بعد قضاء ساعات طويلة في العمل قد يكون أول ما يخطر ببالك هو التوجه إلى مقهى قريب لتناول كوب ساخن من قهوتك المفضلة، ولقاء بعض الأصدقاء أو قراءة كتاب أو ممارسة هواية تحبها كالرسم أو الكتابة.
أما إذا كنت تعمل من المنزل أو لا زلت طالباً أو حتى لديك عملك الخاص الذي تديره بنفسك، فعلى الأرجح أنك تقوم بزيارة المقاهي حولك مع حاسبك الشخصي وأوراق عملك، وتقضي ساعات هناك تنجز عملك، لكن مع شعور مختلف من الراحة قد لا تمنحك إياه بيئة المنزل أو المكتب.
على الرغم من أن المقاهي هي عادة أمكنة رائعة للراحة وشرب القهوة مع الأصدقاء في الأمسيات وعطلات نهاية الأسبوع، لكن يبدو أنها ببيئاتها المريحة أصبحت أكثر شعبية باعتبارها مساحة العمل المثالية للموظفين عن بُعد والطلاب وأصحاب الأعمال الخاصة.
من التركيز والإبداع إلى زيادة الإنتاجية، اكتشف معنا فوائد العمل والدراسة في المقهى، وتعلم كيف يمكنك القيام بذلك بشكل منتج قدر الإمكان.
المقاهي.. أماكن إبداع الرسّامين والكتّاب
من بابلو بيكاسو وجي كي رولينغ إلى سيمون دي بوفوار وجان بول سارتر وبوب ديلان، سواء كانوا رسامين أو مغنين أو مؤلفي أغان أو فلاسفة أو كتاباً، فقد أبدع الكثير من الشخصيات المميزة عبر التاريخ بالعمل على طاولة صغيرة في مقهى.
هناك العديد من الطرق التي تحفز بها المقاهي إبداعنا بطريقة لا تفعلها المكاتب والمنازل، تُظهر الأبحاث التي قامت بها جامعة أكسفورد عام 2012 أن المستوى المعتدل من الضوضاء المحيطة، مثل قعقعة الأطباق وأزيز آلة القهوة يحسن الأداء في المهام الإبداعية ويجعل هذه الأماكن بيئات فعالة للعمل.
تكمن الفكرة في أنه إذا تم تشتيت انتباهك قليلاً عن المهمة التي تقوم بها بسبب المحفزات المحيطة، فهذا يُعزز قدرتك على التفكير المجرد، ما قد يؤدي إلى توليد أفكار أكثر إبداعاً.
"تأثير المقهى".. أداء أفضل وإنتاجية أعلى
للضوضاء في المقهى آثار تزيد عن الإبداع، فقد تبين أنها تزيد من قدرتك على العمل والإنتاج بشكل أفضل.
قام أونو فان دير جروين، الباحث في علم النفس العصبي من جامعة Edith Cowan في أستراليا، بربط العمل من المقهى بزيادة الإنتاجية، وهو ما يُعرف باسم ظاهرة "تأثير المقهى".
يُظهر بحثه الذي تم في عام 2016 أن المقهى مليء بعنصر تعزيز الإنتاجية، ومنها ما يسميه العلماء "الرنين العشوائي"، وهو الضوضاء الخلفية التي تساعد عقلك على التركيز والأداء بشكل أفضل.
توصّل جروين إلى أن الضوضاء الخلفية تعزز الإشارات الحسية في الدماغ، وأن تلك الإشارات الدماغية المحفزة تعزز الحالة المزاجية وتجعلك ترى وتسمع وتشعر بشكل أفضل، وبشكل لا يصدق تُحفز الإدراك البشري واتخاذ القرار.
وقد أظهر البحث الأحدث الذي توصل إليه جروين عام 2019، أن الإشارات الحسية الناتجة عن الضوضاء في الخلفية تساعد الدماغ على رؤية الأشياء من وجهات نظر جديدة.
الرغبة في العمل مُعدِية!
هناك أيضاً حقيقة أننا في المقهى قد نكون محاطين ببعض الأشخاص أتوا للقيام بنفس الشيء مثلنا، والذي يعمل محفزاً كبيراً لنا على الاستمرار والتركيز.
دعمت دراسة قام بها قسم علم النفس في جامعة لوفين في بلجيكا عام 2016 هذه الفكرة، عندما طلب الباحثون من المشاركين الجلوس بجانب بعضهم البعض للقيام بمهمة على شاشة الكمبيوتر.
أظهرت الدراسة أن "مجرد أداء مهمة بجانب شخص يبذل الكثير من الجهد في مهمة ما سيجعلك تفعل الشيء نفسه ويحسن من أدائك".
وهذا ما يشير له علماء النفس أيضاً بظاهرة "تأثير الجمهور"، التي تدرس تأثير الأشخاص حولنا وما يقومون به، علينا وعلى أدائنا.
التنوع البصري.. يُحسِّن الأداء
أحد الأشياء التي يمكن أن تجعل العمل من المنزل والمكتب مرهقاً هو البيئة المرئية المحيطة بنا، فنحن غالباً ما نجلس على نفس الكرسي وننظر إلى الجدران الأربعة نفسها طيلة الوقت.
التحفيز البصري له تأثير على عملية التفكير الإبداعي لدى الأشخاص. تحتوي المقاهي عموماً على محفزات بصرية متنوعة كالأضواء واللوحات والنباتات والديكورات المميزة والشرفات ذات الإطلالات المريحة أحياناً.
كما أن خيار الذهاب إلى المقاهي المختلفة في كل مرة يجعل الأمور أكثر تنوعاً ومتعة، بيئة مختلفة، ومنظور مختلف، وزيادة في الإنتاجية، وأداء أفضل.
خطوات تساعدك على العمل بشكل أفضل من المقهى
على الرغم من كل الفوائد التي ذكرناها سابقاً فإن الأماكن العامة ليست كلها مناسبة للعمل بشكل متساوٍ، من حيث بيئتها أو حجم الضوضاء فيها. هذه النصائح ستساعدك على الإنتاج بشكل أفضل من المقهى:
كن انتقائياً في اختيار المقهى
ليست كل المقاهي مناسبة للعمل، في حين أن أي مساحة بها طاولة وإنترنت يمكن أن تكون مكاناً مناسباً لك للعمل أو الدراسة، فإن بعض المقاهي تكون مناسبة للأشخاص الذين يجلسون لمدة قصيرة فقط.
كما أن بعض المقاهي قد تتميز بالموسيقى العالية جداً، وقد تكون مزدحمة جداً بالناس لدرجة تمنعك من العمل.
اعثر على مقهى به مقاعد مريحة واتصال إنترنت قوي ومنافذ كهربائية متوفرة وبيئة تخلق مساحة مثالية للتركيز على عملك أو دراستك.
الأناقة مهمة
رغم أنه لا داعي لارتداء لباس رسمي أثناء الذهاب إلى المقهى، ولكن يجب أن ترتدي ملابس تُشعرك بالراحة، لكن يجب أيضاً أن تتأكد من أنك تبدو أنيقاً.
كما أنه من الجيد إحضار سترة أيضاً، في حالة وجود تكييف قوي في المبنى قد تشعر بالبرد، ولن تستطيع العمل بشكل جيد.
كن جاهزاً للعمل
تتمثل إحدى فوائد العمل من المنزل في أنك قد تتمتع بالمرونة في جدولك اليومي، لكن قبل التوجه إلى المقهى استرخِ وتناول وجبة الإفطار حتى تكون في مزاج العمل بحلول الوقت الذي تصل فيه إلى المقهى، ولا تفكر في أي شيء آخر.
خطِّط مسبقاً
بحلول الوقت الذي تفتح فيه الكمبيوتر المحمول، يجب أن يكون لديك جدول عمل لما ستقوم به، خطِّط لما تحتاج إنجازه حتى تكون مستعداً للعمل بمجرد وصولك.
اترك هاتفك في الوضع الصامت أو وضع الطائرة
ما لم تكن بحاجة إلى أن تكون متاحاً على الفور للتحدث إلى صاحب العمل أو العملاء، فالأفضل وضع هاتفك في الوضع الصامت أو وضع الطائرة، حتى لا تضيع أي وقت في تصفح وسائل التواصل الاجتماعي.
يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.
إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.