كشف وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد، الأحد 12 سبتمبر/أيلول 2021، عن خطة جديدة في التعامل مع غزة تقوم على مبدأ الهدوء والأمن مقابل الاقتصاد، وذلك في خفض كبير للسقف الذي تبنته تل أبيب بعد عدوانها الأخير على القطاع، وكذلك مع قدوم الحكومة الجديدة برئاسة نفتالي بينت.
فمنذ العدوان الأخير على قطاع غزة مايو/أيار 2021، تواصل سلطات الاحتلال محاصرة القطاع وتعطل عمليات إعادة البناء ووصول المنحة القطرية لغزة لآلاف العائلات الفقيرة والموظفين كذلك، إذ تشترط آليات محددة تدعي أنها تهدف لئلا تصل الأموال ليد حركة حماس.
التعطيل الإسرائيلي انتهى الأحد 12 سبتمبر/أيلول 2021 حينما أعلن مبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط تور وينسلاند، أن المنظمة الدولية ستبدأ توزيع مساعدات نقدية لآلاف الأسر الفقيرة في قطاع غزة بموجب برنامج تموله قطر.
الهدوء مقابل الاقتصاد
وزير الخارجية الإسرائيلي طرح خطته الجديدة التي قال إنه "ناقشها مع عدد من قادة العالم بمن فيهم وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إضافة إلى مسؤولين في مصر والاتحاد الأوروبي والخليج"، وفق ما نقلته صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية.
اعتبر لبيد خطته التي سماها "الاقتصاد مقابل الأمن في غزة"، أكثر واقعية مما كان يُسمى سابقاً "إعادة التأهيل من أجل نزع السلاح في غزة"، حيث كانت تصر تل أبيب على نزع سلاح المقاومة كشرط لفك الحصار المستمر منذ عام 2007 عن قطاع غزة.
أوضح كذلك أن الخطة تعتمد مرحلتين؛ الأولى تكون بإعادة الإعمار وتقديم الاحتياجات الإنسانية في غزة، مقابل إضعاف قوة "حماس" العسكرية عبر قوات دولية، دون تقديم توضيحات بهذا الخصوص.
أما المرحلة الثانية، بحسب لابيد، فأطلق عليها: "خطة اقتصادية كاملة تضمن الأمن"؛ بحيث تساهم في اختلاف شكل الحياة كلياً وعلى نحو إيجابي في قطاع غزة.
وقال إن "المرحلة الثانية تكون بضمان الأمن، وقبول غزة بتفاصيل المرحلة الأولى، إضافة إلى تولي السلطة الفلسطينية زمام الأمور على صعيد الإدارة المدنية والاقتصادية في القطاع".
لفت لابيد إلى أنّه وكجزء من المرحلة الثانية؛ سيتم تطوير مشروع الجزيرة الاصطناعية قبالة ساحل غزة؛ مما سيسمح ببناء ميناء، كما سيتم بناء شبكة مواصلات بين قطاع غزة والضفة الغربية.
وأضاف أنّ المرحلة الثانية ستتضمن، كذلك، تعزيز الاستثمار الدولي داخل قطاع غزة والمشاريع الاقتصادية المشتركة مع إسرائيل ومصر والسلطة الفلسطينية.
وتفرض إسرائيل ومصر حصاراً على غزة منذ عام 2007 وترجعان ذلك إلى تهديدات من حماس، فيما يقول البنك الدولي إن القيود أسهمت في ارتفاع معدلات البطالة والفقر في القطاع الذي يقطنه مليونا فلسطيني.
عودة المنحة القطرية
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن مبعوث الأمم المتحدة في الشرق الأوسط عودة المنحة القطرية إلى غزة بعد توقفها منذ عدوان مايو/أيار، حيث قال المسؤول إنه بموجب خطة التمويل المعدلة التي تمت بالتنسيق بين قطر والأمم المتحدة وأيدتها إسرائيل سيتم ضخ الأموال عبر أكثر من 700 نقطة توزيع في أنحاء قطاع غزة.
قال تور وينسلاند مبعوث الأمم المتحدة للشرق الأوسط على تويتر إن نحو 100 ألف مستفيد سيبدأون في الحصول على المساعدات النقدية منذ الإثنين.
كان المبعوث القطري العمادي قد قال إن قطر ستستأنف قريباً تمويلاً منفصلاً لموظفي الخدمة المدنية والأسر الفقيرة في القطاع بموجب آلية جديدة تشارك فيها الأمم المتحدة والسلطة الفلسطينية، التي تمارس حكماً ذاتياً محدوداً في الضفة الغربية.
تقضي الخطة بإيداع أموال في بنوك السلطة الفلسطينية في غزة، ولكنها عادت للتراجع عن ذلك بسبب مخاوف من أن تعرّضها المشاركة لمشاكل قانونية أمام الجهات الدولية التي تعتبر حماس منظمة إرهابية، حسب ما قالت.
قالت اللجنة القطرية لإعادة إعمار غزة في بيان إنها "تعمل حالياً على حل الإشكالية وإيجاد طريقة بديلة لصرف منحة موظفي غزة".
لم تصدر السلطة الفلسطينية بعد تعليقاً. وقالت حماس إن الخطوة التي اتخذتها السلطة الفلسطينية تعكس رغبتها "في تعميق الأزمة الإنسانية في قطاع غزة بدل المساهمة في حلها".
كانت قطر الغنية بالغاز تنفق 30 مليون دولار شهرياً للمساعدة في تشغيل محطة توليد الكهرباء الوحيدة في قطاع غزة ودعم الأسر المحتاجة والموظفين العموميين في المؤسسات الحكومية في غزة.
في 22 مايو/أيار الماضي، أعلن وقف إطلاق نار بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل برعاية مصرية، لينهي مواجهة عسكرية استمرت 11 يوماً، دمر فيها القصف الإسرائيلي البنية التحتية والشقق السكنية في مناطق مختلفة من القطاع.
وعلى وقع استمرار الحصار والتضييق على قطاع غزة، تقدم سلطات الاحتلال على قصف مواقع في غزة بين الفترة والأخرى؛ مبررة ذلك بإطلاق البالونات الحارقة على الأراضي الزراعية التي استولى عليها المزارعون في محيط القطاع.