كان الأول من مايو/أيار عام 1947 هو اليوم الأخير في حياة إيفلين ماكهيل، الفتاة الأمريكية الشابة التي خُلدت صورتها للأبد في ذاكرة التاريخ، بعد أن أصبحت صاحبة "أجمل انتحار" في العالم.
ما يُعرف من معلومات حول حياتها الشخصية
وبالرغم من أن حياة إيفلين ماكهيل قبل إقدامها على قتل نفسها بطريقة مأساوية غامضة للغاية، لكن وفقاً للصحف الأمريكية، وُلدت الشابة في مدينة بيركلي بولاية كاليفورنيا لوالدين متوسطي المستوى، وهما فينسينت وهيلين ماكهيل.
وكانت إيفلين واحدة من بين ثمانية إخوة وأخوات.
وحوالي عام 1930، انتقلت إيفلين وإخوتها وأخواتها إلى مدينة نيويورك والاستقرار هناك مع والدهم، بعد أن أقدم الزوجان على الطلاق، وفقاً لموقع Medium.
ومن بين المعلومات المحدودة عن الفتاة، كانت إيفلين عضوة فاعلة في فيلق الجيش النسائي خلال مرحلة دراستها في المدرسة الثانوية، وتمركزت فرقتها في جيفرسون سيتي بولاية ميسوري. وقد عادت إلى نيويورك وعاشت مع شقيقها وزوج أختها حتى تاريخ وفاتها المأساوية.
وقد عملت كمحاسبة في شركة Kitab Engraving Company في شارع بيرل بمدينة مانهاتن. وكان هذا هو المكان الذي اعتادت فيه الشابة أن تلتقي بخطيبها باري رودس، الذي كان طالباً جامعياً تم تسريحه من القوات الجوية للجيش الأمريكي.
ووفقا لتقرير نشره موقع All That's Interesting، كانت إيفلين ماكهيل وباري رودس يعتزمان الزواج في منزل الأخوين باري في تروي في نيويورك خلال شهر يونيو/حزيران عام 1947، إلا أن حفل زفافهما لم يتم أبداً.
لماذا أقدمت إيفلين ماكهيل على الانتحار؟
لم يسبق للشابة العشرينية وفقاً لمعارفها أن يكون لها أية ميول انتحارية أو خارجة عن المألوف. ففي اليوم السابق لوفاتها، زارت الفتاة خطيبها باري بينما كان في ولاية بنسلفانيا. ووفقاً لتصريحاته اللاحقة للصحف الأمريكية، ذكر أن كل شيء كان طبيعياً ولم يكن هناك شيء غير عادي عندما غادرت إيفلين.
لكن وفقاً لأرجح الروايات التي تم تداولها في ذلك الوقت، يُعتقد أن الشاب كان قد فسخ خطبته من إيفلين في ذلك اليوم، ليكون هذا هو السبب وراء قرارها بقتل نفسها.
وفي صباح يوم وفاتها، توجهت إيفلين إلى مبنى Empire State وشقت طريقها إلى أعلى نقطة في المبنى، وهي منصة المراقبة في الطابق الـ86.
وهناك، خلعت معطفها الأنيق ووضعته على الدرابزين بعناية، ثم كتبت رسالتها الأخيرة ووضعتها بجانب معطفها. وعلى الرغم من وقوف حارس الأمن على بعد 10 أقدام فقط منها، إلا أن إيفلين صعدت على السور وقفزت.
وقد سقط جسد الشابة ذات الـ23 عاماً فوق سيارة ليموزين تابعة للأمم المتحدة كانت متوقفة في انتظار قرب الرصيف أسفل البناية الأشهر في الولايات المتحدة في ذلك الوقت.
سبب إطلاق لقب "أجمل انتحار" على الحادث المأساوي
خصصت مجلة لايف الأمريكية صفحة كاملة لنشر الصورة التي التقطها طالب التصوير اليافع روبرت وايلز. وتُعد الصورة غير عادية من عدة نواحٍ- فبعد سبعة عقود، لا تزال واحدة من أشهر صور الانتحار على الإطلاق.
وجنباً إلى جنب مع صورة مالكولم براون عام 1963 للراهب البوذي الذي حرق نفسه احتجاجاً على العنصرية والاضطهاد بحق البوذيين في فيتنام، إضافة إلى عدد صغير من الصور الأخرى لرجال ونساء شوهدوا قبل أو أثناء أو بعد قتل أنفسهم، فإن صورة إيفلين ماكهيل مميزة بشكل خاص ومؤسف.
ويعود ذلك وفقاً لمجلة Time، إلى أن الفتاة تبدو في الصورة "رفيعة وراقية" بشكل معين، وجذابة بل حتى جميلة جداً في هيئتها الأخيرة.
ففي صورة وايلز، تبدو إيفلين كما لو كانت تستريح أو تغفو بهدوء تام، على الرغم من أنها نظرياً ملقاة بلا حياة وسط الزجاج المحطم والفولاذ الملتوي للسيارة أسفل منها، إلا أنه لم يبدُ هناك أي مظهر من مظاهر الجروح أو الدماء على وجهها وجسدها.
وبحسب المجلة، فقد كان كل شيء في شكل إيفلين يوحي بنوع من "الرُّقي والهدوء"، على سبيل المثال يدها التي ترتدي قفازاً شتوياً جميلاً، بينما اليد الأخرى تمسك عقدها اللامع والمنسدل من عُنُقها؛ علاوة على كاحليها المفرودين برفق فوق بعضهما البعض في وضعية مُهذبة.
رسالتها قبل القفزة الأخيرة
وفقاً لرجال التحقيقات في الواقعة، كتبت إيفلين رسالة أخيرة قبل أن تنهي عمرها الذي لم يتجاوز الـ23 عاماً، وتركت الخطاب قرب المعطف قبل أن تقفز بعيداً عن نتوءات البناية وتسقط فوق سيارة ليموزين تابعة للأمم المتحدة كانت متوقفة عند الرصيف.
ووفقاً للشرطة لم تعطِ المذكرة أي دليل حول سبب قيامها بالانتحار، وكان كل ما جاء فيها هو طلبها بأن يتم حرق جثمانها بعد العثور عليها.
وجاء في المذكرة: "لا أريد أن يرى أي شخص داخل أو خارج عائلتي أي جزء من جسمي.. هل يمكن أن تحرقوا جسدي؟ أتوسل إليكم ومن عائلتي- ليس لدي أي خدمة لي أو ذكرى لي. طلب مني خطيبي الزواج منه في يونيو/حزيران. لا أعتقد أنني سأكون زوجة صالحة لأي شخص. إنه أفضل حالاً بدوني. أخبروا والدي، لدي الكثير من ميول أمي".
وقد سمع طالب التصوير روبرت وايلز في الجهة المقابلة من الشارع صوت اصطدام جسدها بالمعدن، وللمصادفة كان يحمل كاميرته فالتقط صورة لها وهي مستلقية على سطح السيارة المنهارة بعد 4 ثوانٍ من الارتطام وفقاً لموقع Rare Historical Photos.
واستجابة لرغباتها، تم حرق جثتها ولم تحظَ بجنازة، إلا أن صورة جسدها الملقى وسط لآلئ الزجاج المهشم والحديد المُتكسِّر باتت إحدى أبرز العلامات التي تُدلل على مأساوية الانتحار، حتى وإن بدا أنيقاً وهادئاً على هذا النحو.