في عام 2021، انخفضت الكمية إلى 89 ألف طن بسبب الجفاف وقلة سقوط الأمطار".

من جانبها، قالت سماح حديد من منظمة المجلس النرويجي للاجئين غير الحكومية إنه مع "الانخفاض القياسي بمنسوب الأمطار، وتراجع تدفق المياه" من نهريه التاريخيين دجلة والفرات إثر بناء إيران وتركيا المجاورتين سدوداً، بات العراق "بمواجهة أسوأ أزمة جفاف في عصره الحديث".

يعاني العراق من جفاف أراضيه الزراعية – Istock

غياب الحصاد

دفع الجفاف 447 عائلة من النازحين العائدين بعدما هجّرهم تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) قبل سنوات، إلى المغادرة مرة أخرى، بين شهري يونيو/حزيران، ويوليو/تموز 2021، في ظل درجات حرارة تجاوزت الخمسين. 

بلغ هذا العدد 2982 عائلة في مناطق الجنوب والوسط حيث وقع الصيف أقسى، وفق المنظمة الدولية للهجرة.

ما ينذر بالسوء، أنه عاماً بعد عام، تزداد أزمة المياه سوءاً في العراق مع تراجع معدلات هطول الأمطار وتمدّد الجفاف، إلى أن بات العراق البلد "الخامس في العالم" الأكثر تأثراً بالتغير المناخي بحسب الأمم المتحدة.

يقول الفلاح عدنان خليل أحمد (63 عاماً) متحسراً على وفرة إنتاج العام 2020: "لا أمطار في موسم العام 2021، ولا موسم زراعياً، لم نحصد شيئاً"، ويضيف الرجل الذي ورث مهنة الزراعة عن أبيه في حقل حنطة تبلغ مساحته 3500 دونم "نصرف مبالغ إضافية كبيرة على الزراعة والتسويق، ما يرغم العديد من المزارعين على الاقتراض".

نتيجة لهذه الظروف، تراود فكرة التخلي عن مهنة الزراعة أيضاً أكرم ياسين الذي باع قسماً من مواشيه الـ500 "حتى أعيش"، كما قال للوكالة الفرنسية.

من حقله في قرية القائم في قضاء تلكيف بمحافظة نينوى، يقول الشاب البالغ من العمر 28 عاماً: "ربما أغير مهنتي، إنني أخسر أكثر مما أربح، بعت قسماً من الأراضي وبثمنها زرعت القسم الآخر".

أضاف الشاب الذي يزاول الزراعة منذ 15 عاماً "اضطررت أيضاً للاستدانة لتغطية مصاريف الزراعة".

إلى الشمال في دهوك في إقليم كردستان، تسبّبت قلّة الأمطار أيضاً بجفاف سدّ زاويته كاملاً، ما أدّى إلى تلف محاصيل التين والرمان في الحقول المجاورة، وألحق ضرراً كبيراً بنحو 25 فلاحاً مثل بهجت بازيد يوسف.

يعتمد السدّ على مياه الثلوج والمطار، لكن مدير الري في محافظة دهوك هيزا عبد الواحد قال إن "الأمطار كانت قليلة جداً في الموسم الماضي".

تتسبّب تلك الظروف بقيام مزيد من الأزمات، ويوضح روجر غيوي مدير مركز أبحاث "سوشال إنكويري" في أربيل، أن "ذلك النزوح العشوائي إلى المدن، مثل الموصل وكركوك، من شأنه أن يخلق أيضاً حالةً من عدم الاستقرار. تلك المدن ليست معدةً بشكل جيد لهذا التدفق الهائل، هي هشّة أصلاً".

تحميل المزيد