أوقف قبائل شبوة اليمنية، الإثنين 6 سبتمبر/أيلول 2021، موكباً عسكرياً إماراتياً وهو في طريقه من الميناء البحري إلى عتق، على بعد حوالي 60 كيلومتراً، مطالبين إياه بتسليم قتلة أقاربهم بعدما اعتادت القوات الإماراتية التحرك بحرية بين ميناء بلحاف البحري ومعسكر العلم في عتق، وفقاً لما نشره موقع Middle East Eye البريطاني.
ففي يناير/كانون الثاني عام 2019، هاجمت قوات النخبة الشبوانية المدعومة من الإمارات، وبتغطية مروحيات إماراتية، منطقة الحجر في شبوة بهدف اعتقال رجلين من قبيلة آل المحضار. وقُتل 11 شخصاً بينهم نساء وأطفال في هذه العملية.
واعترفت الإمارات في وقت لاحق بقتلها غير المشروع للمدنيين وتوسطت السعودية لإبرام اتفاق يقضي بتعويض أبوظبي لذوي الضحايا، لكن العائلات تقول إن الإمارات لم تلتزم بالاتفاق، بل وفرضت القوات الشبوانية حصاراً دام أربعة أشهر على المنطقة قبل أن تستعيد القوات الموالية للحكومة المحافظة في أغسطس/آب عام 2019.
ومطلع عام 2021، أقامت العائلات خياماً أمام معسكر العلم العسكري، لكن مطالبهم بالتعويض والعدالة لقيت تجاهلاً مرة أخرى، وقال أحمد المحضار، المتحدث باسم عائلات الضحايا، لموقع Middle East Eye: "الإمارات هاجمتنا بطائراتها الحربية وميليشياتها ونحن داخل منازلنا. وقتلت أبناء شبوة وحاصرت الرجال والنساء والأطفال. والمحافظة كلها ترفض ذلك"، وأضاف: "نطالب القوات الإماراتية بتسليم القتلة وتعويض أسر الضحايا، وهذا ما نطالب به منذ عام 2019".
تصعيد محتمل
الإثنين، احتجزت قبيلة المحضار 15 مقاتلاً إماراتياً ويمنياً لعدة ساعات -بعد التوقيف الذي قال المتحدث إنه سلمي- وأطلقت سراحهم بعد وساطة سعودية، وقال صحفي في شبوة لموقع Middle East Eye، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن أسر الضحايا لم يجرؤوا على المطالبة بأي تعويض حتى استعادت القوات الموالية للحكومة السيطرة على المحافظة من المقاتلين المدعومين من الإمارات، الموجودين الآن في ميناء بلحاف ومخيم العلم العسكري.
وأضاف: "أعتقد أن قبيلة آل المحضار تعرضت لهجوم غير قانوني، وإنه لعار أن يهاجم اليمنيون المدنيين داخل منازلهم، لكن القوات الإماراتية وميليشياتها فعلت ذلك".
وتابع الصحفي: "لا بد من حل هذه المشكلة من خلال التقاليد القبلية وتمكين عائلات الضحايا من الحكم على القتلة بأنفسهم، لكن القوات الإماراتية لا تفهم مثل هذه الأشياء. بل تفهم لغة القوة فقط".
وقال الصحفي إن التعويض قد يكون هو الحل، ولكن إذا لم تتخذ أبوظبي خطوات لحل هذه المشكلة، فقد يُصعِّد زعماء القبائل الموقف. وأضاف أن "الاحتجاجات السلمية التي نظمها رجال القبائل لم تؤد لشيء، وبالأمس ولأول مرة في شبوة رأيناهم يعترضون موكباً عسكرياً إماراتياً". وأشار: "كانت القوات الإماراتية تتحرك بحرية في شبوة، لكن بالأمس كانت قبيلة آل المحضار هي من تفعل".
التواجد الإماراتي في اليمن
يشار إلى أن الإمارات تتنوع مصالحها في اليمن، لكن أحد الأهداف الرئيسية للدولة الخليجية الصغيرة -التي لا تشترك في حدود مع اليمن- هو أن تحتفظ بنفوذها على مضيق باب المندب. وهذا الممر المائي حيوي لمرور نحو 9% من النفط الخام والبترول المكرر المنقول بحراً في العالم.
تقول شيرين العديمي، الناشطة يمنية المولد والأستاذة بجامعة ولاية ميشيغان، لموقع Middle East Eye: "هدف الإمارات واضح جداً لي باعتباري يمنية، وهو أن تضمن وجود حكومة لها في اليمن تسهّل سفر نفطها عبر باب المندب". وقالت: "إنه موقع استراتيجي مهم كثيراً. ولهذا السبب كانت السعودية والولايات المتحدة تتدخلان في اليمن في الماضي. وهذا ما يدور حوله الأمر في الواقع".
تلجأ الإمارات إلى مناورات لبسط سيطرتها على بعض المواقع القوية على أمل الحفاظ على نفوذها على الموانئ وحركة المرور البحرية في المنطقة، من جزيرة سقطرى، التي تقع عند مصب خليج عدن، إلى جزيرة ميون، التي تقع في وسط باب المندب مباشرة.
وتؤكد الحكومة اليمنية أن هذه الجزر والموانئ لا تزال تحت سيطرة الإمارات حتى يومنا هذا، ففي مطلع هذا الشهر، قوّض محمد قيزان، وكيل وزارة الإعلام اليمنية، مزاعم الإمارات بإنهاء وجودها في اليمن.
وكانت الإمارات قد حولت المطار إلى قاعدة عسكرية لقواتها مع بداية الحرب ورفضت إعادة فتحه، لأسباب أمنية، على حد قولها. لكن الرحبي اتهم القوات الإماراتية بتحويل المطار إلى "سجن غير قانوني لارتكاب أشكال شنيعة من التعذيب بحق اليمنيين".