اهتمام خاص حظيت به ذكرى حرب أكتوبر/تشرين الأول هذا العام، بعد الكشف عن وثائق سرية حول الحرب، تزامن مع محاولات القيادات الإسرائيلية الحديث عن انتصارات عسكرية خلال هذه الحرب، واستغلالها دعائياً.
إذ يتم التعامل بطريقتين مع هذه الفترة، في إسرائيل، المستوى العلمي والبحثي يحاول معرفة الأخطاء الإسرائيلية، بينما المستوى الحكومي يحاول استغلالها دعائياً، بطريقة تبدو مستفزة للدول العربية، خاصةً مصر التي شهدت علاقات تل أبيب معها تقارباً لافتاً مؤخراً، بدا واضحاً في قمة شرم الشيخ بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت.
وتكشفت حالة الذعر والتطرف التي سيطرت على القيادة الإسرائيلية خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول، بفضل وثائق نشرها مركز الدولة بإسرائيل بناءً على حكم قضائي من محكمة العدل الإسرائيلية العليا العام الماضي، وافق على التماس لفتح جميع المواد الأرشيفية المتعلقة بالحرب للجمهور.
وبالتوازي مع نشر هذه الوثائق، كان لافتاً نشر مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، الأربعاء 6 أكتوبر/تشرين الأول 2021، مستندات عن لقاءات حكومية عُقدت عشية وخلال حرب أكتوبر/تشرين الأول 1973، وتحدثت عن معلومات أوصلها أشرف مروان مستشار الرئيس المصري الراحل محمد أنور السادات، إلى الموساد، وهي مسألة حساسة بالنسبة للقاهرة بالنظر إلى أن مروان هو صهر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وتقول مصر إن مروان أدى دوراً وطنياً من خلال تضليله لإسرائيل لصالح القاهرة، في حين تؤكد تل أبيب أنه كان يعمل لصالحها.
ولذا كان غريباً أن يستفز بينيت القاهرة بهذا المنشور، في الوقت الذي يقول فيه إنه يبدأ صفحة جديدة مع القيادة المصرية، ويحاول أن يثبت أن علاقته مع السيسي أكثر متانة من علاقة نتنياهو معه، فيما رد الأخير بالقول إنه التقى السيسي مرات عديدة.
ولكن هذا التنافس على إثبات متانة العلاقة مع القيادة المصرية الحالية، لم يمنع تل أبيب من محاولة إثبات تفوقها في المعركة التي عبرت فيها القوات المصرية قناة السويس لتحرر أجزاء من سيناء بالتزامن مع الهجوم السوري على الجولان الذي حرر أجزاء من الهضبة السورية المحتلة، بدعم عربي للبلدين في ذلك الوقت لم يعرفه الصراع العربي الإسرائيلي قبل هذه الحرب أو بعدها.
مكتب بينيت قال إنه "بمناسبة مرور 48 عاماً على اندلاع حرب الغفران 1973 (حرب أكتوبر)، ينشر أرشيف الدولة التابع لمكتب رئيس الوزراء مستندات جديدة تتعلق بالحرب".
من جهتها، قالت هيئة البث الإسرائيلية، إنه بموجب أحد البروتوكولات المنشورة، فإنه قبل اندلاع الحرب بنحو عشرة أشهر "عُقدت جلسة خاصة، بحضور القادة الإسرائيليين السياسيين والأمنيين".
هذه الجلسة جاءت بعدما "حصلت إسرائيل على معلومات حول نية مصر شنّ حرب ضدها، من المستشار المقرب من الرئيس المصري أنور السادات آنذاك، أشرف مروان، الذي كان يتعاون مع (جهاز المخابرات الخارجية) الموساد"، وفقاً للهيئة الإسرائيلية.
وأضافت أنه "في الجلسة برزت اختلافات بين المسؤولين حول إمكانية اندلاع الحرب، واعتقدَ رئيس الموساد تسفي زامير، أن الرئيس السادات يخضع لضغوط كبيرة، وبالتالي من الصعب معرفة خططه، إلا أن وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه دايان رجّح ألا تشن مصر حرباً شاملة، بل معارك استنزافية فقط".
كانت قناة التلفزة الإسرائيلية الثامنة (خاصة)، قد نشرت في عام 2018، وثائقياً من أربع حلقات حول جهاز الموساد، وذلك من خلال إجراء مقابلات ونقل شهادات لعدد كبير من رؤساء الموساد بخصوص أشرف مروان، تضمّنت الشهادات روايات لقائدين من أبرز قادة الموساد، الذين تعاملوا بشكل مباشر مع مروان، وهما شموئيل غورين نائب رئيس الموساد السابق، الذي تولى قيادة شعبة تجنيد العملاء، المعروفة بـ"تسوميت"، والذي كان مسؤول بعثة "الموساد" في لندن عام 1969 عندما بادر أشرف مروان لعرض خدماته على الموساد، وتسفيكا زامير، رئيس الموساد الذي كان يلتقي شخصياً أشرف مروان.
غورين قال في الفيلم: "كان أشرف مروان العميل الأفضل في كل العصور، كنت رئيس بعثة الموساد في لندن عندما علمت أنه يحاول الاتصال بنا، وقبلت طلبه، وصُدمت عندما تعرفت على هويته، فلم أكن أصدق أن صهر رئيس مصر جمال عبد الناصر يعرض خدماته للعمل كعميل لنا"، على حد قوله.
كان أشرف مروان قد تولى في عهد السادات مواقع مهمة وحساسة، وقام بأدوار عدة، وضمنها الاتصالات مع الدول العربية، وعلّق غورين على ما يُقال عن أن مروان كان عميلاً مزدوجاً، قائلاً: "حاولت دائماً أن أبحث عن سمات ومؤشرات تدل على أن أشرف مروان كان عميلاً مزدوجاً، فلم أجد ألبتة".
"تنذكر وما تنعاد".. أدرعي يتهم العرب بالغدر بإسرائيل خلال حرب أكتوبر
أما أفيخاي أدرعي الناطق باسم الجيش الإسرائيلي باللغة العربية، فلقد اتهم العرب بالغدر بإسرائيل، وهو أمر غريب، لأنه كيف يغدر عدو بمن يحتل أرضه، وهل كان المطلوب أن يخبر العرب الإسرائيليين بعزمهم على شن حرب لتحرير أراضيهم؟!
إذ نشر أدرعي بصفحته على فيسبوك، تدوينة قال فيها: "في مثل هذا اليوم #السادس_من_أكتوبر/تشرين الأول عام 1973 وقعت حرب #يوم_الغفران، وهي رابع الحروب بين #الدول_العربية و #إسرائيل منذ إعلان استقلالها عام 1948، لتكون آخر حرب نظامية، واضعةً اللبنة الأولى #للسلام".
وأضاف: "ففي أقدس أيام السنة وهو يوم الغفران، غُدر #جيش_الدفاع بهجومين متزامنين على الجبهتين المصرية والسورية".
المفارقة أن الحديث عن الغدر العربي في الهجومين يفند الرواية الإسرائيلية بأن أشرف مروان كان عميلاً لتل أبيب، وأنه أبلغها بنيّة مصر شن حرب على الجيش الإسرائيلي الذي كان يحتل سيناء.
وقال أدرعي: "إن الهجومين حقق بها المهاجمان بعض الإنجازات الميدانية في المراحل الأولى، ليعود جيش الدفاع ويأخذ زمام الأمور، قالباً الأمور رأساً على عقب في كلتا الجبهتين، محققاً نصراً عسكرياً واضحاً على الجبهتين إلى حين وقف إطلاق النار وتوقيع اتفاقيات #فض_الاشتباك".
وحاول أدرعي أن يُظهر فوائد لهذه الحرب لإسرائيل بأنها هي التي فتحت باب السلام مع العرب عبر مفاوضات السلام المصرية الإسرائيلية التي انتهت باتفاقية كامب ديفيد ومعاهدة السلام المصرية الإسرائيلية التي أعادت سيناء لمصر.
إذ قال: "#حرب_الغفران بدأت بغتة وكانت مفاجأة لتترك تداعيات أكثر مفاجأة. هذه الحرب فتحت أبواب #السلام وحوّلت #العدو إلى #صديق وشريك أساسي في صنع السلام في المنطقة. صفحة وانطوت #تنذكر_وما_تنعاد".
اللافت أنه لم يذكر لماذا إذاً سلمت إسرائيل سيناء لمصر، إذا كان الجيش الإسرائيلي قد حقق نصراً عسكرياً واضحاً في الحرب كما يقول.
فشل القوات الجوية الإسرائيلية الذي جرى تجاهله
وبدت صحيفة Haaretz الإسرائيلية أكثر واقعية، حيث نشرت تقريراً بعنوان "الفشل النسبي لسلاح الجو الإسرائيلي في حرب يوم الغفران"، علماً بأن سلاح الجو هو نقطة تفوق إسرائيل على العرب دوماً، وأنه ذراع إسرائيل الطويلة.
ويعرض التقرير كتاباً جديداً ألفه البروفيسور الإسرائيلي أوري بار جوزيف، يلقى الضوء على أحد الجوانب الأقل بحثاً في الحرب ويقدم بعض التفاصيل الصادمة عن القوات الجوية الإسرائيلية.
ويشير التقرير إلى أنه في السنوات التي سبقت حرب 1973، تم استثمار نحو نصف ميزانية الدفاع الإسرائيلية في سلاح الجو، الذي خرج مظفراً من حرب الأيام الستة عام 1967.
لكن بعد حرب 73، خلافاً للتقاليد السابقة لسلاح الجو الإسرائيلي، لم يتم إجراء تحقيق داخلي في نتيجة حرب أكتوبر/تشرين الأول، وقام باحث واحد فقط، شموئيل جوردون (الذي قاد طائرة فانتوم في الحرب)، بتأليف دراسة بعنوان "ثلاثون ساعة في أكتوبر" باللغة العبرية حول سلاح الجو في بداية الحرب.
وقال بار جوزيف لصحيفة "هآرتس" الخميس الماضي، إنه اكتشف في بحثه أن "سلاح الجو الإسرائيلي قوة جوية استثنائية عانت في الحرب من الإدارة الفاشلة وسلسلة من القرارات الخاطئة".
يقول جوزيف: "كان قائد القوات الجوية الإسرائيلية في ذلك الوقت بيني بيليد، حازماً للغاية ولكنه كان يفتقر إلى الخبرة العملية مقارنة بسلفه، موتي هود. ورفض الاستماع إلى آراء أو انتقادات أخرى تصدر من ضباط تحت قيادته. وكان منشغلاً بمحاولة تدمير القوات الجوية العربية كما حدث عام 1967. وكان من الواضح لقادة القواعد الذين يجلسون معه في اجتماعات كل مساء، أنه تم ارتكاب أخطاء، لكن قلة منهم تجرأت على التحدث علانية".
النتيجة، كما يقول بار جوزيف، أنه "بعد يومين من القتال أدى الخوف الإسرائيلي من أنظمة صواريخ أرض/جو المعادية، والتي كانت العقبة الرئيسية أمام مساعدة القوات الجوية الإسرائيلية للقوات البرية، إلى التركيز على المطارات المصرية كهدف رئيسي لهجمات أسراب فانتوم". هذه الغارات الضخمة أسفرت عن نتائج محدودة، ولم تكن هناك حاجة للتركيز على تدمير سلاح الطيران المصري كما فعل بيلد، لأن التهديد الذي شكلته الطائرات المصرية على العمق الإسرائيلي كان ضئيلاً، (لأنه كان عليها عبور شبه جزيرة سيناء)، كما كان الخطر الذي تشكله الطائرات المصرية على الطائرات الإسرائيلية محدوداً.
المعضلة الرئيسية كانت أن هناك مشكلة في التنسيق بين القوات الجوية الإسرائيلية والقوات البرية، فبعد ثلاثة أيام من القتال في محاولة الجيش الإسرائيلي العبور إلى غرب القناة، فيما سيعرف باسم الثغرة، خسر الجيش الإسرائيلي ما يقرب من 600 جندي مقاتل، وكان يواجه صعوبة في التقدم.
وتوقع رئيس أركان الجيش الإسرائيلي دافيد إليعازر، أن يركز سلاح الجو على مهاجمة بطاريات صواريخ أرض-جو في المنطقة؛ ليتسنى للطائرات الإسرائيلية التدخل لمساعدة القوات البرية. لكن إليعازر اكتشف أن بيليد اختار قصف القنطرة في الشمال، وهو قطاع أقل أهمية، وفُقدت ست طائرات في تلك الغارة.
وفقاً لبار جوزيف، إليعازر لم يملِ أوامر عملياتية على بيليد. "كان يختلف معه في بعض الأحيان، لكنه لم يمارس سلطات القيادة عليه، قد يكون هذا بسبب الديناميكيات الشخصية بينهما، لكنه كان أيضاً نتيجة لثقافة عملياتية لمدة 20 عاماً تمتعت فيها القوات الجوية باستقلالية كاملة عن الجيش الإسرائيلي".
ويعلق البروفيسور الإسرائيلي: "أخشى أن يتمتع سلاح الجو اليوم بدرجة مماثلة من الحرية".
يكشف الكتاب أن قائد القوات الجوية الإسرائيلية أبلغ عن عمد أحياناً عن عدد أقل من الطائرات المتاحة، وأيضاً تقديرات أقل لعدد الطائرات التي أصيبت وتم إصلاحها بسرعة. ويبدو أن بيليد كان يعرف الأرقام الحقيقية، وأوضح لاحقاً أنه لاحظ تدني الروح المعنوية بين زملائه في هيئة الأركان العامة، والذين كانوا مترددين في شن هجوم مضاد فوق القناة، لذلك حاول حثهم على التحرك بسرعة قبل نفاد الطائرات التي من شأنها أن تمكن عملية العبور الإسرائيلية لغرب القناة.
أكثر من ألف صفحة عن حرب أكتوبر
وأفصح أرشيف الدولة الإسرائيلي عن 61 وثيقة تاريخية، بإجمالي 1229 صفحة، تكشف تفاصيل ومعلومات جديدة وصادمة عن الحرب، منها خطة قصف دمشق، والمخاوف من اندلاع حرب عالمية.
وتشمل المواد مقاطع من مذكرات حرب رئيسة الوزراء ومحاضر اجتماعات في مكتبها واجتماعات مجلس الوزراء والمشاورات حول القضايا الدبلوماسية والعسكرية.
وتُظهر الوثائق الذعر الذي دب لدى رئيسة الوزراء الإسرائيلية في ذلك الوقت غولدا مائير، التي قالت عن مبعوثها الذي أرسلته واشنطن: "يجب أن يطلب الدبابات والفانتوم على الفور".
وأضافت رئيسة الوزراء قائلةً لزملائها في مجلس الوزراء: "يجب أن يقول (استغاثة لكيسنجر): إنهم لا يحبون اليهود على الإطلاق. اليهود ضعفاء، أو أسوأ. سيرموننا للكلاب"، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Haaretz .
وقال أور فيالكوف، الباحث بمركز يوم كيبور الحربي غير الربحي، لصحيفة هآرتس: "الوثائق تتيح رؤية تجربة الحرب من خلال عيون رئيسة الوزراء الإسرائيلية وكبار المسؤولين"، "إنهم يقدمون نظرة تاريخية مهمة على الأحداث كما حدثت في الوقت الفعلي بدلاً من كيفية تعامل المؤرخين معها في وقت لاحق".
انطلقت صفارة الإنذار الساعة الـ2 مساءً، مع اندلاع الحرب، مما أدى إلى اجتماع رفيع المستوى. في الساعة الـ2:05، قالت رئيسة الوزراء غولدا مائير: "لقد فاجأونا بعد كل شيء". ومع ذلك تعلق الصحيفة الإسرائيلية قائلةً: "كما نعلم، لم تكن المفاجأة مطلقة. إحدى الوثائق التي تم الإفراج عنها حديثاً هي تقرير رئيس الموساد تسيفي زامير إلى غولد مائير، حول اجتماعه في لندن مع أشرف مروان، عميل الموساد الذي حذّره قبل نحو 14 ساعة من اندلاع الحرب".
وكان أشرف مروان حسب الوثائق يلقب من قبل المسؤولين الإسرائيليين بـ"صديق زفيكا".
ولكن يبدو أن المشكلة لدى الجيش الإسرائيلي لم تكن في نقص المعلومات عن قرب الحرب، ولكن في الاستهانة بالعرب، لاسيما الجيش المصري.
وقالت رئيسة الوزراء غولدا مائير، بحسب إحدى الوثائق: "صديق زفيكا يقول إن الأمر يمكن أن ينتهي في موقف واحد فقط من حالتين: إما أن يذهب الجيش المصري بأكمله، أو على الأقل سيذهب الرئيس المصري أنور السادات". وأضافت مستهزئة: "أنا على استعداد لرحيلهما".
واصل مروان إطلاع زامير طوال الحرب على التطورات المختلفة.
ضابط مصري يعمل لصالح إسرائيل أنقذ جيشها من هزيمة مروعة
تم تلقي تحذير آخر من الموساد في 12 أكتوبر/تشرين الأول حسب الوثائق، عندما ناقش مجلس الوزراء الأمني خطة لعبور قناة السويس، لتطويق الهجوم المصري على سيناء.
في خضم الاجتماع المطول، تم استدعاء رئيس الموساد زامير على وجه السرعة للهاتف. أخبره رئيس مكتبه عن بلاغ عميل مصري يعمل ضابطاً كبيراً.
وفقاً للوثائق التي تم الكشف عنها حديثاً، قالت مئير للحاضرين: "دعونا ننتظر دقيقتين، ونقرأ المواد التي تلقيتها للتو"، وبدأت في الاطلاع على الأوراق.
وكان إشعار الضابط المصري يكشف عن نية الجيش المصري تفعيل ألوية المظليين والقوات المدرعة للاستيلاء على أهداف مهمة في عمق سيناء.
وبعد تلقي التقرير قرر الإسرائيليون الاستعداد لإيقاف المصريين قبل عبور القناة. علق رئيس الأركان الإسرائيلي دافيد إليعازر، قائلاً: "الآن أعرف ماذا أفعل"، "سنستعد جيداً، وسنوقف الهجوم المصري، وسنضرب وحداتهم بشدة، ثم نعبر القناة".
وأضاف نائبه يسرائيل تال: "ستكون هذه ضربة دراماتيكية لا مثيل لها، بشرط أن نستعد لهذه المعركة".
وتنقل صحيفة هآرتس الإسرائيلية عن الباحث فيالكوف، الذي قرأ الوثائق، قوله إن الجيش الإسرائيلي كان قادراً على الاستعداد في الوقت المناسب، للهجوم، بفضل التحذير القادم من هذا الجاسوس.
وأضاف: "النتيجة أن الجيش الإسرائيلي هزم القوات المصرية في واحدة من أكبر معارك الدبابات في حروب إسرائيل. وانعكست صورة المعركة على الجبهة الجنوبية تماماً".
وقال زامير في ذلك الوقت: "من خلال نقل المعلومات الاستخباراتية، أنقذ هذا الضابط المصري إسرائيل من أكثر هزيمة مُذلة في تاريخها".
الخوف من صواريخ السكود المصرية
كما تناقش الوثائق مخاوف إسرائيل من استخدام المصريين صواريخ سكود والأسلحة الكيماوية. يعتقد القادة الإسرائيليون أن الروس يساعدون مصر في التحضير لإطلاق صاروخ.
أعرب أشرف مروان عن اعتقاده أن المصريين لن يطلقوا صواريخ سكود على إسرائيل إلا إذا هاجمت إسرائيل السكان المدنيين في مصر.
وتفيد الوثائق بأنه كانت هناك تقارير تفيد بأن المصريين لديهم 400 صاروخ سكود. ورفض ديان في إحدى المناقشات، خيار أن يضرب الجيش الإسرائيلي أهدافاً استراتيجية في مصر؛ خشية أن يثير ذلك رداً مصرياً .
ذكر وزير الدفاع الإسرائيلي موشيه ديان، بتحذير السادات من أنه إذا تعرض سكان مصريون مدنيون للهجوم فسوف ينتقم بصواريخ سكود.
وعلق قائد كبير على ذلك قائلاً: "كان يخشى أن يقوم المصريون بتفعيل الصاروخ الشهير رداً على ذلك".
الخوف من الحرب العالمية الثالثة
الخوف من المشاركة الروسية في الحرب كان هاجساً لدى القادة الإسرائيليين. يوضح فيالكوف: "كانت الحرب حدثاً كان فيه العالم على وشك الدخول في حرب عالمية ثالثة، عندما رفع الروس مستوى التأهب، لأنهم رأوا حليفهم يخسر بعد الثغرة، وكانوا يرسلون الصواريخ إلى مصر أو سوريا".
تسجل الوثائق تساؤلات للوزير بلا حقيبة ومستشار غولد مائير، يسرائيل جاليلي: "هل هناك تهديد سوفييتي بالتدخل، وكيف نرد إذا سألنا الأمريكيون عن هذا الأمر؟".
خطة قصف دمشق
من ناحية أخرى، تسجل الوثائق أيضاً مناقشات حول الاستخدام المحتمل لصواريخ أرض-أرض الإسرائيلية من طراز Ivri.
واقترح رئيس الأركان إليعازر إطلاقها على سوريا. حيث قال في إحدى المناقشات: "صحيح، لدينا 25 فقط، بدأنا تصنيعها هذا العام، اقترح قصف مطار بالقرب من دمشق بهذه الصواريخ"؛ حتى "يسمعوا دوي الانفجار في دمشق بصوت عالٍ لدرجة أن النوافذ ستهتز".
سألته مائير رداً على ذلك، عما إذا كانت الصواريخ دقيقة. أجاب: "نعم، لكني أعتقد أن بعض المنازل القريبة من المطار يمكن أن تتعرض للقصف، أعتقد أنه سيتعين علينا أولاً وقبل كل شيء، أن نطلق النار على دمشق"، ولكن ديان عارض هذا المقترح.