قالت صحيفة The Guardian البريطانية، في تقرير نشرته الخميس 28 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إن ثُلث المُطورين العقاريين في الصين سوف يواجهون أزمةً كبرى في سداد ديونهم في عام 2022، حيث يتوقَّع القطاع رياحاً معاكسة خطيرة بشكلٍ متزايد من انخفاض المبيعات، وتقييد الوصول إلى الائتمان، علاوة على تراجعٍ أوسع.
وحتى لو تمكَّنت الشركة العملاقة في التطوير العقاري "إيفرغراند"، من الوفاء بأحدث سدادٍ لديونها واستطاعت تجنُّب تعثُّرٍ مُحتمَل كارثي، يحذِّر مُحلِّلون في وكالة التصنيف الائتماني S&P من أن العديد من شركات التطوير العقاري الأخرى قد تنزلق إلى الإفلاس.
عدوى مالية
في المقابل تمثِّل العدوى المالية التي تجتاح هذا القطاع خطراً شديداً على الصين -والاقتصاد العالمي- حيث بدأ نموذج النمو الذي يدفعه الاستثمار والبناء في الانهيار تحت ضغط الديون الفلكية.
من جانبها قالت وكالة S&P إن الصين عانت من تراجعاتٍ في سوق الإسكان من قبل، لكن من المُتوقَّع أن يكون هذا التراجع "شديداً بشكلٍ غير مسبوق".
رغم ظهور "إيفرغراند" كرمزٍ للهيكل المُثقَل بالديون مع التزاماتٍ تبلغ 300 مليار دولار في الداخل والخارج، فإن قطاع العقارات الصيني ككل يدين بنحو 5 تريليونات دولار. وهذا يمثِّل ثُلث إجمالي الناتج المحلي للبلاد، وما يقرب من الناتج الكلي للاقتصاد الياباني، ثالث أكبر اقتصادٍ في العالم.
فيما يتعيَّن على الشركات العقارية أن تصل إلى 92 مليار دولار، مع استحقاق مدفوعات السندات في عام 2022، وقد أصبحت هذه المهمة أصعب؛ نظراً إلى أن العديد من الأشخاص قد استُبعِدوا من قنوات الاقتراض التقليدية بعد حملة "الخطوط الحمراء الثلاثة" التي دشَّنها شي جين بينغ بشأن إقراض هذا القطاع. ورأى البعض أن تصنيف الجدارة الائتمانية لدى "إيفرغراند" قد انخفض إلى المرتبة B أو أقل، مِمَّا يشير إلى أن الشركة مُعرَّضة للخطر.
التخلف عن سداد الديون
تقول وكالة S&P في تقرير لها بخصوص الأزمة: "نعتقد أن حالات التخلُّف عن السداد سترتفع مع دخول الشركات في دورة هبوطٍ مُطوَّلة، وسط تصاعد مخاطر إعادة التمويل هذا العام والعام المقبل".
أضافت الوكالة: "في السيناريو الأخطر، ستتعرَّض سيولة ما يصل إلى ثُلث المُطوِّرين الصينيين المُصنَّفين للضغط. وتُصنَّف الكيانات الأكثر تعرُّضاً للخطر بشكلٍ كبير من -B إلى +B".
في سياق متصل يعتقد مُحلِّلو S&P أنه من المُرجَّح أن تتخلَّف شركة إيفرغراند عن سداد ديونها في نهاية المطاف. وقد التزمت الشركة بالموعد النهائي لسداد السندات الخارجية الرئيسية الأخيرة، البالغة 83.5 مليون دولار، في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2021، ولكن فقط في اللحظة الأخيرة، وعندما استنفدت فترة سماحٍ مدتها 30 يوماً بعد أن فوَّتَت السداد لأول مرة في سبتمبر/أيلول 2021.
في حين تنتهي مهلة الـ30 يوماً الأخيرة على سداد سنداتٍ بقيمة 44 مليون دولار خلال أسبوع، وإلا فستخاطر الشركة بالدخول رسمياً في حالة تخلُّفٍ عن السداد، وهو سيناريو يُحتَمَل أن يتسبَّب في صدمةٍ مدمِّرةٍ عبر قطاعٍ يمثِّل 25% على الأقل من إجمالي الناتج الاقتصادي للصين.
انخفاض تصنيف الشركات
أما شركة كايسا، فهي شركةٌ أخرى أصغر تقع تحت الأضواء بعد خفض تصنيفها إلى CCC من قِبَلِ S&P ليلة الأربعاء. وتأتي الشركة بعد "إيفرغراند"، وتدين لحَمَلة السندات الأجانب بديونٍ تبلغ 12 مليار دولار.
قال مُحلِّلو S&P: "نحن نعتبر هيكل رأس مال كايسا غير مُستدام بالنظر إلى آجال استحقاق ديون الشركة الكبيرة على المدى القريب، وضعف السيولة، وعدم كفاية التدفُّق الحر حتى عام 2022. ونعتقد أن الشركة لديها مخاطر إعادة تمويل عالية".
كان حمَلة السندات يحاولون استخراج معلوماتٍ حول الوضع المالي لشركة إيفرغراند منذ أن اتَّضَحَت دوَّامة الموت المالي في سبتمبر/أيلول 2021 عندما اعترفت الشركة بأنها قد لا تكون قادرةً على الوفاء بجميع ديونها، التي تشمل التزاماً بإنهاء ما يصل إلى 1.6 مليون منزل في الصين.
التقرير يشير إلى أن محاولات تفريغ أصول الشركة الأكثر ربحيةً قد باءت بالفشل، ولا يمكنها بيع ما يكفي من المنازل بسعرٍ منخفض، لأن سوق الإسكان بأكمله في طريقه إلى التدهور. وشهد عام 2021 أطول انخفاضٍ منذ عام 2016 في بدايات البناء الجديدة، بينما انخفضت مبيعات العقارات حسب المساحة الأرضية بنسبة 15.8% في سبتمبر/أيلول 2021، وهو ثالث انخفاضٍ شهري على التوالي، علاوة على انخفاض الرهون العقارية الجديدة بنسبة 9% في عام 2021.