اعتبر الرئيس التونسي الأسبق محمد المنصف المرزوقي، الخميس 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، أن مذكرة الاعتقال الدولية الصادرة بحقه من سلطات بلاده "رسالة تهديد لكل التونسيين".
كانت محكمة تونسية أصدرت في وقت سابق من الخميس، مذكرة اعتقال دولية بحق المرزوقي، على خلفية تصريحات له حول إفشال عقد القمة الفرنكفونية.
"لا غرابة من القرار"
قال المرزوقي في تصريحات نقلها موقع شبكة "الجزيرة" القطرية، إنه لا يستغرب هذا القرار من السلطات التونسية وإنها كانت "خطوة متوقعة" بسبب مواقفه. وأضاف أن مذكرة الاعتقال بحقه من السلطات التونسية "رسالة تهديد لكل التونسيين".
كذلك قال المرزوقي في تعليق على صفحته الرسمية بموقع فيسبوك: "خرجت يوماً من قصر قرطاج إلى بيتي معززاً مكرماً، بعد أن رفعت اسم تونس وثورتها في كل المحافل الدولية، بعد أن حميت الحقوق والحريات، وحافظت على المال العام، وحاولت ما استطعت، جمع التونسيين، وأعددت لتونس برامج لواجهة تحولات المناخ التي ستهدد الأجيال القادمة، وسلّحت الجيش، وأمرت الأمن الرئاسي بحماية خصومي، واسترجعت قسماً من الأموال المنهوبة".
أضاف أيضاً: "حاربت الفساد قولاً وفعلاً، فأسقطني الفساد، وكان لي شرف إمهار أول دستور ديمقراطي في تاريخ تونس، وهذا الدكتاتور الثالث الذي ابتُليت به تونس يتجاسر على اتهامي بالخيانة! لا خائن إلا من حنث بقَسمه وانقلب على الدستور الذي أوصله للحكم، وورَّط البلاد في أزمة غير مسبوقة، وجعل من بلادنا مرتعاً لبلدان محور الشرّ، لذلك لن يخرج من قرطاج -طال الزمان أو قصر- لا للإقامة الجبرية في بيته مثل بورقيبة، ولا فراراً للمنفى مثل بن علي، الأرجح للسجن أو مستشفى الأمراض العقلية".
يُذكر أنه في منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2021، فتحت محكمة تونسية تحقيقاً في تصريحات للمرزوقي، قال فيها إنه سعى إلى إفشال عقد القمة الفرنكفونية (كان مقرراً تنظيمها في نوفمبر/تشرين الثاني 2021).
كذلك صرح المرزوقي لقناة "فرانس 24" الفرنسية، بأنه "يفتخر بسعيه لدى المسؤولين الفرنسيين لإفشال عقد قمة الفرنكفونية في تونس باعتبار أن تنظيمها في بلد يشهد انقلاباً تأييد للديكتاتورية والاستبداد"، وفق تعبيره.
تأتي مذكرة الاعتقال، بعد أيام من تصريحات قال فيها الرئيس التونسي قيس سعيد، إنه سيسحب جواز السفر الدبلوماسي من الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي؛ بعد مطالبة الأخير فرنسا بوقف مساعدتها للنظام التونسي، بينما تتزايد الضغوط الخارجية على سعيد منذ استئثاره بأغلب السلطات.
الاستجداء بالأجانب
كذلك قال سعيد في اجتماع لمجلس الوزراء، مشيراً إلى المرزوقي: "تعلمون كيف ذهب أحدهم إلى الخارج يستجديه لضرب المصالح التونسية، وأقولها اليوم، الذي قام بهذا سيُسحب منه جواز السفر الدبلوماسي، لأنه في عداد أعداء تونس".
كان المرزوقي قد دعا في مظاهرة بباريس ضد الرئيس سعيد، السلطات الفرنسية إلى عدم مساعدة "النظام الديكتاتوري" في تونس. وأضاف أنه فخور بقيادة جهود لإلغاء قمة الفرنكفونية في تونس.
يتعرض سعيد لضغوط دولية قوية من دول غربية تحثه على الإسراع بإعلان خارطة طريق تتضمن خطوات للعودة للمسار الدستوري.
لكن الرئيس التونسي رفض بشدةٍ أي محاولة تدخُّل، مؤكداً أن الأمر يخص التونسيين فحسب.
أبلغ الرئيس سعيد، السفيرَ الأمريكي، في لقاء بقصر قرطاج، "استياء الدولة التونسية من إدراج الكونغرس الأمريكي الوضع التونسي على جدول الأعمال". ومن المتوقع أن تناقش لجنة بالكونغرس الوضع في تونس بعد خطوة سعيد، الاستحواذ على أغلب السلطات.
في وقت سابق قال سعيد: "سيادتنا قبل كل شيء.. ولن نترك أحداً يتدخل في شؤوننا.. الكلمة للشعب التونسي فقط وليست للخارج ولا للخونة الذين يضربون دولتهم التي تحملوا فيها سابقاً المسؤولية".
مظاهرات ضد قيس سعيد
كذلك فقد سبق أن قال المنصف المرزوقي (2011-2014)، إنه تجب محاكمة قيس سعيد ومعاونيه، بتهمة "تدمير الدولة والانقلاب على الدستور والشرعية".
في بث مصور مباشر، على صفحته بـ"فيسبوك"، قال المرزوقي إن الوضع الاقتصادي في تونس يتجه نحو الأسوأ و"الدولة في حالة إفلاس"، ورئيسة الحكومة (نجلاء بودن) ذهبت إلى (منطقة) الخليج؛ لـ"البحث عن دعم، وهذا الدعم بطبيعة الحال سيكون مشروطاً".
اعتبر أن الاستفتاء الذي ينوي سعيد القيام به "إمضاء على شهادة وفاة دولة القانون والمؤسسات". ودعا المرزوقي إلى المقاومة المدنية السلمية، وعودة الشعب إلى الشارع؛ لإزاحة سعيد ومحاسبته مع معاونيه، بتهمة "تدمير الدولة، والانقلاب على الدستور والشرعية".
شدد على "ضرورة ترك الخلافات السياسية جانباً بين مختلف الأحزاب والنقابات، والتوحد بهدف إنقاذ دولة القانون والمؤسسات والدستور".
في سياق متصل ترفض غالبية القوى السياسية قرارات سعيد الاستثنائية، وتعتبرها "انقلاباً على الدستور"، بينما تؤيدها قوى أخرى ترى فيها "تصحيحاً لمسار ثورة 2011″، في ظل أزمات سياسية واقتصادية وجائحة كورونا. وأطاحت هذه الثورة بنظام الرئيس آنذاك زين العابدين بن علي (1987-2011).
في أكثر من مناسبة، قال سعيد، الذي بدأ في 2019، ولاية رئاسية من 5 سنوات، إن قراراته الاستثنائية ليست انقلاباً، وإنما هي تدابير في إطار الدستور؛ لحماية الدولة من "خطر داهم"، وفق تقديره.