غرف للبكاء وأخرى لتحطيم الأشياء تنفيساً عن الغضب.. هل تُحسِّن تلك المبادرات الصحة النفسية لروادها؟

من الضروري التنفيس عن المشاعر، لكن تحديد الوسيلة المناسبة أمر مهم للغاية

عربي بوست
تم النشر: 2021/10/19 الساعة 14:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/10/19 الساعة 14:26 بتوقيت غرينتش
ظاهرة غرف التحطيم باتت شائعة ورائجة في دول العالم حالياً - iStock

أصبحت غرف التدمير أو غرف الغضب والتنفيس عن الاكتئاب من الصيحات الرائجة للغاية في السنوات الأخيرة بمختلف دول العالم، ويكون لديك فيها فرصة لتدمير شيء ما دون الاضطرار إلى الشعور بالضيق تجاهه أو حتى التنظيف وراءك بعد ذلك، من أجل تحسين الصحة النفسية والتخلُّص من المشاعر السلبية.

ومع تنامي معدلات الاكتئاب العالمية، التي وصلت وفقاً لمنظمة الصحة العالمية (WHO) إلى ما يقدر بنحو 3.8% من التعداد السكاني العالمي. بإجمالي بلغ 280 مليون شخص في العالم يعاني من الاكتئاب، أصبح يتم الابتكار في تصميم تلك الغرف.

موضة غرف التحطيم أصبحت منتشرة في دول العالم العربي والأجنبي - iStock
موضة غرف التحطيم أصبحت منتشرة في دول العالم العربي والأجنبي – iStock

غرفة للبكاء في إسبانيا

تهدف هذه الأماكن إلى إتاحة الفرصة لروادها للتنفيس عن مشاعر الغضب والاكتئاب والحزن بطرق لا يترتب عليها أي أذى أو تبعات تقريباً، ومن بينها استحداث غرف للبكاء انطلقت ضمن مشروع في إسبانيا للتخلص من وصمة المشاكل النفسية.

وفي لوحة كُتب عليها "ادخل وابكِ" في حين كُتب على أخرى "أنا أيضاً أعاني من القلق"، بدأ هذا المشروع في أكتوبر/تشرين الأول الجاري لتوفير مكان آمن للبكاء، مُرفق به هواتف وقائمة بأسماء عدد من الأشخاص، بينهم أطباء نفسيون، يمكن الاتصال بهم والتحدث معهم إذا كنت تشعر بالكآبة والإحباط الحاد، بحسب وكالة Reuters.

ويهدف المشروع إلى التصدي للوصمة الاجتماعية السلبية المرتبطة بالأمراض النفسية وطلب المساعدة المختصة والبكاء.

هل سمعت من قبل عن غرف للبكاء؟ - iStock
هل سمعت من قبل عن غرف للبكاء؟ – iStock

مواقع للصراخ عبر الإنترنت!

لم يتوقف الأمر عند تخصيص غرف للبكاء بصوت مسموع للشعور بالتحسُّن والتخفف من المشاعر المكبوتة وتحسين الصحة النفسية، إذ لفت موقع Healthline للمعلومات الطبية والصحة إلى وجود مواقع عبر الإنترنت تتيح لمستخدميها الصراخ والتنفيس عن الكبت النفسي.

ومن خلال هذه المواقع يمكنك الصراخ مع الآخرين عبر الإنترنت والشعور بالمشاركة. ويمكنك سماع صراخ الأعضاء الآخرين، ثم الصراخ معهم. والأمر بسيط للغاية مثل استخدام ميكروفون الهاتف أو الكمبيوتر المحمول.

وأحد أشهر تلك المواقع، موقع Scream Club الذي يُبث من بروكلين، وهو يمكِّن الزوار من الصراخ إلى ما لا نهاية عبر أجهزة الكمبيوتر أو الميكروفونات المحمولة الخاصة بهم، بشكل جماعي مع زوار آخرين عبر الإنترنت.

ويقول مبتكر الفكرة دانيال جرينبيرغ، وفقاً لموقع Vice عن بداية الفكرة: "لقد توصلنا إلى الفكرة بعد الصراخ يوماً عبر مكالمة لنا على تطبيق Zoom وإدراكنا كم كانت تلك تجربة رائعة ومذهلة!". وتابع: "سواء كنت محبطاً، أو تشعر بالملل أو الوحدة، ستفيدك هذه التجربة بلا شك".

تحطيم الأشياء للتنفيس عن الغضب والكبت

غرف الغضب، المعروفة أيضاً باسم غرف التحطيم والتهشيم تم افتتاحها في مدن مختلفة حول العالم، وهي توفر مكاناً آمناً للناس للتنفيس عن غضبهم- بالمعنى الحرفي للكلمة، ويعتقد روادها أنها تعمل على تعزيز الصحة النفسية والمشاعر الإيجابية.

ويمكن في هذه الأماكن رمي ألواح الزجاج والأجهزة المنزلية عبر الغرفة، أو اصطحاب مطرقة ثقيلة وتهشيم أي أثاث أمامك.

وتم افتتاح أول غرفة للغضب في اليابان عام 2008، وفقاً لموقع Vice.

منذ ذلك الحين، انتشرت غرف الغضب في بلدان العالم العربي والغربي، بداية من صربيا والمملكة المتحدة ووصولاً إلى الأرجنتين والإمارات ومصر.

ولا تُعد غرف الغضب للأشخاص العصبيين فقط، وفقاً لماري بابيك، المالكة المشارك لغرف Smash Room في ولاية فلوريدا.

إذ قالت إن العملاء يتوافدون على غرف التحطيم كشكل من أشكال تخفيف التوتر وتعزيز الصحة النفسية، وليس لمجرد إدارة الغضب.

ورغم رواجها، يشكك بعض المتخصصين في الصحة العقلية والنفسية في أن غرف الغضب وسيلة فعالة للتعبير عن الغضب وتنفيس التوتر فعلاً.

قال سكوت بيا، أخصائي علم النفس السريري بحسب موقع USA Today الأمريكي، إن غرف الغضب يمكن أن تكون ممتعة بالفعل، لكن لا ينبغي أن تحل محل التواصل الحقيقي أو طلب المساعدة.

خيارات مفيدة لكنها ليست بديلاً عن العلاج

ليس هناك اختلاف على أن إيجاد طريقة للتعبير عن غضبك وحزنك ومشاعرك بشكل عام أمر صحي في كل الأحوال ويعزز سلامة الصحة النفسية والعقلية.

يقول عالم النفس السريري سكوت بيا: "ينتج عن الغضب المكبوت والمشاعر المدفونة كل أنواع المشاكل، ويمكن أن يساهم ذلك في ظهور أعراض فسيولوجية أو أعراض نفسية مثل القلق. لكن الطريقة التي ندير بها الغضب مهمة".

إلا أن المشكلة هي أننا لا نعرف دائماً كيفية إدارة مشاعرنا بصورة سليمة.

وقد تعمل تلك الغرف بمثابة إحدى الطرق للتخلص من مشاعر الغضب، لكن من المحتمل ألا تحدث فرقاً كبيراً على المدى الطويل، وفقاً للطبيب النفسي المختص.

ويتابع في تصريحات لموقع Cleveland Clinic: "صحيح أنه يتم تفريغ المشاعر المكبوتة في تلك اللحظات عند زيارة غرف التحطيم أو البكاء وغيرها، لكنه تأثير مؤقت".

إذ قد يمنحك تحطيم الأشياء مثلاً بعض الراحة على المدى القصير، لكنه لن يساعدك كثيراً في حل مشاكل الغضب المزمنة وإحساسك المزمن بالتوتر والقلق أو يعالج أي من مشاكل واضطرابات الصحة النفسية أو العقلية لديك.

ومع ذلك.. هناك الكثير من الفوائد

ويوضح موقع Very Well Mind أنه بالرغم من عدم فاعلية تلك الخيارات كبديل عن الحصول على علاج نفسي متخصص للتخلُّص من أعراض الاكتئاب النفسي والحزن والغضب والقلق المزمن واضطرابات الصحة النفسية، إلا أنه لها بعض الفوائد المهمة.

وهناك سبب لجذب هذه الأماكن للحشود وزيادة شعبيتها على مر السنوات الأخيرة، وذلك لأنها تحقق بعض الفوائد، خاصة إذا كنت تعرف المحاذير بالفعل.

وفيما يلي بعض الأسباب الجيدة التي قد تجعلك ترغب في زيارة أحد هذه الأماكن:

تجربة شيء جديد: إذا كنت مهتماً بهذه الأماكن، فقد ترغب في تجربتها لإرضاء فضولك! يمكن أن تحصل من خلالها على تجربة مثيرة للاهتمام، إذ ستصنع منها ذكريات لطيفة تتشاركها مع الأصدقاء. كما يمكن أيضاً أن تكون نشاطاً ممتعاً تتشاركه مع الآخرين وتدعم مهاراتك الاجتماعية من خلاله.

للترابط وتوطيد العلاقات: إذا كنت ستذهب مع مجموعة من الأصدقاء، فقد تكون تجربة الترابط هي كسر الأشياء معاً أو الحصول على مكان آمن للبكاء أو الصراخ فيه بحرية.

وفي حال ذهبت مع شريك حياتك أو صديقك الذي يعاني من نفس الضغط الذي تعاني منه، فقد تكون هذه أيضاً طريقة ممتعة للتخلص من التوتر والتواصل.

تجربة ترفيهية: تُظهر الدراسات وفقاً لموقع Very Well Mind أنه من المهم الاستمتاع بأنشطة جديدة في حياتك كطريقة لتحسين مزاجك وإدارة التوتر والحفاظ على التوازن النفسي لديك وسلامة الصحة النفسية والعقلية لديك.

وإذا كان الخروج وكسر الأشياء أمراً ممتعاً، فقد يكون هذا نشاطاً صحياً لك أكثر من الجلوس في المنزل والتفكير في الأمور التي تُحزنك أو تجعلك تشعر بالتوتر أو الغضب.

تحميل المزيد