قائمة المرشحين المحتملين لرئاسة ليبيا.. 14 شرطاً أحدها يبدو مصمماً لخدمة مرشح بعينه

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/10 الساعة 12:32 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/11 الساعة 08:36 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الليبي عبد الحميد الدبيبة/رويترز

كل الطرق تؤدي إلى إجراء الانتخابات في ليبيا في موعدها المقرر، رغم الاعتراضات على غياب قواعد دستورية ودعوات المقاطعة، فما شروط الترشح للرئاسة؟ وماذا تعنيه للمرشحين المحتملين؟

من المقرر أن تجرى الانتخابات الرئاسية في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وتليها مباشرة الانتخابات البرلمانية، وأعلنت مفوضية الانتخابات في ليبيا قبل يومين فتح باب الترشح رسمياً، على أن يستمر الباب مفتوحاً للراغبين في الترشح للرئاسة حتى يوم 22 من نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، وحتى يوم 7 ديسمبر/كانون الأول بالنسبة للراغبين في الترشح للبرلمان.

هذه المواعيد والإجراءات نتجت عن المسار السياسي الحالي المسمى ملتقى الحوار الليبي، والذي رعته الأمم المتحدة بعد فشل الجنرال خليفة حفتر (زعيم ميليشيات شرق ليبيا الذي يسمي نفسه القائد العام للجيش الليبي) في احتلال العاصمة طرابلس وفرض نفسه حاكماً عسكرياً على البلاد.

وتشكلت حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة والمجلس الرئاسي بزعامة محمد المنفي، كسلطة انتقالية موحدة هدفها الرئيسي تحضير البلاد لإجراء انتخابات عامة ورئاسية قبل نهاية العام الجاري، إضافة إلى توحيد المؤسسة العسكرية المنقسمة بين الشرق بزعامة حفتر والجيش الليبي التابع للحكومة المعترف بها دولياً. وتم تشكيل لجنة عسكرية (5+5) من الطرفين بهدف توحيد المؤسسة العسكرية وإخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد.

شروط الترشح لرئاسة ليبيا

ويمكن القول هنا إن الأوضاع في ليبيا، التي لم تنعم بالاستقرار طوال العقد الذي تلا الإطاحة بنظام معمر القذافي لأكثر من ثلاثة عقود، تسير الآن في مسارين يغلب عليهما التناقض الصارخ. فعلى الأرض، ورغم مخرجات المسار السياسي وتشكيل سلطة انتقالية موحدة، لا تزال الأمور على حالها تقريباً. فحفتر، من خلال ميليشياته المتعددة ومنها مرتزقة فاغنر الروسية، لا زال مسيطراً على شرق ليبيا وبعض مناطق الجنوب ويرفض الانصياع للسلطة الجديدة.

كما لا تزال المرتزقة والميليشيات والقوات الأجنبية موجودة في البلاد، دون أن يلوح في الأفق مؤشرات على قرب مغادرتها. ويبدو أن أغلب الأطراف داخلياً وخارجياً قد اتفقت ضمنياً على السير قدماً في إجراء الانتخابات، مهما كانت الأوضاع على الأرض، لعل وعسى يكون ذلك بداية لإعادة الاستقرار والوحدة إلى ليبيا.

وفي هذا السياق، أقر البرلمان، برئاسة عقيلة صالح، قانون الانتخابات الرئاسية – دون عرضه على النواب من أجل التصويت عليه – ثم أتبع ذلك بقانون الانتخابات التشريعية، ليلقي بالكرة في ملعب مفوضية الانتخابات، التي شرعت بدورها في الاستعداد، وأعلنت قبل يومين شروط الترشح للرئاسة.

توحيد الجيش الليبي
من اجتماع سابق لملتقى الحوار الليبي / رويترز

وجاءت الشروط، وعددها 14، على النحو التالي:

1- على المترشح أن يكون مسلماً ومن أبوين مسلمين.

2- على المترشح أن يثبت عدم حمله لجنسية دولة أخرى عند ترشحه، وكذلك الأمر بالنسبة لوالديه وزوجته.

3- ألا يكون صادراً بحق المرشح حُكم نهائي في جناية أو جريمة مخلة بالشرف أو الأمانة، وأن يقدم إقراراً بذلك مرفقاً بشهادة الحالة الجنائية.

4- لا يحق الترشح لمن صدر بحقه قرار بالعزل التأديبي من قبل. 

5- على المترشح أن يقدم إقراراً بممتلكاته الثابتة والمنقولة داخل البلاد وخارجها، وهو الأمر ذاته لزوجته وأولاده القصّر.

6- ينبغي ألا يقل سن المترشح عن 35 عاماً عند ترشحه. 

7- لا يحق الترشح لموظفي المفوضية أو أعضاء لجانها الانتخابية أو أعضاء لجان الاقتراع. 

8- على المترشح أن يُزكى من قبل 5000 ناخب على الأقل مسجلين بسجل الناخبين. 

9- على المترشح أن يودع بحساب المفوضية مبلغ 10 آلاف دينار ليبي.

10- في حال كان المترشح يشغل وظيفة قيادية عامة، ينبغي عليه التوقف رسمياً عن ممارسة عمله قبل ثلاثة أشهر من موعد الانتخابات المقرر في 24 ديسمبر وتقديم ما يثبت ذلك من وثائق.

11- على المترشح أن يكون لائقاً صحياً، ويقدم تقريراً معتمداً من السلطات الصحية في البلاد. 

12- على المترشح أن يوكل من يفوضه باستكمال إجراءات الترشح وإجراءات العملية الانتخابية التي تقرها لوائح وإجراءات المفوضية. 

13- يجب أن يكون المترشح حاصلاً على مؤهل جامعي على الأقل، أو ما يعادله من جامعة معتمدة. 

14- على المترشح أن يكون متمتعاً بكامل حقوقه المدنية.

قائمة أبرز المرشحين المحتملين لرئاسة ليبيا

قبل الإجابة عن هذا السؤال، نتوقف عند قائمة من أعلنوا رغبتهم في الترشح حتى الآن، علماً بأن مفوضية الانتخابات لم تعلن حتى اليوم الأربعاء 10 نوفمبر/تشرين الثاني عن تلقيها أي طلبات للترشح.

وبحسب تقرير لوكالة الأناضول التركية، تعتزم 9 شخصيات ليبية بارزة الترشح لانتخابات الرئاسة، بالرغم من الخلافات المستمرة حول قانوني الانتخاب بين مجلس النواب من جانب، والمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) وحكومة الوحدة الوطنية والمجلس الرئاسي من جانب آخر.

ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات الرئاسية على جولتين: الأولى تبدأ في 24 ديسمبر، والثانية تبدأ مع الانتخابات البرلمانية بعد 52 يوماً من الجولة الأولى، وفق رئيس المفوضية، عماد السائح.

والمرشحون التسعة المحتملون، وفق رصد الأناضول هم: عبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة الحالية، إذ قال مصدر حكومي مقرّب من الدبيبة، في تصريح للأناضول، الأحد، إن الأخير يعتزم الترشح للانتخابات الرئاسية، من دون تفاصيل.

خليفة حفتر / رويترز

والثاني هو خليفة حفتر، الذي لم يعلن رسمياً عن رغبته في الترشح للرئاسة، إلا أنه توقف عن أداء "مهامه" وسلمها لـ"رئيس أركانه" عبد الرازق الناظوي، قبل الانتخابات بثلاثة أشهر، وهو ما يشير بما لا يدع مجالاً للشك إلى رغبته بالترشح.

إذ إن "توقف" حفتر عن أداء مهامه، يحقق الشرط التاسع من شروط الترشح للرئاسة، والتي تم الإعلان عنها رسمياً من جانب مفوضية الانتخابات قبل أيام قليلة. وبحسب كثير من المراقبين، كان إسراع عقيلة صالح بالتصديق على قانون الانتخابات الرئاسية وإقراره دون العرض على النواب للتصويت مرتبطاً أيضاً بهذا الشرط (التوقف عن أداء المهام قبل ثلاثة أشهر من الانتخابات).

أما الشخص الثالث الذي أعلن رغبته في الترشح فهو فتحي باشاغا، وزير الداخلية في حكومة الوفاق الوطني السابقة، وكان منافساً للدبيبة في انتخابات ملتقى الحوار السياسي في فبراير/شباط الماضي.

والرابع، طبقاً لتقرير الأناضول، هو محمد خالد عبد الله الغويل رئيس حزب "السلام والازدهار"، الذي صرح للوكالة التركية بأنه يرغب في الترشح للانتخابات الرئاسية. كما علمت الأناضول من مصادر مقربة من رئيس الوزراء الليبي الأسبق علي زيدان (2012-2014)، أنه أيضاً يرغب في الترشح للانتخابات الرئاسية.

والسادس هو وزير التعليم السابق عثمان عبد الجليل، الذي أعلن الإثنين 8 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتزامه الترشح للانتخابات الرئاسية، وذلك عبر كلمة مصورة بثها عبر صفحته على فيسبوك.

وهناك أيضاً عارف النايض رئيس تكتل "إحياء ليبيا"، الذي أعلن اعتزامه الترشح لانتخابات الرئاسة، عبر مقطع مصور على صفحته بفيسبوك. والثامن هو فتحي بن شتوان رئيس اللجنة التسييرية لحزب "تيار المشروع الوطني"، الذي أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية عبر فيسبوك. وأخيراً، قالت مصادر مقربة من رجل الأعمال إسماعيل الشتيوي، لمراسل الأناضول، إنه يعتزم الإعلان خلال أيام عن ترشحه للانتخابات الرئاسية.

وإضافة إلى هؤلاء، هناك أيضاً سيف الإسلام القذافي، نجل معمر القذافي، الذي أشارت تقارير متعددة إلى رغبته هو الآخر في العودة إلى مقعد والده، رغم عدم وضوح موقفه القانوني بشكل كامل.

جهات رافضة لشروط الانتخابات

يجب رصد أحدث المواقف الخاصة بتلك الانتخابات. فعلى المستوى الداخلي هناك جهات أعلنت رفضها لتلك الانتخابات وقدمت الأسباب لذلك الموقف. فأمس الثلاثاء 9 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتبر ملتقى لأعضاء من مجلسي "الأعلى للدولة" و"النواب" في ليبيا أن إجراء الانتخابات الرئاسية بدون قاعدة دستورية "مشروع ديكتاتورية مهما كانت نتائجه".

جاء ذلك في البيان الختامي لملتقى ضم أعضاء بمجلسي النواب و"الأعلى للدولة" وعمداء بلديات وممثلين عن مؤسسات مجتمع مدني، عقد في العاصمة طرابلس، وقال البيان إن "إجراء الانتخابات الرئاسية بدون دستور أو قاعدة دستورية (بنود قانونية تنظم إجراءها) هي مشروع ديكتاتورية مهما كانت النتائج".

وأكد على "أهمية إجراء الانتخابات في موعدها في 24 ديسمبر/كانون الأول المقبل، وعدم السماح بعرقلتها أو إفراغها من مضمونها". وأضاف البيان: "يجب أن تكون الانتخابات على قاعدة دستورية وفق ما نصت عليها خارطة الطريق والتعامل معها وتطبيقها كحزمة واحدة".

رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري
رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري

وفي السياق ذاته، دعا رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي خالد المشري، إلى "عدم المشاركة في الانتخابات سواء عبر الترشح أو الانتخابات". وقال المشري، في كلمة له خلال الملتقى، إن "العالم كله يعرف أن قوانين الانتخابات الحالية معيبة لكنه يتعامل مع الأمر الواقع".

وأضاف: "السماح للمجرمين (في إشارة إلى حفتر) بالترشح وممارسة العمل السياسي في ليبيا يعادل السماح للنازية بممارسة العمل السياسي في ألمانيا والفاشية في إيطاليا".

ماذا تعني شروط الترشح لرئاسة ليبيا؟

يمكن القول إذاً إنه من الناحية القانونية، لا توجد مؤشرات قوية بإجراء الانتخابات في موعدها دون الطعن في نتائجها، بالنظر إلى إصرار المجلس الأعلى للدولة، ومن ورائه عمداء بلديات وأعيان من المنطقة الغربية وكتائب مسلحة رافضة لقوانين الأمر الواقع التي يريد رئيس مجلس النواب فرضها على الجميع، بحسب محللين.

لذلك فإجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها غير مؤكد، وإن أجريت فقد لا تشارك فيها كل أقاليم البلاد، وسيتم الطعن في نتائجها، خاصة وأن مجلس الدولة أعلن اتخاذه الإجراءات اللازمة للطعن في قوانين الانتخابات لدى الدائرة الدستورية للمحكمة العليا الليبية حتى قبل إجراء الانتخابات.

لكن من الناحية السياسية والموقف الدولي، يبدو أنه لا صوت يعلو فوق صوت إجراء الانتخابات الليبية في موعدها. فالرئيس المصري عبدالفتاح السيسي أجرى اتصالاً هاتفياً مع محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي أمس الثلاثاء أكد فيه الأول للأخير ضرورة إجراء الانتخابات الليبية في موعدها بناء على القوانين التي أقرها البرلمان.

والموقف نفسه كان أحد مخرجات الحوار الاستراتيجي الأمريكي-المصري، الذي اختتم أمس الثلاثاء في واشنطن، إذ شددت الولايات المتحدة ومصر على أهمية إجراء الانتخابات الليبية في 24 ديسمبر/كانون الأول، ودعماً خطة عمل اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5 + 5) لإخراج القوات الأجنبية والمقاتلين والمرتزقة.

ويلخص موقف القاهرة وواشنطن الموقف الدولي والإقليمي بشأن ليبيا في هذه المرحلة وهو ضرورة إجراء الانتخابات في موعدها، لكن بعض المحللين يرون أيضاً أن هناك ما يشبه التوافق بين بعض الأطراف على دعم "مرشح بعينه" كي يصبح رئيساً.

والمقصود هنا هو خليفة حفتر. فرغم أنه يحمل الجنسية الأمريكية، ورغم كونه أبرز المعرقلين للمسار السياسي في البلاد خلال السنوات الماضية، ورغم الاتفاق ضمنياً خلال جلسات ملتقى الحوار الليبي على انتهاء دور الشخصيات التي كانت حاضرة في الصراع، وعلى رأسها حفتر وعقيلة صالح وفايز السراج رئيس حكومة الوفاق السابقة، إلا أن عديد المؤشرات تصب في اتجاه التمهيد لتولي حفتر الرئاسة.

المقابر الجماعية في ترهونة، ليبيا، والتي ارتكبتها مليشيات الكانيات التابعة لحفتر، أرشيفية/ AA

فحفتر الوحيد الذي حقق الشرط التاسع من شروط الترشح للرئاسة، بإعلانه "التوقف" عن ممارسة مهامه وتوكيل رئيس أركانه بها قبل ثلاثة أشهر بالتمام والكمال من موعد الانتخابات. وهذا الشرط مثلاً لا ينطبق على الدبيبة، الذي يواصل عمله رئيساً للحكومة وكذلك عقيلة صالح رئيس البرلمان.

كما جاء قرار قاضية أمريكية تجميد محاكمة حفتر في الولايات المتحدة حتى انتهاء الانتخابات الليبية، بعدما كانت أصدرت قراراً نهائياً بضرورة مثوله أمامها في 28 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ليثير علامة استفهام كبرى في هذا التوقيت.

وبررت ليوني برينكما، القاضية بالمحكمة الفيدرالية لشرق فرجينيا، قرارها بـ"التدخل السياسي من أطراف رسمية ليبية"، في القضايا الثلاث التي رفعها 3 ليبيين ضد حفتر لارتكابه جرائم حرب بحق أقارب لهم، بحسب ناشطين، ونص القرار الذي اطلعت عليه الأناضول.

وجاءت الزيارة السرية التي قام بها صدام حفتر، نجل خليفة حفتر، إلى إسرائيل مؤخرا، بحسب تقرير لصحيفة هآرتس الإسرائيلية، لترفع من حدة التكهنات بشأن الدعم الذي يلقاه حفتر من أطراف دولية وإقليمية للوصول إلى رئاسة ليبيا عبر الانتخابات بعد فشله في تحقيق ذلك بالقوة العسكرية.

الصحافة الإسرائيلية قالت إن زيارة نجل حفتر إلى تل أبيب هدفها التحضير لتطبيع العلاقات بين ليبيا وإسرائيل بعد الانتخابات الليبية مباشرة، وذلك مقابل تقديم عسكري للواء المتقاعد بعد أن يصبح رئيساً للبلاد.

لكن يظل ذلك كله في إطار التكهنات والتحليلات حتى تحين لحظة إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية في ليبيا، على فرض إقامتها في الموعد المقرر فعلاً، والمؤكد الآن هو أن القوى المؤيدة لإجرائها تبدو أقوى من تلك المعترضة على ما يشوبها من عيوب قانونية وسياسية ولوجستية.

تحميل المزيد