أعرب رئيس الوزراء اللبناني نجيب ميقاتي، الخميس 14 أكتوبر/تشرين الأول 2021، عن التزام حكومته بإجراء الانتخابات البرلمانية وفق المواعيد الدستورية، معتبراً أن ما حصل من أحداث واشتباكات بالعاصمة بيروت "غير مشجع".
جاء ذلك في مقابلة له مع صحيفة "النهار" اللبنانية، تعليقاً على اشتباكات مسلحة تركزت في منطقة الطيونة، الواقعة بين منطقة الشياح ذات الغالبية الشيعية ومنطقة عين الرمانة-بدارو ذات الغالبية المسيحية ببيروت، وأسفرت عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 32 آخرين.
انتكاسة للحكومة
كذلك، فقد قال نجيب ميقاتي لـ"رويترز" الخميس، إن أحداث اليوم "انتكاسة للحكومة، لكن سنتجاوزها". وأضاف ميقاتي، في المقابلة: "لبنان يمر بمرحلة صعبة، التشبيه كالمريض أمام غرفة الطوارئ، مع تشكيل الحكومة دخلنا غرفة الطوارئ". ومضى يقول: "لايزال أمامنا مراحل كثيرة للشفاء التام".
في سياق متصل أعلن الجيش اللبناني، الخميس، توقيف 9 أشخاص على خلفية الاشتباكات التي شهدتها العاصمة بيروت، وأسفرت عن مقتل 6 أشخاص و32 جريحاً.
يُذكر أن الأحداث بدأت بإطلاق نار كثيف خلال تظاهرة نظمها مؤيدون لجماعة "حزب الله" وحركة "أمل" (شيعيتان)؛ للتنديد بقرارات المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت، القاضي طارق بيطار، في وقت اتهم فيه "حزب الله" و"أمل"، في بيان مشترك، "مجموعات مسلحة" تابعة لحزب "القوات اللبنانية" بالمسؤولية عن ذلك.
كما قال ميقاتي، مجيباً عن سؤال بشأن مصير إجراء الانتخابات البرلمانية بالبلاد في ظل التطورات الأخيرة: "لا نستطيع أن نفكر لحظة في أنه لا توجد انتخابات". وأضاف: "باعتباري رئيس السلطة التنفيذية يجب أن لا أقول إلا أنه توجد انتخابات وفي أوقاتها الدستورية القانونية، يحدث تأجيل، يحدث تغيير، لكل حادث حديث".
استدرك بالقول: "ما جرى اليوم (الاشتباكات) غير مشجع بتاتاً".
انتخابات البرلمان
في المقابل تحدَّد موعد إجراء الانتخابات النيابية (البرلمان) في لبنان يوم 27 مارس/آذار 2022، وسط مخاوف من أن تؤثر الأحداث السياسية والأوضاع الاقتصادية بالبلاد على إجرائها في ذلك الموعد.
في السياق ذاته، أكد ميقاتي أن "الحكومة مستمرة وموجودة"، مشيراً إلى أنها "تشكّلت حين وصل البلد إلى الحضيض". وتابع: "ما حدث يؤكّد أننا نطلق النار على أنفسنا"، متسائلاً: "هل ما جرى اليوم هدفه إسقاط حكومتي؟ تذكّروا أن هدف حكومتي تخفيف أثر الارتطام".
أوضح ميقاتي أن "المعالجة الهادئة لقضية التحقيق في انفجار مرفأ بيروت جارية"، مجدداً تأكيد "أننا سلطة تنفيذية ولا نستطيع التدخل في القضاء".
من جانبه قال الرئيس اللبناني ميشال عون، إنه لن يسمح لأحد بأن يأخذ لبنان رهينة لمصالحه أو حساباته الخاصة. جاء ذلك في كلمة متلفزة وجهها عون إلى الشعب اللبناني، عقب ساعات على وقوع اشتباكات دامية متفرقة في بيروت.
أوضح عون: "لن نسمح لأحد بأن يأخذ البلد رهينة لمصالحه الخاصة أو حساباته، وليس مقبولاً أن يعود السلاح لغة تخاطُب بين اللبنانيين". وأضاف: "إنني مع رئيسَي الحكومة (نجيب ميقاتي) ومجلس النواب (نبيه بري)، لن نتساهل ولن نستسلم لأي أمر واقعٍ هدفه الفتنة".
تابع: "دولة القانون والمؤسسات التي ارتضاها الجميع تضمن الحريّات، ووحدها هي المرجع الصالح والوحيد لمعالجة أيّ إشكال أو خلاف أو اعتراض". ومضى قائلاً: "ما من أمر لا حلَّ له، وحلُّه من خلال المؤسسات والدستور، الذي ما من أمر يُعلى عليه لا التهديد ولا الوعيد".
أشار إلى أن "القوى العسكرية والأمنية قامت وستقوم بواجباتها في حماية الأمن والاستقرار والسلم الأهلي، وسيكون ما حدث موضع متابعة أمنية وقضائية".
عون اختتم كلامه قائلاً: "سأسهر حتى يُظهر التحقيق حقيقة ما جرى، وصولاً إلى محاسبة المسؤولين عنه والمحرّضين عليه (..) بما فيه التحقيق في جريمة المرفأ، الذي كان وسيبقى من أولويات عملي والتزامي".
إطلاق نيران مكثفة
يُذكر أنه في يوم الخميس أطلق مجهولون النار بكثافة في منطقة الطيونة (يقطنها شيعة ومسيحيون) على مؤيدين لـ"حزب الله" وحركة "أمل" (شيعيتان)، خلال مظاهرة منددة بقرارات القاضي طارق بيطار، المحقق العدلي في قضية انفجار مرفأ بيروت.
أسفرت الاشتباكات الدامية عن مقتل 6 أشخاص وإصابة 32 آخرين، بينهم اثنان في حالة حرجة، وفق وزارة الصحة اللبنانية.
فيما اتهمت جماعة "حزب الله" وحركة "أمل"، "مجموعات مسلحة" تابعة لحزب "القوات اللبنانية" بزعامة سمير جعجع، بقتل وجرح مؤيدين لهما خلال مظاهرة في بيروت.
مغادرة لبنان
في سياق متصل دعت الكويت، الخميس، مواطنيها إلى مغادرة لبنان والراغبين في السفر إليها، إلى "التريث" والأخذ في الاعتبار المستجدات على الساحة اللبنانية.
جاء ذلك وفق بيان للسفارة الكويتية لدى لبنان، أوردته وكالة الأنباء الرسمية (كونا)، عقب ساعات على وقوع اشتباكات دامية متفرقة في بيروت. ودعت السفارة "مواطنيها الموجودين في لبنان إلى مغادرتها، والراغبين في السفر إليها إلى التريث، أخذاً بعين الاعتبار المستجدات على الساحة اللبنانية".
فيما أهابت السفارة مواطنيها "التزام الحيطة والحذر، والابتعاد عن مواقع التجمعات والاضطرابات الأمنية في بعض المناطق، والتزام مقار السكن وتعليمات السلطات المحلية المختصة".
بيان مفصل
من جانبه طالب حزب "القوات اللبنانية" الجيش بأن يصدر بياناً مفصلاً يوضح فيه ملابسات ما جرى في بيروت، الخميس، بعد اتهامه من جانب جماعة "حزب الله" وحركة "أمل" بالوقوف وراء الأحداث الدامية.
حيث قال حزب "القوات اللبنانية"، في بيان صادر عن الدائرة الإعلامية فيه: "نطالب الجيش اللبناني الذي كان شاهداً منذ اللحظة الأولى، على مجريات هذا اليوم الطويل، بأن يصدر بياناً مفصلاً يوضح فيه ملابسات ما جرى كله، منذ اللحظة الأولى".
أوضح الحزب أنه يدعو إلى ذلك؛ "كي لا يبقى بعضهم، وبالأخص حزب الله، يستغل هذه الأحداث الأليمة ليطلق اتهاماته شمالاً ويميناً، من أجل الخروج من المأزق الذي وضع نفسه والبلاد فيه".
كان المحقق العدلي في القضية، طارق بيطار، ادعى في 2 يوليو/تموز 2021، على 10 مسؤولين وضباط لبنانيين، بينهم نائبان من "أمل" هما علي حسن خليل وغازي زعيتر، ورئيس الحكومة السابق حسان دياب، في قضية انفجار مرفأ بيروت صيف 2020.
إلا أن تلك الادعاءات رفضتها بعض القوى السياسية اللبنانية، فيما اعتبر الأمين العام لـ"حزب الله" حسن نصر الله، الإثنين، أنَّ عمل بيطار "فيه استهداف سياسي ولا علاقة له بالعدالة".