بدأت ملامح تكتل جديد لليمين المتطرف يتشكل في أوروبا، مهمته الأساسية مناهضة الهجرة في أوروبا، يقوده رئيس الوزراء المجري القومي فيكتور أوربان، وزعيمة اليمين المتطرف الفرنسية مارين لوبان، المرشحة للانتخابات الرئاسية.
صحيفة The Times البريطانية قالت في تقرير لها الإثنين، 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، إنه بعد شهر من ترحيب أوربان بإريك زمور، منافسه المعادي للهجرة، قررت لوبان زيارة بودابست يوم الثلاثاء 26 أكتوبر/تشرين الأول، لمناقشة فكرة تشكيل تحالف قومي جديد في الاتحاد الأوروبي.
الصراع بين اليمين المتطرف الفرنسي
هذه الزيارة جزء من معركة لوبان مع زِمور (63 عاماً) اليميني المتطرف، الذي سرق منها الأضواء وهي تستعد لخوض انتخاباتها الرئاسية الثالثة في أبريل/نيسان.
فقد شعرت لوبان بالانزعاج، في سبتمبر/أيلول، بعد استقبال أوربان لزمور، وكذلك ماريون ماريشال، ابنة أختها البالغة من العمر 31 عاماً، للمشاركة في اجتماع نظمه حزبه حول التركيبة السكانية في أوروبا، تقول الصحيفة البريطانية.
على عكس مارين، التي تحاول التخفيف من حدة خطابها عن الهجرة والإسلام، يتشارك زمور وماريون ماريشال مع أوربان إيمانه بمؤامرة دولية لاستبدال سكان أوروبا الأصليين بمهاجرين من غير البيض.
قالت مارين لوبان، عضوة البرلمان وزعيمة حزب التجمع الوطني: "زيارتي تأتي في إطار علاقة سياسية. واستقبالي سيكون بصفتي صاحبة منصب سياسي لتعزيز مشروع مشترك انطلق في يوليو/تموز. أما إيريك زمور فقد استقبل بصفته مفكراً في إطار مؤتمر حول الأسرة".
موقف متشدد من الهجرة
تمثل رحلة زعيمة اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبان لبودابست فرصة لها لتشديد موقفها من الهجرة والاتحاد الأوروبي، بإظهار دعمها لدولتي الاتحاد اللتين تواجهان عقوبة لانتهاكهما المبادئ الديمقراطية للاتحاد.
شاركت مارين يوم الجمعة 22 أكتوبر/تشرين الأول، في قمة للاتحاد الأوروبي في بروكسل للقاء ماتيوز موراويكي، رئيس الوزراء البولندي، بعد تعرضه لهجوم من زملائه القادة. واتهمت الاتحاد الأوروبي بمعاقبة بولندا عن طريق "ابتزاز غير مقبول".
قالت: "نحن إلى جانب البولنديين والمجريين، ندافع عن حق الشعوب في أن تحكم نفسها، وحق الشعوب في أن تحافظ على طبيعتها".
هذا وتسير مارين على خط دقيق بين خطاب زعيم اليمين المتطرف زمور العنيف المناهض للمهاجرين والإسلام الذي سلب منها أكثر مؤيديها اليمينيين، والمواقف الأقل تطرفاً التي اتخذتها لجذب تيار المحافظين الرئيسي.
بينما نأت بنفسها أيضاً عن نظرية "الاستبدال العظيم" التي تعتبر محورية في مذهب زمور، والتي يدعمها أيضاً 60% من الشعب الفرنسي، وفقاً لأحدث استطلاعات الرأي.
بعد ملف المسلمين في فرنسا
قبل أشهر من الانتخابات الرئاسية الفرنسية، احتدم الصراع بين أبرز مرشحَين للمنصب، اللذين اختارا معاً اللعب بورقة محاربة الإسلام في فرنسا، وذلك عبر اقتراح مشاريع قوانين تستهدف بالأساس الإسلام ومؤسساته ومعتنقيه، من أجل الظفر بأصوات الناخبين، خاصة منهم المحسوبين على اليمين المتطرف.
زادت حدة رفض مشاريع القوانين المماثلة، إذ اعتبرها جزء كبير من الرأي العام الفرنسي ردة حقوقية في بلد استطاع عبر أجيالٍ بناء نموذج ديمقراطي.
بينما رفضُ الشارع الفرنسي لمشاريع القوانين المقدمة داخل البرلمان الفرنسي عبّر عنه أكثر من مرة باحتجاجات ضد تبني هذه المشاريع السابقة، منها ما هو مرتبط بـ"الأمن العام"، إضافة إلى احتجاجات عديدة عرفتها الشوارع الفرنسية، تنديداً بالهجوم على حقوق المسلمين واستهدافهم.
الحقوقية الفرنسية والمستشارة القانونية بمنظمة "إيه إف دي" لحقوق الإنسان ليزيل ترونتسلر، قالت في تصريح خصت به "عربي بوست"، إن "حزبَي ماكرون ولوبان يسعيان فعلاً لكسب أصوات الناخبين باستخدام خطاب مُعادٍ للمسلمين"، مُبرزة أن "الأمر واضح للغاية بالنسبة لرئيس الجمهورية إيمانويل ماكرون، الذي حمل ودافع عن مشروع القانون المتعلق بـالانفصالية الدينية".
أضافت المتحدثة في تصريحها، أنه "عادةً ما يكون الحزب اليميني المتطرف بقيادة لوبان هو الخبير والسبّاق في اللعب على جانب الهوية والأمن، من أجل كسب تأييد الناخبين الفرنسيين، خاصةً المنحازين إلى فكر الحزب، لكننا اليوم نجد أن حزب رئيس الجمهورية أيضاً يركب هذه الموجة، من أجل الفوز بجزء من ناخبي لوبان، تحضيراً للانتخابات الرئاسية المقبلة".