قالت شبكة CBS News الأمريكية 9 السبت 11 سبتمبر/أيلول 2021، إن السلطات السعودية سمحت لمراسلة الشبكة هولي ويليامز، بإجراء جولة في سجن حائر؛ وذلك في محاولة من المملكة لدرء شبهة التورط في أحداث 11 سبتمبر/أيلول، التي تصادف هذه الأيام ذكراها 20، وسط دعوات أمريكية للكشف عن وثائق سرية يعتقد أهالي الضحايا أنها تحتوي أدلة تؤكد تورط الرياض في الحادثة.
ففي الوقت الذي تستعد فيه الولايات المتحدة للاحتفال بالذكرى العشرين لهجمات 11 سبتمبر/أيلول، تراجع إدارة بايدن علاقة المملكة بتلك الحادثة التي شارك فيها 15 مواطناً سعودياً من أصل 19 منفذاً.
على الرغم من نفَس السعودية المتواصل لدفع أي تورط لها في هجمات 11 سبتمبر/أيلول، فإن الصحفية هولي ويليامز، حصلت على وصول نادر إلى سجنٍ سعوديٍّ للأشخاص المدانين بجرائم إرهابية، أخبرها بعض السجناء هناك بأنَّ نشأتهم في مملكة إسلامية شديدة المحافظة ساهم في تطرفهم.
سجن الحائر
ياسر عصام حمدي، أحد السجناء الذي تمكن من مقابلة الصحفية الأمريكية داخل السجن، وهو مواطن أمريكي وُلد لأبوين سعوديين في ولاية لويزيانا، قال لها: "أتذكر ذهابي إلى ديزني لاند. كانت لطيفة جداً".
قال كذلك إنَّ عائلته انتقلت إلى السعودية عندما كان في الخامسة من عمره، وقبل هجمات الحادي عشر من سبتمبر/أيلول بقليل، ذهب للتدريب مع طالبان في أفغانستان، حيث أسرته القوات الأمريكية هناك.
يقول: "كنت شاباً، أو بالأحرى مراهقاً حين انضممت لهؤلاء الناس. وبدأت أتبنى بعض الممارسات المتطرفة".
ثم تخلى حمدي عن جنسيته الأمريكية وتمكن من العودة إلى السعودية، لكن السلطات ألقت القبض عليه فيما بعد.
من جانبها، تقول المملكة السعودية إنها أحدثت ثورة بسجن الحائر مؤخراً؛ في محاولة لإصلاح النزلاء بالموسيقى والرياضة، وحتى من خلال تأسيس شركة يديرها السجناء أنفسهم، تصنع العطور والأثاث.
فيما يقول منتقدو الحكومة السعودية إنَّ المنشأة تحتجز أيضاً سجناء سياسيين. ونفى المسؤولون السعوديون مزاعم تعرُّض سجناء هناك للتعذيب.
من جانبهم، تحدث العديد من السجناء عن نشأتهم في بلد إسلامي مغلق حيث تعرضوا للأصولية وتمجيد العنف، مؤكدين أن الرسائل المتطرفة التي نشأوا عليها في المدارس والمساجد السعودية لعبت دوراً بانتمائهم لجماعات إرهابية.
لكن حكومة السعودية تقول إنها تروج الآن لما تسميه الإسلام المعتدل. فقد حظرت الوعظ المتطرف، وحصلت النساء على مزيد من الحرية، وضمن ذلك الحق في القيادة، وأعيدت كتابة الكتب المدرسية، التي شجعت ذات يوم على العنف ضد غير المسلمين.
رفع السرية عن وثائق مهمة
كان الرئيس الأمريكي، جو بايدن، رحب قبل يومين بإيداع ملف يتضمن تعهداً بإجراء مراجعة جديدة للوثائق المتعلقة بهجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 والتي كانت الحكومة تفرض عليها غطاء السرية بالسابق، وذلك في أعقاب تحذيرات عائلات ضحايا تلك الهجمات من الانحياز إلى المملكة العربية السعودية.
حيث قال بايدن، في بيان: "تلتزم حكومتي بضمان أقصى درجة من الشفافية بموجب القانون، والالتزام بالتوجيه الصارم الصادر خلال إدارة أوباما-بايدن إزاء مسألة فرض غطاء السرية بذريعة أسرار الدولة".
بايدن أضاف: "في هذا الشأن، أرحب بإيداع وزارة العدل ملفاً يحتوي على تعهد بإجراء مراجعة جديدة للوثائق التي حجبتها الحكومة في السابق خلف ستار السرية، مع القيام بذلك بأسرع ما يمكن".
جاء ذلك عقب قيام مئات من أفراد عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول بتوجيه خطاب، يوم الجمعة 6 أغسطس/آب، إلى الرئيس الأمريكي، مُعلنين فيه معارضتهم لمشاركته هذا العام في مناسبة إحياء ذكرى الضحايا ما لم ينزع السرية عن وثائق حكومية يقولون إنها ستُظهر دعم قادة سعوديين للهجمات.
جاء في هذا الخطاب: "بعد عشرين عاماً، لا يوجد بكل بساطةٍ أي داعٍ، على غرار المزاعم غير المبررة بشأن الأمن القومي أو غيره، لاستمرار بقاء هذه المعلومات تحت غطاء السرية… لكن إذا خالف الرئيس بايدن التزاماته وانحاز إلى الحكومة السعودية، فسنضطر إلى الاعتراض علناً على أي مشاركة من جانب إدارته في أي احتفال يخص ذكرى 11 سبتمبر/أيلول".
كذلك، طالبوا في خطابهم بـ"تنفيذ سياسة تجاه السعودية توضح أنها يجب أن تعترف بدورها في الهجمات الإرهابية ضد مواطنينا والمقيمين، والتي لم تشمل في السنوات العشرين الماضية أحداث 11 سبتمبر/أيلول فحسب، بل القتل المروع لجمال خاشقجي، وقتل أفراد الخدمة الأمريكية في بينساكولا بفلوريدا، والتوقف فوراً عن دعم الأعمال الإرهابية".
واختتموا خطابهم، بالقول: "لدينا أمل كبير في أن يلتزم الرئيس بايدن على الفور بوعده لنا ثم يقف إلى جانبنا في النصب التذكاري لـ11 سبتمبر/أيلول في مدينة نيويورك، حيث يمكننا معاً تكريم أولئك الذين قُتلوا وأصيبوا، مسلحين بالحقيقة التي استغرقنا 20 عاماً للحصول عليها".
فيما بلغ عدد الموقعين على الخطاب نحو 1700 ممن وقع عليهم تأثير مباشر جراء الهجمات.
يشار إلى أن عائلات ضحايا هجمات 11 سبتمبر/أيلول تسعى منذ زمن طويل، للحصول على وثائق من الحكومة الأمريكية ذات صلة بمسألة ما إذا كانت السعودية ساعدت أو موَّلت أياً من الأشخاص التسعة عشر المرتبطين بـ"القاعدة" والذين نفذوا الهجمات المدمرة على مركز التجارة العالمي في نيويورك، ومقر وزارة الدفاع (البنتاغون) خارج واشنطن، إضافة إلى سقوط طائرة بحقل في بنسلفانيا. ولاقى ما يقرب من 3000 شخصٍ حتفهم.
كان 15 من الخاطفين التسعة عشر من السعودية. ولم تصل لجنة حكومية أمريكية إلى أي دليل على أن المملكة موَّلت "القاعدة" بشكل مباشر. وتركت السؤال بلا إجابة فيما يتعلق بما إذا كان مسؤولون أفراد قد فعلوا ذلك.
في حين رفعت أُسر ما يقرب من 2500 قتيل، وأكثر من 20 ألف جريح وشركة ومؤسسة تأمين، قضايا تطالب السعودية بمليارات الدولارات.