عندما يتعلق الأمر بالعضّات القاتلة، لا شيء يتفوق على التماسيح. تنتج التماسيح الكبيرة قوى عض تتجاوز الحدود الهيكلية لأسنانها وعظامها، بقوة 16460 نيوتن، علماً أن قوة عضة الأسد لا تتخطى 4450 نيوتن. لكن خلف هذه القدرة الافتراسية الهائلة جانب حنون لا يراه أحد، فأثنى التمساح أُم مثالية بكل ما للكلمة من معنى!
سلوك التماسيح التكاثري
عندما تتحضر أنثى التمساح لإلقاء البيض، عادةً ما تحفر حفرة تحضيراً لوضع البيض في مكان آمن، ثم تغطي العش بالتراب.
ولكن عكس الثعابين والسلاحف، فإن هذه الأم تتسكع بالقرب من صغارها؛ لتراقب المحيط والجيران المتطفلين.
فإذا ما فكر حيوان في الاقتراب وتذوَّق بعض بيضها، افترسته على الفور وجعلته عشاءها، أو على الأقل طاردته بعيداً دفاعاً عن صغارها الذين ما زالوا في حماية قشر البيض وغريزتها المتأهبة.
وعندما تصبح التماسيح الصغيرة جاهزة للفقس، تبدأ في إصدار صوت كالنقيق.
تسمع الأم هذا الصوت، فتحضر على الفور لتفتح العش وتساعد الصغار على الخروج من البيض.
ورغم أن التمساح يملك أقوى عضة أو قضمة في عالم الحيوان، فإن الأنثى قادرة على التقاط بيضة في فاهها بكل لطف بما يكفي لكسرها حتى يخرج التمساح الصغير بداخلها ويسبح بعيداً.
وحسب ما قاله عالم بيئة الحياة البرية بجامعة فلوريدا، فرانك مازوتي: "في كثير من الحالات، تأخذ الأم صغارها برفق في فمها وتحملهم إلى حافة الماء".
وفي بعض الأنواع وفي الظروف المناسبة، تبقى الأم فترة أطول.
أنثى التمساح وغريزة الحماية
وقال مازوتي لموقع Discover Magazine، إن مدى رعاية أمهات التمساح لصغارها بعد الفقس يعتمد على المكان الذي وضعت فيه العش.
إذا فقس بيضها في منطقة مثالية لها للعثور على الطعام والنمو، فمن المرجح أن تبقى الأم حولها بضعة أشهر وتستمر في تأمين الحماية.
أما إذا كان الصغار بحاجة إلى الذهاب أبعد من ذلك للعثور على مكان أكثر ملاءمة للنمو، فإنها تشجع الصغار على التفرق للعثور على بعض الخيارات الأفضل.
ولعل أكبر خطر يهدد صغارها هو جيرانها من التماسيح الأخرى، التي تجد في حجم الصغار وجبة خفيفة وسريعة. وتشير دراسة نُشرت عام 2011 في ولاية فلوريدا الشهيرة بالتماسيح، إلى أن التماسيح الكبيرة تقضي على نحو 7% من صغار جنسها كل عام.
وماذا عن الوالد؟
وبينما تتفانى أنثى التمساح في حماية صغارها لشهور، لا يشارك التمساح في رعاية الصغار، باستثناء ذكر التماسيح من نوع الغاريال الموجودة في الهند، حيث يقضي الأب عادةً وقتاً طويلاً في رعاية نسله، حسب ما نشره موقع المتحف الأمريكي للتاريخ الطبيعي.
سلوك معاكس لطبيعة الزواحف
يجد معظم الناس هذا السلوك صادماً إلى حد ما، وليس فقط لأن التماسيح حيوانات قاتلة شريرة، بل لأن هذا السلوك مغاير لطبيعة سلوك الزواحف الأخرى.
على سبيل المثال، تضع السلاحف والثعابين بيضها بشكل عام ثم تترك الصغار بمفردهم للتعامل مع الفقس وإيجاد الطعام وتعلَّم البقاء على قيد الحياة.
لذا، كان من الطبيعي أن تفعل التماسيح الشيء نفسه، ولكن كما اتضح، فإن لها جانباً حنوناً يحتفي كلياً خلف تلك الأسنان المدببة والعيون المخيفة.
من الجدير ذكره أن التمساح هو أقرب الحيوانات التي ما زالت حية من عائلة الديناصورات، كما أنه أيضاً قريب من عائلة الطيور. وهل كنت تعلم أن أنثى التمساح باللغة العربية تدعى "زبعرى"؟