قال تقرير نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الثلاثاء 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، إن العالم يسير باتجاه مستويات كارثية من الاحتباس الحراري، تتجاوز بكثيرٍ الحدود المتفق عليها في اتفاقية باريس للمناخ، رغم تعهدات دول العالم بخفض انبعاثات الكربون في مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021.
إذ إن ارتفاعات درجات الحرارة ستتجاوز 2.4 درجة مئوية بحلول نهاية هذا القرن، بناءً على الأهداف قصيرة الأجل التي حددتها بعض دول العالم، وفقاً لبحث نُشر في غلاسكو يوم الثلاثاء 9 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
محادثات قمة المناخ
هذا يتجاوز بكثير الحد الأعلى البالغ 2 درجة مئوية، الذي قالت اتفاقية باريس إنه من الضروري أن يظل العالم "أقل عنه بكثير"، والحد البالغ 1.5 درجة الأكثر أماناً الذي تهدف إليه محادثات قمة الأمم المتحدة للمناخ.
عند هذا المستوى، فالطقس المتطرف -ارتفاع مستوى سطح البحر والجفاف والفيضانات وموجات الحر والعواصف العاتية- قد يعيث دماراً في العالم.
يتناقض هذا التقدير تناقضاً حاداً مع التوقعات المتفائلة التي نُشرت خلال أيام، والتي تشير إلى إمكانية وقف الاحترار عند 1.9 درجة مئوية، أو 1.8 درجة مئوية، بفضل التعهدات المعلنة في المحادثات.
على أن هذه التقديرات كانت تستند إلى أهداف طويلة الأجل، وضعتها دول من بينها الهند، ثالث أكبر مصدر للانبعاثات في العالم، التي تهدف إلى الوصول إلى صافي انبعاثات صفريّ بحلول عام 2070.
أهداف قصيرة المدى
على النقيض من ذلك، استند التقييم المزعج لارتفاع 2.4 درجة مئوية لـ"مُتعقِّب العمل المناخي" (CAT)، تحالف تحليل المناخ الأكثر مصداقية في العالم، إلى أهداف البلدان قصيرة الأجل على مدار العقد القادم.
يقول بيل هير، الرئيس التنفيذي لمنظمة Climate Analytics، إحدى المنظمات المسؤولة عن متعقب العمل المناخي، لصحيفة The Guardian: "نشعر بالقلق من محاولة بعض البلدان تصوير حد 1.5 درجة مئوية بأنه قريب من التحقق، لكنه ليس كذلك، فهو بعيد جداً، وهي تقلل من ضرورة تحقيق أهداف قصيرة المدى لعام 2030، بما يتماشى مع حد 1.5 درجة مئوية".
وجد متعقب العمل المناخي أن الانبعاثات سترتفع بمقدار الضعف عام 2030، في حين أنه من الضروري أن تظل في حدود 1.5 درجة مئوية، بناءً على الوعود التي قُطعت في غلاسكو، وحذر العلماء من أنه إذا تجاوز الاحتباس 1.5 درجة مئوية فستلحق أضرار لا رجعة فيها بمناخ الأرض.
كما وجد المحلِّلون أيضاً فجوة بين ما قالت الدول إنها ستفعله مع انبعاثات غازات الاحتباس الحراري وسياساتها في الواقع، وإذا أُخذت السياسات والتدابير الحالية في الاعتبار، وليس الأهداف وحدها، فسيرتفع الاحترار إلى 2.7 درجة مئوية، بناءً على تحليل متعقب أعمال المناخ.
يقول نيكلاس هون، أحد المحللين، إنه من الضروري أن تكون هذه النتائج بمثابة "مراجعة للواقع". وقال لصحيفة The Guardian: "نوايا الدول على المدى الطويل لا بأس بها، لكن إجراءاتها على المدى القصير غير كافية".
انبعاثات صفرية حول العالم
كذلك فقد طُلب من الأطراف الـ197 في اتفاقية باريس لعام 2015 القدوم إلى غلاسكو بهدفين: هدف طويل الأجل بالوصول إلى صافي انبعاثات صفرية على مستوى العالم في منتصف القرن تقريباً، والهدف الآخر هو الخطط المحلية قصيرة المدى، والمعروفة بالمساهمات المحددة وطنياً (NDCs)، التي تربط خفض الانبعاثات بعام 2030. ويقول العلماء إنه من الضروري أن تنخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري بنحو 45% هذا العقد، حتى تظل درجات الحرارة العالمية في حدود 1.5 درجة مئوية من مستويات ما قبل العصر الصناعي.
في المقابل، تعهّدت البلدان المسؤولة عن حوالي 90% من الانبعاثات العالمية بأهداف صافي انبعاثات صفرية، معظمها بحلول عام 2050 تقريباً للبلدان المتقدمة، وتمتد إلى 2060 للصين و2070 للهند، لكن "المساهمات المحددة وطنياً" في العقد المقبل لا تتطابق مع هذه الأهداف. والمناخ يتفاعل مع الكربون المتراكم في الغلاف الجوي، لذلك إذا ارتفعت الانبعاثات خلال العقدين المقبلين فقد يتجاوز العالم حد 1.5 درجة مئوية حتى لو وصل صافي الانبعاثات الكربونية إلى الصفر لاحقاً.
يقول هير: "من الرائع أن يكون لدى البلدان أهداف صافي انبعاثات صفرية على المدى الطويل، لكنها بحاجة إلى سد الفجوة بإجراءات على المدى القصير".