في لحظة تجلٍّ مع ذاتك تسأل أسئلة يصادف أن غيرك يسألها أيضاً، لأنها تحدث معهم، مثل سؤال: لماذا نضحك على الناس أثناء تعرُّضهم لمواقف محرجة؟ أحياناً تكون الإجابة: لأن الموقف أحمق بعض الشيء، والضحك هو الرد الوحيد المنطقي المناسب لهذه الحماقة، لكن أيضاً قد يكون الضحك وسيلة مساعدة لتخطي المواقف المحرجة وجعل الحياة أسهل، ولأسباب أخرى نستعرضها في التقرير التالي.
لماذا نضحك على الناس أثناء تعرضهم لمواقف محرجة؟
تخفيف جدية الموقف المحرج
الضحك في المواقف المحرجة قد يكون وسيلة لا واعية منا نقول بها للآخرين ألا يأخذوا الأمور على محمل الجد، ولتخفيف جدية الموقف المحرج، كما شرحت الأستاذة المساعدة في علم النفس بجامعة فيرجينيا الأمريكية، أدريان وود، لموقع Elemental للصحة النفسية التابع لموقع Medium الأمريكي.
لهذا، قد يكون الضحك على الناس أثناء تعرُّضهم لمواقف محرجة، محاولة لفك التوتر الاجتماعي وتهدئتهم بعد الموقف المحرج الذي تعرضوا له، وإخبارهم، ببساطة بأن ما مروا به ليس تهديداً.
الضحك وسيلة للترابط الاجتماعي
الجيولوجي البريطاني تشارلز داروين (1809-1882)، كان من أوائل من تكهنوا بأن الضحك أقدم أشكال التواصل البشري في كتابه "التعبير عن المشاعر في الإنسان والحيوان-The Expression of the Emotions in Man and Animals".
ومن وقتها، ركزت عشرات الدراسات السلوكية على رصد سلوك الضحك مثلاً لدى الأطفال الرضع، والذي يقوي الرابطة بين الأطفال والآباء، وغيرها من الدراسات التي تصل إلى نتيجة متشابهة، وهي أن رد الفعل الفكاهي يخدم كأداة تعليمية قوية لتغذية روابطنا الاجتماعية.
كما أننا نميل إلى الضحك أكثر عندما نكون مع أشخاص آخرين، وفقاً لصوفي سكوت، أستاذة علم الأعصاب الإدراكي في كلية لندن الجامعية، والتي تعرّفه باسم "الضحك الاجتماعي"، الذي يُحفز ويكون أسرع في البدء مع الآخرين.
لكنه وسيلة لممارسة الهيمنة
لكن أيضاً هناك "الضحك المزيف" الذي يستخدم للتعبير عن المكانة أو لممارسة الهيمنة، ذلك الذي يستخدمه المديرون والرؤساء والقادة لحماية مظهرهم أو التظاهر بأن الكلمات الحاقدة من خصومهم لا تؤثر فيهم، أو أحياناً يستخدمون الضحك كسلاحٍ للتقليل مما يقوله الآخرون.
وهذا يقول لنا إن الضحك وسيلة تساعد في التخلص من التوتر والضغط في لحظات التوتر الاجتماعي، مثل العزاء مثلاً، الذي يحدث أن يضحك فيه الشخص رغماً عنه ورغماً عن سياق الموقف الحزين.
فيما أشارت أستاذة علم النفس بجامعة ييل الأمريكية للأبحاث، مارغريت كلارك، في حوارها مع موقع Headspace، إلى أن بعض الناس يستخدمون الفكاهة في مواجهة الخطر؛ لاستعادة الشعور بالسيطرة على الموقف وتخطي المواقف العصيبة، لذلك قد يضحك صاحب الموقف المحرج على نفسه قبل الآخرين.
ترك فرصة للشخص للتخلص من إحراج الموقف
طُرح هذا السؤال للنقاش في مواقع مثل italki (منصة تعليمية إلكترونية باللغة الإنجليزية)، وكانت بعض الإجابات تتمثل في أن الضحك بالمواقف المحرجة محاولة من الأشخاص لترك مساحة للشخص الذي تعرض للموقف المحرج ليضحك بدلاً من أن يشعر بالخجل.
شعور عصبي ليست له علاقة بالموقف المضحك
ضمن الإجابات، كان هناك من يعتقد أن للأمر علاقة بالضحك العصبي الذي يأتي ضمن استجابة الجسم لموقف مؤلم، وأن السبب ربما أن الشخص الذي يضحك مصاب بدرجة من درجات هذا الضحك العصبي، ويحفز جسمهم فجأةً إنتاج الإندورفين، وهي مادة كيميائية تعمل على تهدئة العقل من التوتر.
ففي ستينيات القرن الماضي، أجرى عالم النفس الأمريكي ستانلي ميلغرام تجربة لتفسير سبب ضحك الناس على من يعانون الألم، حيث شاهد الشخص في التجربة شخصاً آخر لم يكن يعرف بالتجربة، بينما يتعرض لصدمة (لم تكن الصدمات حقيقية)، وعندما رد الأخير بالصراخ، لاحظ ميلغرام أن العديد من المشاركين في التجربة ضحكوا بإفراط، وهو ما سماه الضحك العصبي؛ أي الضحك من فرط التأثر العصبي والانفعال مع حدث مثير للتوتر، والذي قد يكون بدافع حماية أنفسنا من تصديق الطبيعة الحقيقية لما نشهده.
قد يهمك أيضاً: هل شاهدت يوماً شخصاً يضحك في عزاء؟ هو لا يقصد الإهانة.. فلماذا نضحك في المواقف الحزينة إذاً؟