بعد أن عادت كوريا الشمالية إلى أسلوب الضغط على كوريا الجنوبية لتحصل على ما تريده من الولايات المتحدة، تصدرت شقيقة الزعيم كيم جونغ أون القوية مشهد الحملة الكورية الشمالية التي تمزج بين استعراضات القوة وعروض السلام.
وإذا استؤنفت المفاوضات المتوقفة منذ فترة طويلة، فيرجح أن يجد المسؤولون الأمريكيون والكوريون الجنوبيون أنفسهم يتعاملون مع كيم يو جونغ، التي أدت ترقيتها إلى منصب حكومي مهم هذا الأسبوع إلى منحها صفة رسمية في تولي شؤون السياسة الخارجية لشقيقها، كما يقول تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية.
شقيقة زعيم كوريا الشمالية.. نجم صاعد
في غمرة تجميد المفاوضات الدبلوماسية النووية بين بيونغ يانغ وواشنطن، صدمت كيم يو جونغ كوريا الجنوبية في يونيو/حزيران من العام الماضي حين أمرت بهدم مكتب اتصالات فارغ شيدته كوريا الجنوبية داخل كوريا الشمالية.
وبعد أسابيع، قالت إن كوريا الشمالية لن تعود أبداً إلى التعامل مع واشنطن ما لم تتخذ "خطوات لا رجعة فيها" للتخلي عن سياستها العدائية، وخصت بالذكر العقوبات الاقتصادية المفروضة على كوريا الشمالية والتدريبات العسكرية المشتركة بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
ولم تتراجع كوريا الشمالية عن موقفها حتى الآن، ورفضت عرض إدارة بايدن استئناف المحادثات دون شروط مسبقة.
ولكن في الفترة الأخيرة، تصدرت "كيم يو" المشهد مرة أخرى، حيث أصدرت بيانين منفصلين يعرضان محادثات مشروطة مع كوريا الجنوبية. وفي الوقت نفسه، أجرت كوريا الشمالية أولى تجاربها الصاروخية المعروفة منذ ستة أشهر.
وهذا الأسبوع، عُيّنت شقيقة الزعيم عضواً في لجنة شؤون الدولة، وهي هيئة رفيعة المستوى لصنع القرار يقودها شقيقها.
يقول ليف إريك إيسلي، الأستاذ في جامعة إيهوا في سول: "ترقية كيم يو جونغ يعكس إيمان شقيقها ببراعتها في دور المتحدثة الرسمية الدولية باسم النظام".
كيم يو جونغ.. رقم 2 في كوريا الشمالية
مرت كيم يو جونغ، التي يُعتقد أنها في أوائل الثلاثينيات من عمرها، بانتكاسات محدودة في يناير/كانون الثاني حين خسرت منصب العضو البديل في المكتب السياسي القوي لحزب العمال الحاكم، وانخفضت رتبتها إلى "نائب مدير قسم" في الحزب بعد أن كانت "نائب أول لمدير قسم". ويرى الخبراء أن كيم جونغ أون اعتبرها مسؤولة عن إخفاقات السياسة أو أنه قلق من صعودها السريع.
قد يؤدي دخول كيم يو جونغ اللجنة، وهي مكتب فرعي تنفيذي أسسه شقيقها عام 2016 بعد أن أمضى سنوات في تعزيز سلطته، إلى تعزيز مكانتها السياسية، التي وصفتها مخابرات كوريا الجنوبية بأنها "رقم 2 في كوريا الشمالية".
يقول هونغ مين، المحلل في المعهد الكوري للتوحيد الوطني في سيول: "ضمها للجنة شؤون الدولة سيضفي مزيداً من الثقل الرسمي على تصريحاتها، حيث إنها ستتحدث الآن باعتبارها مسؤولة في السياسة الخارجية مكلفة رسمياً بالتعامل مع واشنطن وسول".
وفي تعديل جذري أُعلن يوم الخميس 30 سبتمبر/أيلول، اُستبعد النائب الأول لوزير الخارجية تشوي سون هوي، الدبلوماسي المخضرم الذي كانت مشاركته كبيرة في مفاوضات البرنامج النووي مع الولايات المتحدة، من اللجنة. وقال هونغ إن هذا دلالة على أن كيم يو جونغ تحظى بدعم شقيقها الكامل في تولي دور أكثر حسماً في إدارة العلاقات مع سول وواشنطن.
"مبعوثة خاصة إلى واشنطن"
يقول كيم يول سو، الخبير في معهد كوريا للشؤون العسكرية في كوريا الجنوبية، إن كيم يو جونغ في وظيفتها الجديدة ستتولى على الأرجح قيادة وفود كوريا الشمالية في محادثاتها مع سول أو واشنطن.
وقال المحلل إنها قد تكون أيضاً مبعوثة خاصة لواشنطن، وتؤدي دوراً مشابهاً لدور كبير مسؤولي الاستخبارات لشقيقها الذي ساعد عام 2018 في تنظيم قمته مع الرئيس الأمريكي آنذاك دونالد ترامب.
وعام 2018، أصبحت أول فرد في عائلة كيم يسافر إلى كوريا الجنوبية بعد الحرب الكورية 1950-1953، فحضرت حفل افتتاح دورة الألعاب الأولمبية الشتوية والتقت بالرئيس الكوري الجنوبي مون جاي إن لتنقل إليه رغبة شقيقها في لقائه.
كوريا الشمالية والأساليب القديمة
يقول محللون إن كوريا الشمالية عادت إلى أسلوبها المألوف الذي يجمع بين استعراضات القوة المتمثلة في إجراء تجارب صاروخية ومبادرات السلام للفوز بتنازلات خارجية من إدارة بايدن، التي لم تبدِ أي استعداد لتخفيف العقوبات ما لم تحرز بيونغ يانغ تقدماً في نزع السلاح النووي.
وفي 11 سبتمبر/أيلول، اختبرت كوريا الشمالية صاروخ كروز جديداً له القدرة على حمل رؤوس نووية، وأطلقت صاروخاً باليستياً من قطار، فضلاً عن تطويرها صاروخاً تفوق سرعته سرعة الصوت. وقالت كوريا الشمالية يوم الجمعة إنها اختبرت صاروخاً جديداً مضاداً للطائرات يقول بعض الخبراء إنه جاء رداً على حصول كوريا الجنوبية على طائرات مقاتلة أمريكية متقدمة.
ورغم عرض كيم يو جونغ إجراء محادثات، التي تشمل عقد قمة بين الكوريتين وإعادة بناء مكتب الاتصالات المهدم، قالت إنه يتعين على كوريا الجنوبية أولاً التخلي عن "المعايير المزدوجة" في تعاملاتها و"سياساتها العدائية". ويقول بعض المراقبين إنها تريد من كوريا الجنوبية إقناع واشنطن بتخفيف العقوبات. وتريد أن تتوقف كوريا الجنوبية كذلك عن انتقاد تصنيع كوريا الشمالية للأسلحة حتى يعترف المجتمع الدولي بها قوة نووية.
وقد حافظت كوريا الشمالية على تعليق تجارب القنابل النووية والصواريخ بعيدة المدى التي تستهدف الأراضي الأمريكية منذ أكثر من ثلاث سنوات، في إشارة إلى رغبتها في الاحتفاظ بخياراتها الدبلوماسية مع واشنطن.