أعلن مسؤول جزائري، الجمعة 22 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن بلاده أبلغت مجلس الأمن الدولي انسحابها من المشاركة في ما يسمى "المائدة المستديرة" للمفاوضات بين المغرب وجبهة "البوليساريو" حول إقليم الصحراء، بصفتها عضواً ملاحظاً، مؤكدا أن السياسات المغربية "تضع المنطقة أمام حالة حرب"، وفق قوله.
جاء ذلك على لسان عمار بلاني، المبعوث الخاص للمغرب العربي والصحراء الغربية، في تصريح لوكالة الأنباء الجزائرية الرسمية.
حيث أفاد بلاني، بأن سلطات بلاده "طلبت من ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة إبلاغ رئيس مجلس الأمن والدول الأعضاء بقرارها عدم المشاركة مستقبلاً في المائدة المستديرة حول الصحراء الغربية".
بلاني أضاف أن "قرار الانسحاب يعود إلى أن هذه الصيغة (المائدة المستديرة) لم تعُد طريقة مثالية تساعد على حل النزاع منذ أن أصبح المغرب يوظفها سياسياً وبسوء نية لإظهار الجزائر طرفاً في النزاع"، دون مزيد من التفاصيل.
كما استشهد المسؤول الجزائري بما وصفه بـ"الانتهاك العنيف والمفاجئ لوقف إطلاق النار من قبل قوات الاحتلال المغربية، والضم غير القانوني للمنطقة العازلة في الكركرات في انتهاك صارخ للاتفاقات العسكرية، الذي يضع المنطقة في حالة حرب ويضعها أمام حالة خطر تصعيد حقيقي"، وذلك ضمن حيثيات قرارهم الأخير.
تدخل مجلس الأمن
في حين دعا بلاني مجلس الأمن إلى "التعامل، أكثر من أي وقت مضى، مع مسألة الصحراء الغربية بوضوح ومسؤولية، لأن المسألة تتعلق بأمن واستقرار المنطقة".
بينما لم يصدر تعليق فوري من الأمم المتحدة أو المغرب حول الإعلان الجزائري حتى الساعة (14.30 تغ).
يأتي هذا التطور بالتزامن مع تصاعد توتر بين المغرب والجزائر، بعد إعلان الأخيرة قطع العلاقات مع جارتها الغربية، نهاية أغسطس/آب الماضي، جراء ما سمته آنذاك "حملات عدوانية متواصلة ضدها"، فيما وصفت الرباط المبررات بـ"الواهية".
كما تتهم الجزائر الرباط بدعم "حركة تقرير مصير منطقة القبائل"، التي يُطلق عليها "الماك"، وهي جماعة انفصالية تصنفها الحكومة "منظمة إرهابية"، كما تتهمها هي وجماعة إسلامية تدعى تنظيم "رشاد" بإشعال حرائق الغابات المدمرة التي أسفرت عن سقوط عشرات القتلى.
"إجراءات تصعيدية"
كان بلاني، وهو مسؤول ملف دول المغرب العربي بوزارة الخارجية الجزائرية، قد أكد يوم الجمعة 24 سبتمبر/أيلول 2021، أن بلاده قد تلجأ إلى إجراءات تصعيدية في خلافها مع المغرب، وربما تتخذ المزيد من الخطوات بعد قطع العلاقات، وإغلاق المجال الجوي، دون أن يحدد طبيعة هذه الإجراءات التي ربما تكون قيد الدراسة.
يشار إلى أن "المائدة المستديرة" هي مفاوضات تنظمها الأمم المتحدة، على فترات متباعدة، بين المغرب و"البوليساريو"، حول النزاع على إقليم الصحراء، بحضور الجزائر وموريتانيا كبلدين جارين ملاحظين.
هذه المفاوضات عُقدت مرتين في مدينة جنيف السويسرية الأولى في ديسمبر/كانون الأول 2018، والثانية في مارس/آذار 2019.
كان قد تم الاتفاق بين الأطراف في اللقاء الأخير على عقد اجتماع ثالث لـ"المائدة المستديرة"، لكن ذلك لم يتم بسبب استقالة المبعوث الأممي السابق إلى الصحراء هورست كوهلر، في مايو/أيار 2019، لأسباب صحية.
إلا أنه مع تعيين الإيطالي ستيفان دي مستورا مبعوثاً للأمين العام للأمم المتحدة إلى الصحراء، في 6 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، تمهيداً لإطلاق عملية سياسية جديدة لحل النزاع، يرى مراقبون أنه ربما تتم الدعوة لعقدها مجدداً.
جدير بالذكر أن إقليم الصحراء يشهد نزاعاً بين المغرب و"البوليساريو" منذ إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة عام 1975، وتحول إلى مواجهة مسلحة توقفت في 1991، بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية الأمم المتحدة.
فيما تصر الرباط على أحقيتها في الصحراء، وتقترح كحل حكماً ذاتياً موسعاً تحت سيادتها، فيما تطالب "البوليساريو" بتنظيم استفتاء لتقرير المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر، التي تستضيف لاجئين من الإقليم.
تجدر الإشارة إلى أن جبهة البوليساريو قالت، في العام الماضي، إنها ستستأنف الكفاح المسلح بعد هدنة استمرت لعقود، واعترفت الولايات المتحدة بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، مقابل تعزيز الرباط علاقاتها مع إسرائيل التي لا تعترف بها الجزائر.