كشفت صحيفة The Guardian البريطانية، الإثنين 11 أكتوبر/تشرين الأول 2021، أن التسرب النفطي من ناقلة صافر في البحر الأحمر يهدد 8 ملايين شخص في السعودية وغيرها من الدول، بفقدان إمكانية الوصول إلى المياه الجارية، وتدمير مخزون صيد البحر الأحمر في غضون ثلاثة أسابيع فقط.
الصحيفة نقلت عن المجلة العلمية "Nature Sustainability"، أن التسرب النفطي قد يمتد ويسبب دماراً بيئياً يؤثر على السعودية وإريتريا وجيبوتي.
ويشار إلى أن الأمم المتحدة لطالما حذَّرت طوال سنوات من أنَّ الناقلة "صافر" تشبه القنبلة العائمة، قنبلة قد تتسبب في أزمة بيئية عند حدوث تسرُّب في أيٍّ من خزاناتها الـ34.
وتحمل تلك الخزانات معاً أربعة أضعاف كمية النفط المتسرِّب في كارثة "إكسون فالديز" عام 1989.
وقد يؤدي أي تسرُّب إلى تأزيم حياة المدنيين اليمنيين أكثر، وقتل عدد لا يُحصى من جماعات السمك والطيور، وتسميم الشعاب المرجانية، وإعاقة عمل محطات تحلية المياه، وإغلاق ممرات الشحن في البحر الأحمر والموانئ التي تُعَد شريان اليمن الوحيد للمساعدات الدولية.
ما قصة هذه الناقلة؟
وصدأ هيكل "صافر" وتآكل أنابيبها وصماماتها ليست مباعث القلق الوحيدة. فالناقلة غير بعيدة عن الحُديدة، المدينة الساحلية المتنازع عليها بشدة، ولا يمكن استبعاد مخاطر إصابة أي قذيفة أو قنبلة شاردة للسفينة.
قالت إنغر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة، لمجلس الأمن الدولي، في إحاطة بشأن مشكلة الناقلة: "في حال خرج الوضع عن السيطرة فإنَّه سيؤثر مباشرةً على ملايين الناس في بلدٍ يعاني بالفعل من أكبر طارئ إنساني في العالم. سيدمر أنظمةً بيئية كاملة لعقود وستتجاوز الحدود".
ولم تخضع السفينة، التي تحتاج إلى صيانة مكثفة، للصيانة بشكل ملائم منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من خمس سنوات بين المتمردين الحوثيين والتحالف العسكري الذي تقوده السعودية ويحاول سحقهم.
وتقول شركة النفط اليمنية المالكة للناقلة إنَّها لا تملك الموارد اللازمة لصيانة السفينة، التي كان يستخدمها خط أنابيب مأرب-رأس عيسى، الذي ينقل النفط من شرق اليمن في السابق كمنشأة تخزين عائمة. ولا يزال يوجد طاقم عاملين أساسي على متن الناقلة، لكنَّ معظم الآلات المُستخدَمة لمنع تراكم الغاز القابل للاشتعال في الخزانات لم تعد تعمل.
كارثة تهدد الملايين قد تقع في أي لحظة
لطالما رفض الحوثيون، الذين يسيطرون على المنطقة المحيطة بمنطقة الرسو، طلبات الأمم المتحدة لتقييم حالة السفينة، لكن يبدو أنَّهم غيَّروا رأيهم بعد تسرُّب مياه البحر إلى داخل غرفة المحرك، في مايو/أيار 2019، وهو التسرُّب الذي تمكَّن الطاقم وفريق طوارئ من الغواصين أرسله مُلَّاك السفينة من ترميمه مؤقتاً.
وقال مارك لوكوك، كبير مسؤولي الإغاثة في الأمم المتحدة، مُتحدِّثاً خلال إحاطة مجلس الأمن، إنَّ قيادة الحوثيين أكَّدت كتابةً أنَّها ستسمح لبعثة خطَّطت لها الأمم المتحدة طويلاً لتقييم الناقلة، "وهو ما نأمل أن يحدث خلال الأسابيع القليلة المقبلة".
لكنَّ لوكوك كان حذراً في تفاؤله؛ إذ وافق الحوثيون، في أغسطس/آب 2019، على طلبٍ أممي لتفقُّد الناقلة، ما لبثوا أن تراجعوا عنه في الليلة السابقة للتنفيذ.
ينبع تردد الحوثيين في التخلي عن سيطرتهم على السفينة جزئياً من رغبة الجماعة في بيع النفط، أو على الأقل لاستخدامها كورقة مساومة مع خصومهم السعوديين. لكنَّ جائحة فيروس كورونا خفَّضت أسعار النفط بشدة، ما جعل محتويات الناقلة أقل قيمة بكثير، علاوة على ذلك كان النفط موجوداً داخل خزانات صدئة لخمس سنوات على الأقل، وربما يكون ذلك لوَّثه.