مواطنون بريطانيون يروون معاناتهم المريرة جراء أزمة نفاد الوقود.. حياتهم انقلبت رأساً على عقب

عربي بوست
تم النشر: 2021/09/28 الساعة 20:16 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/09/28 الساعة 20:22 بتوقيت غرينتش
أزمة وقود في بريطانيا/رويترز

نشرت صحيفة The New York Times البريطانية، الإثنين 27 سبتمبر/أيلول 2021، روايات بعض البريطانيين بشأن معاناتهم المتفاقمة على خلفية أزمة نفاد الوقود في الكثير من محطات البيع في المملكة المتحدة، الأمر الذي تسبب في قلب حياة البريطانيين رأساً على عقب، وذلك بالرغم من محاولة الحكومة طمأنة المواطنين.

منذ أيام، تعاني محطات الوقود تهافتاً غير مسبوق من أصحاب المركبات على شراء كميات تفوق حاجتهم من المشتقات، بسبب نقص في عدد العاملين في قطاع الشحن البري.

ففي بلدة بايلدون الإنجليزية الواقعة شمال البلاد، اضطر أحد المواطنين ويدعى جاغ سانغيرا، لأن يركب القطار كي يصل إلى العمل بدلاً من قيادة السيارة من أجل توفير الوقود الضروري لاصطحاب ابنته إلى الحضانة.

كما حاول مواطن آخر في غرب لندن، يدعى ليد إبراهيم ويعمل سائقاً لدى شركة أوبر، زيارة ما لا يقل عن سبع محطات وقود، حتى وجد أخيراً محطة وقود مفتوحة في الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وانتظر في طابور طويل لـ80 دقيقة.

أما في الجانب الآخر من مدينة لندن، فقال مواطن يدعى نيك داي إن شركة الإسعاف الخاصة التي يعمل فيها أُجبرت على خفض عدد سيارات الإسعاف التي تعمل على الطريق من 6 سيارات إلى 4 سيارات فقط.

اختفاء الوقود

كان البريطانيون قد شهدوا اختفاء الوقود، الذي كانوا يعدونه شيئاً مضموناً، فضلاً عن سد الطرق بسبب احتشاد السيارات في طوابير أمام محطات الوقود، والتعطل المفاجئ للأعمال التجارية التي تعتمد على الوقود.

من جهته، أكد دلو أودين، مالك شركة Bricklane Minicab التي تقدم خدمات سيارات الأجرة شرق لندن، أنه عادةً يوظف 10 سائقين، ولكن منذ يوم الأحد 26 سبتمبر/أيلول لم يأتِ منهم إلا اثنان، موضحاً أن السائقين الآخرين لا يريدون قيادة سياراتهم بعيداً عن منازلهم، لأنهم يخشون نفاد الوقود والعجز عن العودة إلى بيوتهم بسبب ذلك.

أودين أشار إلى أن الموقف سيئ للغاية، مضيفاً أن الوقود نفد من محطات الوقود بالمنطقة. وقال: "لم يراودني قط حلمٌ بأن هذا يمكن أن يحدث في إنجلترا".

بدورها، قالت جمعية تجار التجزئة للبنزين، التي تمثل تجار الوقود بالتجزئة الذين تصل نسبتهم إلى 65% من إجمالي محطات الوقود في البلاد، إن الأعضاء أبلغوا عن نفاد الوقود من 50% إلى 90% من المحطات في بعض المناطق.

إلقاء اللوم على المواطنين

في المقابل، ذكر وزير البيئة البريطاني جورج يوستيس، قبل اجتماع وزراء الحكومة للنظر في الأزمة، أن شح الوقود يمكن أن يزول إذا توقف الأشخاص عن ملء خزانات الوقود في سياراتهم على آخرها أكثر من اللازم.

الوزير أوضح، في تصريحات إعلامية، أن "السبب وراء هذه المشكلات الحالية يكمن في حلقة الشراء بدافع الهلع، والأهم بالنسبة للأشخاص أن يبدأوا في شراء الوقود مثلما يفعلون في الوضع الاعتيادي"، مضيفاً أن هناك إمدادات كافية في البلاد حتى إن كانت هناك مشكلة في توصيل الوقود إلى المحطات.

كما ألقى وزير النقل البريطاني غرانت شابس، باللوم على قطاع الشحن البري، وحمّله مسؤولية التسبب بتهافت المواطنين على شراء الوقود من محطات البيع.

شابس نوّه إلى أن "قطاع الشحن البري ساهم بشكل مباشر في ازدياد تهافت المستهلكين على شراء الوقود، من خلال تصريحات غير مسؤولة حول وجود نقص وقود في البلاد. هذا غير صحيح".

لكن النقاد انتقدوا هذه التعليقات ووصفوها بأنها محاولة لإلقاء اللوم على كواهل المواطنين البريطانيين للتسبب في هذا النقص، الذي نتج عن آثار السياسات الحكومية- وإن كان بصورة جزئية- مثل قيود ما بعد بريكست المفروضة على الهجرة من بلاد الاتحاد الأوروبي.

وفق وسائل إعلام بريطانية، لم تُحدث تطمينات الحكومة أثراً كبيراً حول بريطانيا من أجل تخفيف حالة الإحباط.

بدوره، قال سانغيرا، الذي يعمل ممثلاً ويسكن في بلدة بايلدون في مقاطعة ويست يوركشاير، إنه قاد سيارته متجهاً إلى عدد من المحطات، يوم الأحد 26 سبتمبر/أيلول، كي يملأ خزان الوقود؛ استعداداً للعمل هذا الأسبوع واصطحاب ابنته البالغة من العمر عامين إلى الحضانة. لكنه غادر بعد أن أبلغوه بأن الديزل فقط هو المتاح.

فيما أوضح سانغيرا: "عدت إلى المنزل وأنا أشعر بالسوء لأني عرفت أنني أهدرت بعض الوقود الذي ربما كان سيكفي لاصطحاب ابنتي إلى الحضانة والعودة منها، على الأقل من أجل اليوم".

كان خزان الوقود الخاص بسيارة سانغيرا خالياً تقريباً، يوم الإثنين 27 سبتمبر/أيلول، عندما نبهته صفحة لمجتمعه المحلي على فيسبوك بأن هناك محطة وقود قريبة لديها بعض المؤن.

إلا أنه اتخذ تدابير احتياطية بركوب القطار بدلاً من قيادة سيارته، لأن الوقود "يمكن استخدامه فقط لرحلة اصطحاب ابنتي إلى الحضانة وعودتها منها"، حسبما أوضح.

أيضاً استُقبل مواطن بريطاني آخر يدعى تانفير مينهاس بمشاهد فوضوية عندما وصل إلى محطة الوقود المحلية بمنطقته جنوب لندن يوم الأحد الماضي، مضيفاً: "كان هناك ازدحام مروري، واصطفاف لما لا يقل عن شارعين، ويأتي أيضاً من الجهة المقابلة". وفي اليوم التالي، هُجرت المحطة وكانت هناك لافتات صفراء فوق مضخات الوقود تقول إنها خارج الخدمة.

تدريب أفراد الجيش

من جانبه، لفت رئيس جمعية تجار التجزئة للبنزين، بريان مادرسون، إلى وجود "ثمة تدريب يدور في الكواليس لأفراد الجيش"، لكنه أضاف أن هذا يمكن أن يكون مفيداً فقط لنقل إمدادات الوقود من نقطة إلى أخرى، وليس تحميل وتفريغ الوقود، وهي وظيفة بمهارات محددة وتتطلب تدريبات.

على جانب آخر، لم تُبلَغ مجموعات الصناعة بأي تفاصيل حول خطة الحكومة لتقديم 5000 تأشيرة قصيرة الأجل إلى سائقي الشاحنات الأجانب. وقالت الحكومة إنها قد تستهدف إصدار التأشيرات خلال 15 يوماً من التقدم بالطلب.

فيما قالت شركات رائدة في مجال الوقود في بيان مشترك أمس الإثنين: "نظراً إلى أن عديداً من السيارات تحتفظ الآن بمزيد من الوقود أكثر من المعتاد، نتوقع أن يعود الطلب إلى المستويات الاعتيادية في الأيام القادمة، مما يخفف الضغط على ساحات محطات الوقود".

غير أن هذا غير مؤكد على الإطلاق.

في هذا الإطار، يقول ألان دافيسون، المدير الإداري لشركة Hoyer Petrolog U.K، وهي موزع رئيسي للوقود في البلاد: "نصبُّ 100% من تركيزنا على عمليات التوصيل، والتوصيل يتم في جميع أنحاء البلاد. ومع ذلك، ما دام الأشخاص يواصلون شراء وتخزين الوقود الذي لا يحتاجون إليه، فسوف يكون من الصعب سد النقص في المواقع".

تحميل المزيد