لا نجده بكثرة في الزهور أو الفواكه أو فراء الحيوانات… لماذا يندر اللون الأزرق في الطبيعة؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/09/15 الساعة 10:17 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/09/15 الساعة 10:17 بتوقيت غرينتش
istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟

عندما تنظر إلى السماء أو تتأمل الامتداد اللامتناهي للمحيطات ستعتقد أن اللون الأزرق هو الأكثر شيوعاً في الطبيعة، لكن من ناحية أخرى إذا أمعنت النظر في الأشجار والنباتات والزهور والحيوانات متعددة الألوان ستلحظ أن اللون الأزرق شديد الندرة في واقع الأمر.. لكن لماذا؟

istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟
istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟

اللون الأزرق نادر في الطبيعة.. لماذا؟ العلم يجيب

سنجد في فهم الكيمياء والفيزياء الخاصة بكيفية تولد الألوان إجابة شافية عن هذا السؤال، لذا:

دعونا نفهم أولاً كيف ترى أعيننا الأطياف المختلفة من الألوان

نحن نستطيع رؤية الألوان المختلفة لأن أعيننا تحتوي على ما بين 6 و7 ملايين خلية حسَّاسة للضوء، تسمَّى المخاريط.

وهناك ثلاثة أنواع مختلفة من المخاريط في عين الإنسان، وكلَّ نوعٍ من هذه المخاريط يكون أكثر حساسية لطولٍ موجي معين من الضوء: الأحمر أو الأخضر أو الأزرق.

تصل المعلومات من المخاريط إلى أدمغتنا في هيئة إشاراتٍ كهربائية تنقل جميع أطياف الضوء المنعكس التي تفسرها أدمغتنا على أنها درجات مختلفة من الألوان. 

فلنفترض أننا ننظر إلى زهرة على سبيل المثال، ما يحدث أن ضوء الشمس الأبيض يسقط على الزهرة، فتقوم الزهرة بامتصاص أطياف معينة من الضوء، بينما تعكس (أو ترفض) أطيافاً أخرى، وفي هذه الحالة ترى أعيننا الطيف المنعكس من الزهرة.

فعندما تكون الزهرة زرقاء على سبيل المثال، فإنها تكون قادرة على امتصاص الطيف الأحمر وعكس الطيف الأزرق، أي أننا نرى اللون الأزرق لأنه الطيف الذي رفضته الزهرة وقامت بعكسه.

istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟
istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟

نستطيع القول إذاً إن معظم الزهور والنباتات مغرمة باللون الأزرق، الذي يمتلك طاقة عالية، لذا تقوم بامتصاصه، بينما تعكس ألواناً أخرى تراها أعيننا مثل الأحمر والأصفر والأخضر، وفقاً لموقع Slightlyblue.

ملاحظة: معظمنا يعلم أن ضوء الشمس يتكون من 7 أطياف مرئية، هي الأحمر والبرتقالي والأصفر والأخضر والأزرق والبنفسجي والنيلي، وما هذه الألوان سوى موجات كهرومغناطيسية لكل منها طول معين، وينتج عن امتزاج أطوال موجية مختلفة الألوان الأخرى التي تستطيع العين البشرية تمييزها، مثل الوردي والأرجواني والقرمزي وغيرها.

istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟
istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟

لكن لِمَ تعتبر الأزهار الزرقاء نادرة الوجود؟

تتميز ألوان الطيف المرئي بأطوال موجية مختلفة كما ذكرنا، وأطولها على الإطلاق يمتلكها اللون الأحمر، ولأن اللون الأحمر يتمتع بتلك الخاصية فهو منخفض الطاقة للغاية مقارنةً بالألوان الأخرى.

يقول الباحث كاي كوبفرشميت، مؤلِّف كتاب "الأزرق: بحثاً عن أندر لونٍ في الطبيعة"، لمجلة Live Science الأمريكية: "لكي تظهر الزهرة باللون الأزرق يجب أن تكون قادرةً على إنتاج جزيءٍ يمكنه امتصاص كمية صغيرة جداً من الطاقة"، من أجل امتصاص الجزء الأحمر من الطيف وعكس الطيف الأزرق إلى أعيننا. 

ومن الصعب على النباتات إنتاج مثل هذه الجزئيات- الكبيرة والمُعقَّدة- ولهذا السبب تشكل الزهور الزرقاء أقل من 10% من النباتات المزهرة في العالم، التي يبلغ عددها 300 ألف نوع تقريباً.

ويتمثَّل أحد الدوافع المحتملة لتطوُّر الأزهار الزرقاء ونموها في أن اللون الأزرق مرئيٌّ للغاية للملقحات مثل النحل، وقد يفيد إنتاج الأزهار الزرقاء النباتات في النظم البيئية، حيث تكون المنافسة على الملقحات عالية، كما يقول أدريان داير، الأستاذ المشارك وعالم الرؤية في معهد رويال ملبورن للتكنولوجيا في أستراليا. 

istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟
istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟

ماذا عن الحيوانات؟

لا تأتي ألوان الحيوانات الزرقاء من أصباغٍ كيميائية، إنما تعتمد هذه الألوان على الفيزياء لتوليد مظهرٍ أزرق.

تمتلك الفراشات ذات الأجنحة الزرقاء بنى نانوية مُعقَّدة ومتعدِّدة الطبقات على حراشف أجنحتها، وهذه البنى تتعامل مع طبقات الضوء، بحيث تلغي الألوان بعضها البعض وينعكس اللون الأزرق فقط.

يحدث تأثيرٌ مماثلٌ في الهياكل الموجودة في ريش القيق الأزرق، وقشور التانغ الزرقاء، وحلقات الأخطبوط الزرقاء السامة. 

تعتبر الأطياف الزرقاء في الثدييات أندر مِمَّا هي في الطيور والأسماك والزواحف والحشرات.

istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟
istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟

بعض الحيتان والدلافين لها جلدٌ مائل للزرقة. أما الرئيسيات، مثل القرد الذهبي أفطس الأنف، فلها وجوهٌ زرقاء، لكن الفراء، وهو سمة مشتركة بين الكثير من الثدييات على سطح الأرض، لا تكون أبداً زرقاء ساطعة بشكلٍ طبيعي (على الأقل ليس في الضوء المرئي، إذ وجد الباحثون مؤخَّراً أن فرو جلد خلد الماء يضيء بطيفٍ زاهٍ من اللونين الأزرق والأخضر عند تعرُّضه للأشعة فوق البنفسجية). 

لكن الأمر يتطلَّب الكثير من العمل لتوليد هذا اللون الأزرق، وبالتالي يصبح السؤال الآخر هو: ما هي الأسباب التطوُّرية لتوليد اللون الأزرق؟ ما الحافز لذلك؟ يقول كوبفرشميت: "الشيء الرائع عندما تغوص في عوالم الحيوانات هذه هو مَن يتلقَّى الضوء المنعكس، وهل يمكنه رؤية اللون الأزرق؟ 

على سبيل المثال، في حين أن لدى البشر ثلاثة أنواع من مستقبلات استشعار الضوء في الأعين، فإن الطيور لديها نوع رابع من المستقبلات لاستشعار الأشعة فوق البنفسجية.

istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟
istock اللون الأزرق .. لماذا يندر في الطبيعة؟

أوضح كوبفرشميت أن الريش الذي يظهر باللون الأزرق للعين البشرية "يعكس في الواقع المزيد من ضوء الأشعة فوق البنفسجية أكثر من الضوء الأزرق".

وبهذا المنطق، فإن الطيور التي نسميها بـ"القرقف الأزرق"، "ربما تكون تسميتها الصحيحة القرقف فوق البنفسجي، لأنها ترى اللون فوق البنفسجي الذي لا نستطيع نحن البشر تمييزه".

ومن المثير للاهتمام أن نعلن أنه وبسبب ندرة اللون الأزرق في الطبيعة، كانت كلمة أزرق متأخِّرةً نسبياً في اللغات حول العالم، حيث ظهرت بعد كلمات الأسود والأبيض والأحمر والأصفر، وفقاً لكوبفرشميت.

تحميل المزيد