خلص استطلاع رأي دولي إلى أنه رغم قلق الناس من الأزمة المناخية، فإن الأغلبية مقتنعون بأنهم يبذلون بالفعل جهداً أكثر من غيرهم للحفاظ على كوكب الأرض، وضمن ذلك حكوماتهم؛ فلا يبدي كثيرون استعداداً لإجراء تغييرات جذرية في أسلوب حياتهم من أجل إنقاذ الكوكب، طبقاً لما أوردته صحيفة The Guardian البريطانية، الأحد 7 نوفمبر/تشرين الثاني 2021.
حيث جاء في الاستطلاع، الذي شمل 10 دول مختلفة: "لا يزال الوعي المنتشر الذي تجلى في هذه الدراسة بخطورة الأزمة المناخية، في حاجة إلى الاقتران بالاستعداد الملائم للعمل كي يتم تنفيذ الإجراءات اللازمة".
هذا الاستطلاع شمل أكثر من 1000 شخص في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وإسبانيا وفرنسا وهولندا وألمانيا والسويد وبولندا وسنغافورة ونيوزيلندا.
"درس مزدوج للحكومات"
من جهته، قال إيمانويل ريفيير، مدير قسم الاستطلاعات الدولية في Kantar Public، إن الاستطلاع الذي أجري في أواخر سبتمبر/أيلول الماضي ونُشر بالتزامن مع مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي 2021 Cop26 في غلاسكو، احتوى على "درس مزدوج للحكومات".
ريفيير أضاف أنه سيكون عليهم أولاً "الارتقاء لتوقعات الناس. وفي الوقت نفسه إقناع الناس -ليس بواقعية أزمة المناخ فقد تم ذلك بالفعل- بل بالحلول وبكيفية المشاركة في تحمل المسؤولية على نحوٍ عادل".
التحدي البيئي الأكبر
فيما توصل الاستطلاع إلى أن 62% من المشاركين اعتبروا أزمة المناخ التحدي البيئي الأكبر الذي يواجهه العالم، وذلك مقارنة بـ39% اعتبروا التحدي الأكبر هو التلوث الهوائي، و38% اعتبروه تأثير النفايات، و36% اعتبروه الأمراض الجديدة.
لكن عندما طُلب من المشاركين تقييم تصرفاتهم الفردية مقارنة بغيرهم كالحكومات والشركات والإعلام، رأوا أنفسهم في العموم أكثر اهتماماً بالبيئة من الآخرين في مجتمعاتهم المحلية أو أي مؤسسات أخرى.
في حين قيّم 36% تقريباً أنفسهم بأنهم "مهتمون بشدة" بالحفاظ على الكوكب، بينما شعر 21% فقط بأن الإعلام مهتم بالبيئة، في مقابل 19% شعروا بالشيء نفسه تجاه الحكومة. ورأى 18% فقط من المشاركين أن مجتمعاتهم المحلية مهتمة بالبيئة بنفس القدر، في مقابل 17% لصالح الحكومات الوطنية و13% للشركات الكبرى.
جهود مطلوبة
أما عن الأسباب الأكثر شيوعاً لانعدام الرغبة في بذل المزيد من أجل الكوكب فكانت: "أنا فخور بما أبذله حالياً بالفعل" بنسبة 74%، و"لم يتفق الخبراء على أفضل الحلول" بنسبة 72%، و"أحتاج إلى مزيد من الموارد والمعدات من السلطات العامة" بنسبة 69%.
كان من الأسباب الأخرى لعدم الرغبة في بذل المزيد "ليس في وسعي بذل هذه الجهود" بنسبة 60%، و"تنقصني المعلومات والتوجيهات فيما ينبغي عمله" بنسبة 55%، و"لا أظن أن المجهودات الفردية لها تأثير حقيقي" بنسبة 39%، و"أعتقد أن التهديدات البيئية مبالغ فيها" بنسبة 35%، و"لستُ رائق البال بما يكفي للتفكير في الأمر" بنسبة 33%, .
أما عند سؤال المشاركين عن التدابير اللازم إعطاؤها أولوية للحفاظ على البيئة، فأعطوا أهمية أكبر لتدابير معمول بها بالفعل وتتطلب جهداً فردياً أقل، أو تدابير لا تحملهم قدراً كبيراً من المسؤولية المباشرة.
فعلى سبيل المثال، قال حوالي 57% من المشاركين إن تقليل النفايات وزيادة إعادة التدوير أمران "مهمان للغاية". وكان من التدابير الأخرى التي اعتُبرت أولويات وقف إزالة الغابات (54%) وحماية الحيوانات والأنواع المهددة بالانقراض (52%) وتشييد بنايات موفرة للطاقة (47%) واستبدال أنواع الوقود الحفري بالطاقة المتجددة (45%).
أسلوب الحياة
كما رأى المشاركون التدابير التي تؤثر مباشرة في أسلوب حياتهم أقل أهمية، فكانت نسبة المشاركين الذين اعتبروا تقليل استهلاك الطاقة أولوية 32% فقط. ومن التدابير الأخرى الأقل تفضيلاً كان التحول إلى المواصلات العامة بدلاً من استخدام السيارات (25%) وتغيير النموذج الزراعي جوهرياً (24%).
يشار إلى أن الانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في تزايد، كما أن درجات الحرارة العالمية التي ارتفعت بالفعل 1.1 درجة مئوية عما كانت عليه قبل الثورة الصناعية تواصل الصعود.
في هذا الإطار، تقول الدول الغنية، التي لم تف بموعد 2020 لتقديم 100 مليار دولار سنوياً لتمويل مكافحة المناخ للدول الأكثر فقراً، إنها لن تفي بذلك التعهد قبل 2023.
إلا أنه في ظل تاريخ دبلوماسية المناخ الذي يعج بالوعود المنكوثة تساءل كثيرون: ما الذي يجب تغييره بعد مؤتمر هذا العام لضمان المساءلة؟